لم تعد مشكلة الكهرباء قابلة للمعالجة جزئياً، وباتت تتطلب إعلان الحكومة حالة طوارئ للوصول الى صيغة تعيد تأمين الفيول بشكل مستدام لتحقيق تحسن في التغذية، الأمر الذي لم يلتفت اليه مجلس الوزراء حتى الساعة ولا وضعه على جدول أعماله، فيما، كسائر الأيام الماضية، غرقت بيروت أمس أيضاً في الظلام مع انحسار ساعات التغطية الى ساعتين أو ثلاث في الحدّ الأقصى. وحتى تطمينات وزير الطاقة ريمون غجر بتحسن التغذية، لم تعد تطمئن أبداً، وخصوصا بعد أن دق رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب نزيه نجم ناقوس الخطر في جلسة اللجنة المخصصة للكهرباء أمس، إذ لم تعد استدامة تأمين الفيول مرتبطة بوصول البواخر أو تأخرها، بل بمدى توفر اعتمادات في مصرف لبنان لشراء هذه المادة. وقد أزال نجم المسؤولية عن وزير الطاقة ليرميها في ملعب الحكومة، مشيراً الى عدم قدرة غجر على «اختراع المعجزات»، وسائلاً عن حجم الاحتياطي في مصرف لبنان إذا لم تستقم الأوضاع السياسية والمالية في البلد. فوزير الطاقة، وفقاً لرئيس اللجنة، غير قادر على وضع الخطط إذا لم تكن لديه هذه المعطيات. لذلك، على الحكومة إيجاد الحل في السياسة أو غيرها. وقد تم التأكيد في الجلسة على رفع ساعات التغذية الى ما يقارب 11 ساعة يومياً لبعض المناطق، وسط تأكيد غجر وصول الإنتاج الى 1400 ميغاواط في اليوم. هي القدرة الإنتاجية المتاحة بحسب الوزير، والتي من المفترض أن تؤمن استدامة بالحد الأدنى لغاية آخر العام. فتأمين مصرف لبنان نحو مليار دولار لشراء المحروقات لإنتاج الكهرباء، يعتبره غجر كافياً، ولا سيما «أننا لم نعد بحاجة الى مليار و600 مليون دولار مع انخفاض الكلفة وحجم الاستهلاك». لكن الاستقرار النسبي الذي تحدث عنه وزير الطاقة عبر تأمين مجموعة من الشحنات المجدولة، ليس مقنعاً لنجم. الأخير اعتبر «مبلغ المليار ونصف المليار سعراً قديماً على أساس 1500 ليرة لبنانية للدولار، وسيرتفع مع احتساب فرق العملة التي يتحملها مصرف لبنان»! وكرر نجم السؤال عمّا بقي من احتياطي الـ18 مليار دولار في المصرف المركزي قائلاً: «لا يمكن تحميل الوزير المسؤولية، بل أحمّل الحكومة التي من واجباتها إيجاد الحل».في سياق آخر، قالت مصادر مطلعة على جلسة مجلس الوزراء اليوم أنه سيتم التطرق الى تكليف شركة بإجراء تدقيق جنائي في مصرف لبنان، رغم عدم ورود البند على جدول الأعمال. وتشير المعلومات الى طرح وزير المال غازي وزني لأسماء عدد من الشركات حتى يصار الى اختيار واحدة. ويفترض أن تأتي هذه المسألة من خارج الجدول، فالبند الأول المطروح من وزني يتطرق حصراً الى طلب موافقة الوزراء على الصيغة النهائية للعقود المنوي توقيعها بين الحكومة وكل من شركة KPMG وOliver Wyman بهدف تبيان الاسباب الفعلية التي آلت بالأوضاع المالية والنقدية الى الحالة الراهنة من خلال القيام بالتدقيق المحاسبي في حسابات مصرف لبنان. الخرق البارز في جلسة اليوم هو البدء بطرح مشاريع قوانين إصلاحية تسهم في وضع الخطة المالية المفترض الاتفاق حولها موضع تنفيذ. وهذا المشروع يرمي الى استحداث عدد من الأحكام القانونية وتعديل بعضها الآخر المتعلق بالضرائب، كالإعفاءات الضريبية، والضريبة على القيمة المضافة، وقانون ضريبة الدخل، ونظام الشركات القابضة، ورسم الاستهلاك على المازوت، والتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود.
الحكومة تدرس مشروع ضريبة تصاعدية على الحسابات التي تفوق 400 ألف دولار

وفيما يُعد أهمها طرح فرض ضريبة إضافية تصاعدية على الحسابات الدائنة المفتوحة لدى المصارف التي تزيد قيمتها على مبلغ 400 ألف دولار لتكون بمثابة إجراء بديل أو مواز للهيركات، يبقى اقتراحا الضريبة على القيمة المضافة ورسم الاستهلاك على المازوت الأخضر، إذ من الممكن أن يتضمّنا إمكان زيادة هذه الضرائب، مع ما يعنيه ذلك من كارثة على المستهلكين، ومؤشر على عدم نية الحكومة إجراء إصلاح ضريبي جدّي يؤمن شيئاً من العدالة في فرض ضريبة تصاعدية على «الصحن الموحد» لدخل الأسرة، بدل زيادة الضرائب غير العادلة على الاستهلاك. ولم تتضح ماهية الاقتراح الذي لم يتم توزيع تفاصيله على الوزراء. وفيما كان ملف مراقبة الحاويات التي تدخل عبر المعابر البرية خلافياً، أعيد طرحه للنقاش على شكل مشروع مرسوم يتعلق بالنظام الإلزامي لمعاينة ومراقبة الحاويات والبضائع والمركبات لدى دخولها الأراضي اللبنانية وخروجها منها وخلال عبورها لهذه الأراضي وتحت الأوضاع الجمركية كافة، كشرط أساسي وإلزامي لإنفاذ المهمة المنوطة بإدارة الجمارك.