لم يعُد الكلام عن أزمة حكومية مفتوحة مجرد توقعات أو تكهنات. فخطوط التوتر بينَ الرئاستين الأولى والثالثة تُنذِر باستمرار البقاء في مأزق تتحلّل معه كل مظاهر الدولة والاستقرار والاقتصاد والأمن، فيما يتعاظم الخطر على الأمن الصحي مع خروج جائحة كورونا عن السيطرة.الحال الراهنة مرشحة للاستمرار على ما هي عليه أقله ستة أشهر إضافية، وهو الموعد الذي يفترض أن يتبيّن معه خير الإدارة الأميركية الجديدة من شرّها في ما يتعلق بملفات المنطقة. وهذا يعني أن صورة البلاد في المرحلة المقبلة ستكون على الشكل التالي: عهد محاصر، فراغ حكومي، برلمان معطّل، استنزاف مالي واقتصادي، اتساع بؤر التوتر وبؤس اجتماعي ومعيشي متفاقم.

أمام هذا الاهتراء، انتقل ملف تأليف الحكومة إلى مرحلة جديدة من المناكفات، إما أن تُفضي الى تسوية أو انفجار. فبعد الخلاف على الحصص والحقائب والأسماء، صارت المعركة في مكان آخر، يتضح فيها أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يريد أن يكون سعد الحريري هو الرئيس المكلف بتأليف الحكومة، بينما يردّ المقرّبون من الأخير بالتأكيد أن «لا اعتذار ولا تنازل».
وبعدما كانت كل رادارات القوى السياسية موجهة إلى الجهة التي ستتولى الوساطة بين عون والحريري، تحديداً بكركي التي بدأت مسعاها نهاية العام الماضي، وهو مسعى اصطدم بانعدام الثقة بين بعبدا ووادي أبو جميل، اعتبرت مصادر مطلعة أنه بعد تسريب الفيديو الذي اتهم فيه عون الحريري بالكذب، لن يتطوّع أحد للوساطة بين الطرفين، خصوصاً أن عون منذ البداية لا يريد الحريري، وهو الآن متمسك برأيه نتيجة تصرفات رئيس الحكومة منذ تكليفه.
في هذا الوقت الضائع، يستمر الطرفان في تبادل الرسائل المباشرة وغير المباشرة؛ فقد دعا تكتل «لبنان القوي»، في بيان إثر اجتماعه الدوري إلكترونياً برئاسة النائب جبران باسيل، الحريري الى التواصل مع رئيس الجمهورية لتأليف حكومة «تحترم وحدة المعايير وتكون إصلاحية ومنتجة بوزرائها وبرنامجها»، كما دعاه إلى أن «...يستأنف في أسرع وقت عمله بعيداً عن أي تأثيرات، والتزاماً بالقرار السيادي اللبناني، وبالحاجة القصوى لقيام حكومة إنقاذ».