سيكون منتخب لبنان واحداً من أفضل 12 منتخباً آسيوياً تأهلوا إلى تصفيات الدور الحاسم الآسيوي المؤهّل إلى المونديال المقبل «قطر 2022». المنتخب اللبناني تأهل الشهر الماضي عن المجموعة الثامنة بعد حلوله ضمن أفضل خمسة منتخبات احتلّت المركز الثاني في التصفيات. هذا الإنجاز هو الثاني للبنان بعد تصفيات مونديال عام 2014، وترافق مع تأهّل إلى نهائيات كأس آسيا 2023 في الصين من المرحلة الأولى وهو يحصل للمرة الأولى. فلبنان شارك في كأس آسيا مرتين. الأولى عام 2000 حين استضافها على أرضه في مدن بيروت وصيدا وطرابلس، والثانية في عام 2019 حين تأهل لكن من المرحلة الثانية وليس الأولى.تأهّل حزيران فرض تحديات كبيرة على المعنيين باللعبة والمنتخب، وتحديداً الاتحاد اللبناني ولجنة المنتخبات للظهور بأفضل صورة ممكنة. فالمنتخبات المتنافسة على أعلى مستوى. وفي القرعة، سيتم توزيع المنتخبات على مجموعتين، يضمّ كل منها 6 منتخبات، ويكون تصنيف المنتخبات للقرعة بحسب التصنيف العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في إصدار خاص يوم 18 حزيران/ يونيو. ويتأهّل بطل ووصيف كل مجموعة مباشرة إلى المونديال، فيما يتأهّل الفائز بين ثالثي المجموعتين لخوض ملحق دولي.
ومع حصول منتخب قطر مضيف كأس العالم 2022 على صدارة مجموعته في الدور الثاني، تأهّلت إلى الدور النهائي المنتخبات السبعة الأخرى التي تصدرت مجموعاتها وهي سوريا وأستراليا وإيران والسعودية واليابان والإمارات وكوريا الجنوبية، إلى جانب خمسة منتخبات تأهلت كأفضل الحاصلين على المركز الثاني وهي الصين وعمان والعراق وفيتنام ولبنان.
وبحسب تصنيف فيفا، يضم الوعاء الأول منتخبي اليابان وإيران، الثاني أستراليا وكوريا الجنوبية، الثالث السعودية والإمارات، الرابع العراق والصين، الخامس عمان وسوريا والسادس فيتنام ولبنان. ولا يمكن لمنتخبين من وعاء واحد الوقوع في المجموعة عينها.
يمتدّ الدور الحاسم على عشر جولات في 2 و7 أيلول/ سبتمبر، 7 و12 تشرين الأول/ أكتوبر، 11 و16 تشرين الثاني/ نوفمبر، 27 كانون الثاني/ يناير 2022، و1 شباط/ فبراير 2022، قبل أن يختتم في 24 و29 آذار/ مارس 2022.

الجهاز الفني والاستضافة
محوران أساسيان يقفزان إلى الواجهة لدى الحديث عن الاستحقاق المقبل. الأول فني ويتعلّق بتحضيرات المنتخب ومستقبل الجهاز الفني الوطني بقيادة جمال طه. والمحور الثاني تنظيمي يتعلّق باستضافة لبنان لمبارياته في حال استقر رأي الاتحاد الآسيوي على إقامة المباريات بنظام الذهاب والإياب وليس بنظام التجمّع.
موضوع الجهاز الفني سيكون بنداً رئيسياً على طاولة اللجنة التنفيذية للاتحاد الجديد الذي انتُخِب أول من أمس. فالخطوة الأولى ستكون تشكيل لجنة المنتخبات التي يترأسها حالياً عضو اللجنة التنفيذية الدكتور مازن قبيسي. ومن المتوقّع أن يبقى قبيسي في منصبه لأكثر من سبب. أولاً نجاحه في الانتخابات الأخيرة لولاية جديدة، حيث إنه من شروط رئيس أي لجنة في الاتحاد أن يكون عضواً في اللجنة التنفيذية. كما أن قبيسي يشغل هذا المنصب منذ سنوات وأصبحت لديه الخبرة إضافة الى المعرفة بتفاصيل المنتخبات، وبالتالي لا حاجة لتعيين رئيس جديد، خصوصاً أن الفترة قصيرة قبل انطلاق التصفيات بعد شهرين، وذلك بحسب العديد من المتابعين لهذا الملف.
حاجات المنتخب اللبناني كثيرة خلال هذين الشهرين. أولها حسم موضوع الجهاز الفني بقيادة جمال طه والذي انتهى عقده أمس، وبالتالي يجب على المعنيين حسم الموضوع سريعاً. إما التجديد لطه وجهازه الفني، أو التعاقد مع جهاز فني لبناني جديد، أو الذهاب نحو المدرب الأجنبي.
