السذاجة ممنوعة في السياسة. وزيارة بطرك الموارنة اللبناني إلى «اسرائيل»، في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ المنطقة العربيّة، والصراع مع العدوّ، لا يمكن أن تكون محض «دينيّة» و«رعويّة». حتّى لو أرادها الصرح البطريركي كذلك، بكل صدق، فهذا غير ممكن. زيارة «برفقة» بابا الفاتيكان، أو «لاستقباله» (استقباله في الارض التي لم تعد لنا؟)، لا نجد كلمات لتوصيفها سوى بالخطأ الفظيع الذي سيحفظه كتاب التاريخ بالأحمر القاني. بل ستكون «خطوة انتحاريّة» قد يصعب تداركها مستقبلاً.
إن تلك المبادرة، المفاجئة من شخصيّة وطنيّة مثل الكاردينال بشارة الراعي، أيّاً كانت التزاماته الروحيّة وواجباته الكنسيّة، قد تكون لها عواقب خطيرة على الوحدة الوطنيّة، وانعكاسات سلبيّة، ليس فقط على فئة من صميم الشعب اللبناني حملت مشعل الوطنيّة والعروبة والتنوير والنهضة والمقاومة منذ قرون، بل أيضاً على مسيحيي الشرق بشكل عام. نظراً للمنصب الروحي الأرفع الذي يتحلّى به الكاردينال الراعي في المشرق العربي، ولموقع مسيحيي لبنان المحوري، من الصراعات الدائرة في المنطقة.
يتعرّض «مسيحيّو الشرق» اليوم لكل أشكال الضغوط والابتزازات والمذابح. كل العذر على استعمال هذا التصنيف الاستعماري الذي غذّته أزمنة الانحطاط والمذهبيّة. يراد للمسيحيين اليوم، بعد أن تمّ فرزهم، أن يكونوا كبش فداء.