غزة | بعد أيام من المباحثات وانتظار ردّ الحكومة الإسرائيلية، يصل الوفد الأمني المصري إلى الأراضي الفلسطينية، لبحث تجديد حالة الهدوء بين المقاومة ودولة الاحتلال، حاملاً معه تطمينات وقرارات من حكومة العدو، بالتراجع جزئياً عن خطواتها المشدّدة تجاه قطاع غزة، بعد معركة «سيف القدس». وعلمت «الأخبار»، من مصادر مطّلعة، أن المصريين أبلغوا الفصائل الفلسطينية بنيّة الجانب الإسرائيلي إعادة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في القطاع إلى ما قبل المعركة الأخيرة، بشكل تدريجي. بالتوازي مع ذلك، تشهد المباحثات في شأن صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والعدو تطوّرات إيجابية، في ظل اقتراب تنفيذ المرحلة الأولى منها، والمتمثّلة في تقديم معلومات عن مصير الجنود الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح الأسيرات في سجون الاحتلال. ويرى المصريون أن تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة كفيل بإخراج الحكومة الإسرائيلية من حرَج اشتراطها ربط إعمار غزّة ورفع الإجراءات المشدّدة عن القطاع، بملفّ التبادل. وترفض المقاومة الفلسطينية ربط الملفَّين أحدهما بالآخر، مصرّة على إجراء مفاوضات عبر وفدين منفصلين، الأول يتعلّق دوره بوقف إطلاق النار والوضع الإنساني، والثاني عسكري - سياسي تتمحور مهمّته حول صفقة التبادل.
في هذه الأثناء، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال توسيع مساحة الصيد في قطاع غزّة، من 9 أميال إلى 12ميلاً بحرياً، إضافة إلى السماح باستيراد مواد طبية، وأخرى خاصّة بالصيد، ومواد خام للصناعة والنسيج، عبر معبر كرم أبو سالم. كذلك، سيتمّ تصدير المنتجات الزراعية والأنسجة من القطاع إلى الداخل. ومع أن تلك الخطوة لا تلبّي حاجات الغزّيين كاملة، وهو ما أبلغته حركة «حماس» للمصريين، محذرة من أن أسباب تفجّر الأوضاع لا تزال قائمة، إلّا أن القاهرة نقلت إلى الفلسطينيين أن الحكومة الإسرائيلية ستعيد فتح معبر كرم أبو سالم خلال الأسبوع الحالي، لإدخال البضائع العالقة في موانئ الاحتلال وفي المعبر، ولا سيّما أن جزءاً كبيراً منها يتعلّق بموسم العيد لدى التجّار في غزة.
تشهد مباحثات تبادل الأسرى تطوّرات إيجابية مع الاستعداد لتنفيذ المرحلة الأولى منها


وجاءت هذه التطوّرات بالتزامن مع وصول السفير القطري، محمد العمادي، برفقة نائبه خالد الحردان، إلى قطاع غزة، ليل أول من أمس، للقاء مسؤولين كبار في حركة «حماس»، وبحث استكمال مشاريع اللجنة القطرية لإعمار القطاع. وتسلّم السفير القطري تقريراً فلسطينياً من لجنة العمل الحكومي في غزة، حول الأضرار التي نتجت عن العدوان الإسرائيلي الأخير، وما تحتاج إليه عملية الإعمار خلال الفترة المقبلة. وعلمت «الأخبار» أن العمادي ناقش مع مسؤولي الحركة الآلية الجديدة لإدخال المنحة القطرية، فيما تسلّم كشفاً محدَّثاً بأسماء المستفيدين منها، إضافة إلى أسماء من عائلات فقيرة تمّ تسجيلها لدى وزارة الشؤون الاجتماعية في القطاع طيلة الأعوام الماضية، ولكن لم تشملها المنحة السابقة، بفعل رفض سلطات الاحتلال إدخالها ضمن دائرة المستفيدين. وكانت اللجنة الحكومية العليا في غزة أعلنت أن إجمالي الخسائر والأضرار التي تسبّب فيها العدوان بلغ 479 مليون دولار، موزّعة على: قطاعَي الإسكان والبنية التحتية بنسبة 61% تعادل 292 مليون دولار، وقطاع التنمية الاقتصادية بنسبة 33% تساوي 156 مليون دولار، وقطاع التنمية الاجتماعية بنسبة 7% تعادل 30 مليون دولار.