محوران أساسيان يقفزان إلى الواجهة لدى الحديث عن الاستحقاق المقبل: فني وتنظيمي


لكلّ خيار حسناته وسيئاته، إن كان على صعيد النتائج التي تحققت من قِبل طه وقصر الفترة المتبقية في حال كانت هناك رغبة في التجديد. أو البحث عن مدرّب لبناني آخر انطلاقاً من معرفة المدرب المحلي باللاعبين، علماً أن الخيارات ضيقة جداً والفوارق الفنية ليست كبيرة بين المدربين اللبنانيين. يبقى الخيار الأجنبي هو الأخير والذي يبدو أنه مطلب الجماهير اللبنانية نظراً إلى صعوبة المرحلة المقبلة وقوة المنتخبات التي سيواجهها لبنان.
لا شك أن القرار لن يتأخّر كثيراً مع حديث المسؤولين عن اللعبة وتحديداً رئيس الاتحاد هاشم حيدر مراراً عن أهمية الإنجاز وضرورة العمل للظهور بأفضل صورة.
تحدّيات المسؤولين لا تتعلّق بالشق الفني فقط. فهناك سؤال كبير: هل هناك ملعب مؤهّل لاستضافة لبنان لمبارياته، خصوصاً أن المعايير المطلوبة عالية جداً في مرحلة الدور الحاسم؟
رغم حجم السؤال فإنّ جوابه بسيط وسريع: بالتأكيد لا. هي «لا» كبيرة في ظل الأوضاع الصعبة، وبالتالي فإن الخيارات ضيقة وتكاد تنحصر في ملعب واحد هو ملعب صيدا البلدي. فبعد الجولة التي قامت بها وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه اوهانيان في المدينة الرياضية في بيروت بحضور حيدر ومدير عام الوزارة زيد خيامي والمسؤولين عن المدينة برئاسة رياض الشيخة، تبيّن أن ملعب المدينة الرياضية خارج الحسابات بشكل كبير نتيجة الحاجات التي يتطلبها كي يكون جاهزاً نتيجة الأضرار الكبيرة التي لحقت به من انفجار المرفأ، إضافة إلى غياب الأموال المخصصة للصيانة. فالفترة قصيرة والأعمال المطلوبة كبيرة والأموال التي بحاجة إليها طائلة، وبالتالي لا إمكانية للدخول في هذا المشروع.
هذا الأمر يضع ملعب صيدا في أول اللائحة التي قد لا تضم سوى اسمه. فهو يتمتع بأرضية عشب طبيعي بعيداً عن حالته، كما أن كلفة تأهيله أقل من كلفة تأهيل ملعب المدينة الرياضية. لكن كل عملية تأهيل تحتاج إلى أموال التي هي من مسؤولية الدولة. فهل الدولة مستعدّة ولديها أموال لتأهيل ملعب؟
سؤال يفتح الباب على فرضية أخرى في حال لم يكن هناك إمكانية لتأهيل أي ملعب. حينها سيصبح خيار اللعب خارج لبنان والطلب من بلد آسيوي استضافة مباريات منتخب لبنان. «خيار مرّ» يعني فقدان الجمهور اللبناني حق مشاهدة مباريات منتخبه وتشجيعه، كما أن المنتخب اللبناني يفقد سلاحاً رئيسياً في «معركته الطاحنة» وهو وسلاح الأرض والجمهور.
لكن في الوقت عينه، اللعب خارج لبنان يريح المعنيين من عدة أمور كون البلد المختار سيكون مجهّزاً بملاعب لخوض المباريات والتمرين، إلى جانب وجود نظام «VAR» التحكيمي المطلوب في الدور الحاسم. ومن المعلوم أن لبنان لا يملك هذا النظام، وبالتالي هذا يشكّل عبئاً إضافياً لتأمينه. لكن في النهاية من الممكن معالجة هذا الشق، إنما يبقى شق تأهيل ملعب صيدا أكبر من قدرة الاتحاد المحلي.
مسألة النظام التحكيمي المطلوب تفتح الباب على إمكانية خوض المباريات بنظام التجمع في السعودية أو الإمارات لبعض البلدان التي لا تملك هذا النظام. فلبنان ليس البلد الوحيد من ضمن البلدان الـ12 المشاركة. فالعراق لا يملك نظام «VAR» وكذلك الأمر لفيتنام ودول أخرى، وبالتالي قد يدفع هذا إلى اعتماد بلدان لديها هذا النظام.
هي هواجس وتحديات كبيرة تنتظر المعنيين في الفترة المقبلة، لكن الخطوة الأولى ستكون بانتظار نتائج القرعة التي ستسحب اليوم والتي ستحدد هوية المنتخبات التي سيواجهها لبنان. وبغضّ النظر عن القرعة والأسماء فمهمة لبنان صعبة جداً.