صارت المحكمة الدولية «بعبعاً» يرعب الشرق! ويتمكن من استدعاء من يريد في الوقت الذي يريد، ويستخدم صلاحياته المخيفة كيفما يشاء، إلى درجة أنها تفوقت على الأنظمة الاستبدادية العربية، ووصلت إلى حد باتت تقضّ فيه مضجع النجوم العرب، الذين طلبنا منهم الإدلاء بشهادة في قضية استدعاء الزميل إبراهيم الأمين ونائبة مديرة الأخبار في تلفزيون الجديد كرمى خياط للمثول أمام المحكمة وتوجيه الاتهام لهما بتحقيرها، كوننا أمام قضية رأي عام تنتهك ما تبقى من حرمة لصاحبة الجلالة، فجاءتنا أصواتهم مختلفة عن الطريقة التي اعتدنا أن نتلقاها وهم يؤدون أدوارهم الجريئة على الشاشة الفضية. فالوضع على الأرض يختلف عن الشاشة.
هكذا، وصلت أصواتهم خائفة مرتجفة معتذرة بالسرعة القصوى. نجمة لبنانية قديرة قالت لنا: «إنسوني أرجوكم ليس لديّ ما أقوله»، فيما طلب نجم سوري شهير الابتعاد عنه في مثل هذه القضايا نهائياً. وأردف بنصيحة كاتب هذه السطور بالتخلي عن فكرة المقال، قائلاً بلهجته الشامية العريضة «انتبه على حالك منيح... ترى بكرا بيجيبوك إنت التاني ها».
كذلك هناك من انتفض غضباً، وقال حرفياً: «أعبر عن تضامني الكامل»، ثم عاد بعد دقائق قليلة ليتحسّس رأسه خوفاً من الانزلاق إلى هاوية لاهاي! على ضفة مقابلة، كان لآخرين رأي صريح ومباشر كالممثل العالمي غسان مسعود الذي قال في اتصاله مع «الأخبار»: «رأيي بكل بساطة هو بمثابة سؤال أطرحه على الملأ. فشخص مثلي لمن تظنونه ينحاز ومع من سيقف؟ هل أقف مع منطق القوة الظالمة وسياسات الدول الغاشمة، وأربّت كتف أدواتها ومحاكمها؟ أم أقف مع الأمين وخياط كممثلين حقيقيين لحرية الإعلام العربي وجرأته؟ من الطبيعي أن أكون إلى جانب الصحافيين، فما يحصل بحقهما مهزلة دولية جديدة تضاف إلى المهازل التي صار يضج بها العالم».
على فريق المحكمة
الدولية أن ينظر في المرآة ليكتشف الخرق الكبير الذي يعانيه
أما النجم اللبناني رفيق علي أحمد فقد اختار توجيه رسالة شكر عبرنا إلى المحكمة الدولية قائلاً: «فخور كمواطن لبناني بإعلام بلادي بعدما وضعته المحكمة الدولية في المرتبة العالمية عبر إبراهيم الأمين وكرمى خياط». وأضاف: «تستحق المحكمة الشكر، لكن ترى هل تملك الجرأة أن تتوجه صوب الإعلام الأوروبي والأميركي الذي يضعها ليل نهار في (مقلايته) التي لا ترحم كبيراً ولا صغيراً؟ أعتقد أنه كان من الجدير بتلك المحكمة بدلاً من استدعاء الصحافيين للمثول أمامها أن توجه لهما الشكر للفتهما نظرها إلى الخرق الكبير الذي تعانيه». يصمت صاحب مسرحية «الجرس» قليلاً ثم يكمل: «يا عيب الشوم. من العار أن نسمع بمثل هذه الدعوة من أعلى محكمة في العالم، إلى درجة بتنا نترحم فيها على حرية الإعلام والفكر في زمن الأنظمة المخابراتية العربية». أخيراً يختم الممثل شهادته بظرافته المعتادة فيقول: «أتمنى ألا يفهم من كلامي أنني ضد المحكمة الدولية، دخيلكن ما بدي روح على لاهاي، ولا بحب السفر».
أما الممثل والمخرج السوري سيف الدين السبيعي فيقول: «لا أعتقد أن شيئاً جديداً يحصل تحت سماء لبنان، نحن هنا أمام حالة تسييس جديدة وفبركة واضحة، ومن ثم تعدّ صريح على حرية الإعلام ومحاولة يائسة لفرض وصاية صريحة عليه من قبل جهات يفترض أن تكون منكبة على تطبيق القانون لا أكثر ولا أقل». وأضاف: «لسنا بحاجة لأن نقول نحن ضد استدعاء صحافيين بسبب نشر معلومات سربت لهم من المحكمة الدولية ذاتها، بل علينا أن نكون أكثر جرأة ونقول بأن هذه المحكمة مجرد مزحة سمجة في المكان والزمان الخاطئين. عسى أن يتبرع أحد ويوقظ هذا المجتمع الدولي ومحاكمه ويلفت نظرهم إلى سيل جرائم الإبادة بحق الأبرياء التي تحصل يومياً حول العالم، بدلاً من إضاعة الوقت في وضع العصي في عجلات حرية الإعلام وفرض أنواع جديدة من الوصايات الغريبة». على طرف آخر، يقترح مخرج الأفلام الوثائقية وصاحب شركة «سناب شوت» إياد شهاب إعادة تعريف مهنة الصحافة وتحديد مهماتها وإرسال الخلاصة «لفخامة المحكمة الدولية ممثلة بقضاتها وموظفيها التي يبدو أنها تجهل أو تتجاهل عن قصد مهمات هذه المهنة». ويضيف بالقول: «علينا أن نذكّرهم بأن على الصحافي أن يبحث، وعليهم أن يعرفوا حدودهم. لا يحق لهم أن يحاسبونا على أساليب البحث التي نتبعها، بل عليهم أن ينظروا في المرآة ليكتشفوا الخرق الكبير الذي يعانونه».
أما المنتجة اللبنانية رولا تلج فتقول: «ليس لدينا ثقة بمحكمة تترنح أثبتت عبر سنوات طويلة فشلاً تلو الآخر وسقطة وراء سقطة. أظن أن التوقيت الآن ليس مصادفة بعد سلسلة المقالات التي نشرها إبراهيم الأمين وترشح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية والموقف الذي اتخذته «الأخبار» من خطوته هذه. لذا يبدو لي جلياً أن جهات لبنانية داخلية حركت القضية المضحكة صراحة، لأنه يجب على المحكمة بدلاً من محاسبة الصحافيين على رسالة يؤدونها، البحث عن الثغَر الكبيرة التي تعانيها».