خالدة جرار ترثي ابنتها: أنا قوية... قوية
توفّيت الشابة سهى جرار، ابنة الأسيرة القيادية في «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، خالدة جرار، إثر نوبة قلبية حادّة، حسبما أفادت به العائلة. وفي بيانٍ لها، أوضحت عائلة جرار أن «الشابة سهى توفّيت في منزلها خلف مستشفى رام الله في ظروف طبيعية»، حيث أشار التشخيص الأولي إلى أن «سبب الوفاة نوبة قلبية حادّة، مع العلم أنها كانت تُعاني سابقاً من بعض الأمراض والأعراض البسيطة». ولفتت إلى أن «موعد الدفن سيُعلن عنه لاحقاً، حيث يبذل المحامون جهوداً للإفراج المبكر عن والدتها الأسيرة خالدة جرّار من سجون الاحتلال».
في غضون ذلك، قالت المحامية حنان الخطيب، لـ«الأخبار»، إن «الأسيرة خالدة جرار تلقّت خبر وفاة ابنتها بحزن، ولكن بصبر، وهي قوية». وكانت خالدة كتبت على صفحتها في موقع «فايسبوك» أن «الخبر موجع... موجوعة لأنني مشتاقة لها... لسهى حبيبة قلبي، بس سلّموا عالكل، وخليهن يديروا بالهن عحالهن، وطمنوهن أنا قوية... قوية». وأشارت الخطيب إلى أنها زارت بصفتها محامية جرّار، مع محامي «مؤسسة الضمير» محمود حسان، ومحامية «هيئة الأسرى والمحرّرين» هبة مصالحة، الأسيرة في سجن الدامون وأبلغوها خبر الوفاة، وأنه تمّ تقديم طلب السماح لها بالمشاركة في الجنازة وتوديع ابنتها. لكن حكومة الاحتلال رفضت طلب الإفراج المبكر عن المناضلة لحضور تشييع جثمان ابنتها.
من جهتها، أعلنت «هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين» أن «جهوداً قانونية ومؤسّساتية تُبذل للإفراج عن النائبة السابقة في المجلس التشريعي، خالدة جرار، وإنهاء اعتقالها فوراً، وذلك لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على ابنتها سهى، التي توفّيت مساء أمس (أول من أمس) في رام الله». ولفتت الهيئة، في بيان، إلى أنها «بذلت فور سماع نبأ الوفاة، جهوداً كبيرة للمساهمة في إنهاء اعتقال المناضلة خالدة بشكل عاجل، حيث تَواصل رئيس الهيئة، قدري أبو بكر، مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر وطالبهم بممارسة كلّ الضغوطات الممكنة حتى تتمكّن من وداع ابنتها».
ونعت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بدورها، باسم مكتبها السياسي ولجنتها المركزية وعموم أعضائها، «الرفيقة سهى جرار، ابنة الرفيقة القيادية الأسيرة خالدة جرار، أمّ يافا، والرفيق المناضل غسّان جرار». وقالت في بيان: «نتقدّم بأحرّ التعازي والمواساة من الرفيقة أمّ يافا والرفيق أبو يافا وعموم آل جرار برحيل ابنتهم سهى إثر نوبة قلبية حادّة، ونشاطرهم مشاعر الحزن بهذا المصاب الجلل الذي وقع وما زالت والدتها في الأسر داخل سجون الاحتلال».
(الأخبار)