القرار البرلماني الأخير «قرار سيادي... يحفظ سيادة البلاد ويصون أراضيها»
هذا في الغاية، أما في المضمون، فالقرار القاضي بإخراج القوات العاملة في إطار «التحالف الدولي ضد تنظيم داعش» بقيادة واشنطن «يلزم الحكومة بجدولة انسحاب تلك القوات، سواءً الأميركية منها أم غيرها» بحسب ما توضح مصادر سياسية وأمنية لـ«الأخبار»، لافتة إلى أن «ثمة تكتّماً على عديد القوات الأميركية المنتشرة بهذه الصفة»، إذ تشير التقديرات الميدانية إلى أنها تتراوح بين 7 آلاف و 12 ألف مقاتل، يضاف إليهم 10 آلاف بين متعاقد مدني وشركات أمنية ومستشارين وموظفين، وبذلك يفوق عدد هؤلاء الـ20 ألفاً. في التنفيذ، سيكون رئيس الوزراء المكلّف، محمد توفيق علّاوي، في حال نجح في تشكيل حكومته، أمام تحدّي جدولة الانسحاب، والتي لا يبدو إلى الآن أن ثمّة تقديراً واحداً في شأنها. بعض المعنيين يؤكدون أن الأميركيين «باقون... وفي المرحلة المقبلة سيعيدون تموضع قواتهم في الشمال والغرب»، فيما يجزم آخرون أن «الإدارة الأميركية عازمة على سحب قواتها، ولكن بشكل تدريجي وعلى مراحل... حتى لا يكون الانسحاب مُهيناً». وفي هذا الإطار، تقول المصادر إن قائد القيادة المركزية للجيش الأميركي، كينيث ماكنزي، أكد، خلال لقائه رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، أخيراً، التزام واشنطن بالانسحاب التدريجي، ولكن من دون تحديد سقف زمني لذلك.
تأمل المصادر أن تواصل الحكومة الحالية مساعيها إلى تنفيذ قرار البرلمان، وأن تتابع الحكومة الجديدة هذه المهمّة من بعدها. وإذ تؤكد أن بغداد لا تزال على موقفها الرافض لأيّ مسمّى أو عنوان من شأنه أن يشكّل مظلّة لاحتلال آخر، وخصوصاً أن الأميركيين يسعون إلى صيغ حلول من هذا النوع، فهي تلفت إلى أن ثمة حاجات تدريبية سيحاول العراق حلّ الإشكاليات المتصلة بها عبر قناة «حلف شمالي الأطلسي» (الناتو)، وذلك بإرسال بعثات تدريبية إلى بلدان «الحلف»، أو «استقدام مستشارين وفق الحاجة العملية لا أكثر». كيف سيكون موقف فصائل المقاومة حيال تلك الصيغ؟ تنتظر الفصائل ما ستؤول إليه المساعي الدبلوماسية، محذرةً، وفق مصادرها، من أنها إذا التمست «استرخاءً» حكومياً، أو انصياعاً لضغوط خارجية، أو تمسّكاً أميركياً بالبقاء، فسيكون هناك «احتكاكٌ مباشرٌ مع القواعد الأميركية حصراً... في عمليات تحمل رسائل بالغة وتعكس قدرة الفصائل وجاهزيتها»، من دون إغفال «الصواريخ المجهولة»، والتي تُدرَج في كثير من الأحيان في إطار الرسائل التهديدية المُوجّهة إلى القوات الأميركية.
«المرجعية» تهاجم الصدر
دانت «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني)، أمس، أعمال العنف التي وقعت في مدينة النجف، مطالبةً القوى الأمنية بـ«عدم التنصّل من واجباتها في حماية المحتجّين». ووصف بيان «المرجعية» أحداث المدينة بـ«المؤسفة والمؤلمة... سُفكت فيها دماءٌ غالية بغير وجه حق».
وكانت المواجهات بين أنصار زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، ومحتجين، في أكثر من مدينة جنوبية، أسفرت عن مقتل أكثر من 8 أشخاص وجرح العشرات. وشدد البيان على أنه «لا غنى عن القوى الأمنية الرسمية في تفادي الوقوع في مهاوي الفوضى والإخلال بالنظام العام»، مطالباً إياها بأن «تتحمل مسؤولية حفظ الأمن والاستقرار، وحماية ساحات الاحتجاج والمتظاهرين السلميين، وكشف المعتدين والمندسين». وعلى رغم أن هذا الموقف يُعدّ امتداداً لمواقف «المرجعية» منذ بدء الحراك الشعبي، إلا أنه يتخذ هذه المرة بُعداً استثنائياً بعد دعوة الصدر أنصاره إلى مساندة القوات الأمنية في «ضبط الشارع»، وتكثيف الجهود لعودة الحياة إلى طبيعتها. وعلى خطّ التأليف الحكومي، قالت «المرجعية» إنها غير معنيّة بالتدخل أو إبداء الرأي في أيّ من تفاصيل التكليف أو التأليف، ما عُدّ ضوءاً أخضرَ غير مباشر لإطلاق عجلة التأليف. بدوره، أطلق رئيس الوزراء المكلف، محمد علّاوي، ورشة اتصالاته ولقاءاته مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية، إضافةً إلى ممثلين عن المتظاهرين، وذلك لوضع «خارطة طريق» يُحدّد من خلالها تركيبة حكومته المرتقبة.