أربيل | بينما تستعد الأحزاب السياسية الكردية لخوض الانتخابات البرلمانية 2014 وانتخابات مجالس المحافظات في إقليم كردستان العراق، تشتد المنافسة بين سبعة أحزاب وقوائم سياسية للحصول على أكبر عدد من مقاعد مجالس محافظات الإقليم الثلاث (أربيل، دهوك، السليمانية) ومقاعد مجلس النواب العراقي.
ولا يبدو المشهد الانتخابي داخل الإقليم كما كان عليه في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2010. فالحزبان الرئيسيان (الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) على خلاف شكلهما الموحد في قائمة التحالف الكردستاني، يشاركان في انتخابات البرلمان العراقي اليوم بشكل منفرد. وكذلك الحال مع حركة التغيير والأحزاب والحركات الإسلامية والمتمثلة في الاتحاد الإسلامي الكردستاني والجماعة الإسلامية. أما الأحزاب اليسارية التي تمثل القوى الصغيرة في الإقليم وهي (الحزب الشيوعي الكردستاني، وحركة كادحي كردستان، والحركة الاشتراكية الكردستانية) فتشارك في تحالف ضمني أطلقت عليه «التحالف الوطني الكردستاني».
من جهته، يرى المحلل ورئيس تحرير مجلة «شار» الكردية، كمال رؤوف، أن «تغيير الخارطة السياسية في إقليم كردستان وما أفرزته انتخابات برلمان الإقليم التي جرت في أيلول الماضي من نتائج غيّرت من موازين الأحزاب السياسية ونفوذها، قد يكون لهما تأثير في حظوظ الأحزاب حيال الفوز في الانتخابات التشريعية في البلاد، خاصة مع صعود حركة التغيير الكردية بزعامة نوشيروان مصطفى إلى المرتبة الثانية بعد الحزب الديموقراطي بزعامة رئيس الإقليم مسعود البرزاني، وتراجع الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني الذي أصبح الحزب الثالث في الإقليم. «هذه المتغيرات في الواقع السياسي الكردي ستلقي بظلالها على نتائج الانتخابات الحالية»، معرباً عن اعتقاده بأن «نتيجة الانتخابات البرلمانية ستكون مشابهة إن لم نقل نسخة طبق الأصل لانتخابات برلمان الإقليم، والأحزاب التي حصدت أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الماضية، ستحصل عليها في هذه الانتخابات أيضاً».
ولا يستبعد رؤوف إمكان «تحالف القوى الكردية مع القوائم السنية الفائزة، ما بعد ظهور نتائج الانتخابات، خصوصاً أن هناك تقارباً ما بين الحزب الديموقراطي الكردستاني والأحزاب السنية» على حد قوله، مؤكداً «أن الانتخابات ستفرز واقعاً سياسياً جديداً سيغيّر من الخارطة السياسية في العراق».
وفي سياق متصل، يقول مرشح ورئيس كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني لمجلس النواب العراقي مثنى أمين، لـ«الأخبار»: «إن التحالفات الكردية ستذهب للبحث عن تحالفات بعيدة عن «دولة القانون»، وذلك لأن الأحزاب الكردية تجد أن زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء نوري المالكي لم يفلح في تحقيق الشراكة الحقيقية في البلاد، ولم يتمكن من تحقيق الأمن والاستقرار أو توفير الخدمات، وقد سعت في الماضي إلى سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي»، مضيفاً أن «تحالفات الأكراد على اختلاف أنواعها وأشكالها ستذهب باتجاه القوائم الأخرى».
وتتشارك القوائم والكتل السياسية في برامجها الانتخابية التأكيد على تطبيق النظام الفدرالي في البلاد، وتطبيق المادة 140 من الدستور العراقي (المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد) وإعادة المناطق المستقطعة من إقليم كردستان، فيما يبدو التلويح بالكونفدرالية الخطوة التي تسبق قيام دولة كردية مستقلة واضحاً ضمن حملات الأحزاب الدعائية.
ويقول أمين «نعتقد أن النهج السياسي المتّبع من قبل الحكومة الاتحادية لا يبشر بخير، فلا يوجد تطبيق للنظام الفدرالي على أرض الواقع، وهناك انتهاكات مستمرة من قبل الحكومة للأكراد وصلت إلى حد قطع قوتهم وحرمان موظفي الإقليم من رواتبهم، وربما يبحث الشعب الكردي عن «هوية» فيما لو استمر هذا النهج، وإذا لم تتغير الوجوه الحكومية ما بعد الانتخابات».
وكان رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني قد حذّر في 12 من الشهر الحالي من أنه إذا لم تؤد الانتخابات العراقية إلى أن يصبح الأكراد شركاء حقيقيين في العراق، فسيصار إلى الدعوة إلى استفتاء يقرر شعب الإقليم من خلاله ما إذا كانوا يريدون البقاء مع العراق أو لا.
من جانبه، يقول المرشح عن قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني وعضو مجلس النواب العراقي الحالي دلير عبد القادر، لـ«الأخبار»، «في الدورة البرلمانية المقبلة سنركز على إعادة المناطق المستقطعة من إقليم كردستان والتي نعتبرها قضية مصيرية لنا، وأنا أجد أن مشاركة الأكراد في الحكومة العراقية الجديدة يجب أن تكون مشروطة بتطبيق المادة 140 من الدستور»، معتبراً أن «الضرورة لا تقتضي أن يكون الأكراد ضمن شراكة سياسية في العراق لا تقتنع بتطبيق هذه المادة التي نعتبرها «روح الدستور»، وإذا لم تلتزم الحكومة الاتحادية التي ستفرزها الانتخابات البرلمانية بتطبيق الدستور العراقي فسيكون «لكل حادث حديث».
وبينما يرى مراقبون سياسيون في الإقليم أن رئاسة الجمهورية باتت بعيدة من الأكراد، وأن رئاسة البرلمان العراقي هي الأقرب في الدورة البرلمانية المقبلة، يشدد مرشحو القائمة الخضراء (لقب يطلق على قائمة الاتحاد الوطني الكردستاني) على أحقية الأكراد في الحفاظ على رئاسة الجمهورية.
ويمضي عبد القادر بالقول في هذا الصدد «رئاسة الجمهورية من حق الأكراد لكونهم جزءاً من العراق، ولكونهم قدموا الكثير من التضحيات، سواء من ضحايا القصف الكيميائي أو عمليات الإبادة الجماعية، ونحن لن نطالب إلا باستحقاقنا ونجد أن رئاسة الجمهورية هي استحقاق طبيعي للأكراد».