بغداد | دلالاتٌ عديدة حملتها زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، إلى المقرّ العام لـ«هيئة الحشد الشعبي». «الحشد قرّة عين العراق»، هكذا وصف الكاظمي المؤسسة الأمنيّة ــ العسكريّة التي «ترهب داعش»، مؤكّداً في كلمة له قبل يومين، أننا «مقبلون على صولة نهائية لاجتثاث داعش الساعي إلى إعادة تنظيم فلوله، ومقاتلو الحشد في مقدمة هذه الصولة إلى جانب إخوانهم في الجيش وبقية القوات». وأضاف الكاظمي: «قانون الحشد رقم 40، الصادر عام 2016، هو الإطار القانوني الذي يحمي هذه المؤسسة، وسندافع عنه». وإذ أشار إلى أنه «حشد الوطن»، فقد حذّر من «أصوات النشاز التي تحاول إيجاد فجوة بين الحشد والدولة».خطابٌ كان له صدى إيجابيّ لدى قيادة «الحشد»، وخاصّة أنّ الكاظمي شدّد على ضرورة إنصاف عائلات الشهداء والمضحين والحفاظ على وحدة المؤسسة بُعيد انشقاق أربعة فصائل محسوبة على «المرجعيّة الدينيّة العليا» (آية الله علي السيستاني) الشهر الماضي، وانتقال إمرتها إلى القائد العام للقوات المسلّحة مباشرة. مصادر عديدة ذكرت أن «الزيارة طمأنت أجنحة بارزة في الحشد»، فبعضها كان متوجّساً من الرجل، بل يعتقد أنّه سيعمل على تذويب الحشد ضمن وزارتي الدفاع والداخليّة». هنا يمكن تسجيل النقاط التاليّة:
1- حضور الفصائل المنشقّة، وعلى رأسها الأمين العام لـ«فرقة العباس القتاليّة»، ميثم الزيدي، يشي بجهد بعيداً من الأضواء لإرجاع تلك الفصائل إلى «الهيئة»، والبحث عن حلول للخلافات، والمعلومات تؤكّد أن توجّه النجف الحالي هو «الحفاظ على وحدة الحشد».
2- تدعم «المرجعيّة» خيارات الكاظمي في الحفاظ على «الحشد»، والأخير عبّر عن ذلك بالقول إن «القانون رقم 40/2016 هو الحامي لهذه المؤسسة»، وإن عقيدة هذه المؤسسة هي «الولاء للوطن والمرجعيّة». في المقابل، شددت المرجعية على تنفيذ هذا القانون تحديداً، وذلك في البيان الصادر (الجمعة الماضي) عن معتمدها في كربلاء، عبد المهدي الكربلائي، بقوله: «المرجعية تدعو إلى ضرورة تطبيق قانون هيئة الحشد، وتفعيل هيكلية الحشد بحذافيرها، مع توضيح المرتكزات التي من أجلها أُسّس وفق رؤى وفتاوى المرجعية الدينيّة».
كان حضور أبي فدك المحمداوي، رئيس أركان «الحشد»، بارزاً جدّاً


3- كان حضور أبي فدك المحمداوي، رئيس أركان «الحشد» (نائب رئيس «الهيئة» وخليفة أبي مهدي المهندس)، بارزاً جدّاً. صحيحٌ أن الرجل لم يُعيّن رسمياً، لكنّه حاضرٌ ومتابعٌ للمهمات التي أُسندت إليه. وفي سياق «حل أزمة الانشقاقات» من المرجّح الإبقاء عليه، ومنح الزيدي ومن معه المزيد من الصلاحيات والمواقع. هنا يبرز بيان عادل عبد المهدي بالدعوة إلى «تقويم وتصحيح بعض المسارات غير الصحيحة التي تجري عليها هيئة الحشد... وأن تكون قرارات الهيئة بالتشاور مع ألوية العتبات المقدسة».
4- تأكيد دور «الحشد» والعراق في مكافحة الإرهاب وفي التحولات الإقليميّة، وقد عبّر الكاظمي عن ذلك بالقول: «لسنا دولة هامشية»، مشيراً إلى أن «معركتنا لن تكون طويلة مع الإرهاب، ولكنها طويلة في الإصلاح». هذه التصريحات خُتمت بارتداء الكاظمي زي «الحشد»، في رسالة، وإن كانت رمزية، أكدت انتماء «الحشد» إلى الدولة، وحرص رئيس حكومتها على حماية مؤسسة توسم عالميّاً بالإرهاب.
5- صحيحٌ أن زيارة الكاظمي بروتوكوليّة، بعد زيارته لـ«الدفاع» و«جهاز مكافحة الإرهاب»، وقبل زيارته لـ«الداخليّة»، لكنّها تؤكّد استعادة «هيبة مؤسسات الدولة» التي تلاشت منذ 1 تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، كما تعكس الزيارة توجّهاً بتعاون المؤسسة الأمنية ــ العسكريّة، بكامل صنوفها، مع رئيس الوزراء، وهذا ما يريده الكاظمي قريباً لضبط التفلّت الأمني في مختلف المحافظات، من جرّاء تهديد «داعش»، أو أضرار المجموعات الخارجة عن القانون.
إلى ذلك، أطلقت «قيادة العمليات المشتركة» أمس حملة تمشيط واسعة لملاحقة فلول «داعش» شمال محافظة الأنبار، وجنوب محافظة نينوى، وغرب محافظة صلاح الدين، وصولاً إلى الحدود العراقيّة ــ السورية، عقب «الغزوات» التي شنّها التنظيم في تلك المحافظات قبل أيام، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى.