صنعاء | من المنتظر أن يخرج يحيى سريع ببيان خلال أيام وربما ساعات. بيانٌ سيحمل الكثير من مفاجآت العيار الثقيل، التي تخفيها التطورات شرقي صنعاء. المعارك لم تنتهِ بعد، لكن ما يتكشّف حتى اللحظة هو تحوّل ميداني في حرب السنوات الخمس، لم تتوقّف عجلته بعد، بل بات يطرق أبواب مدينتَي مأرب وحزم مركز محافظة الجوف، ولو أنه لا قرار باقتحام مأرب. في النتائج، فضلاً عن إقفال بوابة صنعاء الشرقية بالسيطرة على آلاف الكيلومترات والضرب في معقل العاصمة العسكرية والاقتصادية للمعسكر السعودي، ما يتبيّن بعد أسبوع من سير المعارك أن الخسائر المادية والبشرية لهذا المعسكر سجّلت أرقاماً قياسية، مقابل إظهار القوات اليمنية قدرة على الحفاظ على الإنجاز.بينما أعلنت قيادة وزارة الدفاع التابعة للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، أول من أمس، بدء معركة صنعاء رسمياً، وتوعّدت بشنّ حرب ضروس في الجوف، استكملت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية السيطرة على مديرية مجرز التي تُعدّ ثاني مديرية تابعة لمحافظة مأرب، مُتقدّمة باتجاه ما تبقى من مديرية صرواح غربي المدينة. وعلى رغم تسويق قوات هادي التي تمتلك أسلحة حديثة ويسندها طيران« التحالف» مزاعم عن تقدّمها في محافظة الجوف، إلا أن قوات صنعاء أسقطت مديرية المتون، وهي تتقدّم باتجاه مديرية حزم الجوف مركز المحافظة. في ظرف يومين فقط، أصبح الحديث عن جبهة نهم خبراً من الماضي، واتجهت أنظار اليمنيين نحو ما بعد نهم. وفي ضوء التقدم المتسارع للقوات المشتركة، انتقلت المعركة العسكرية من جبال نهم الوعرة إلى السهول والأودية في مأرب، ووصلت الى صحارى الجوف الواسعة، وهو ما يشبه المعجزة العسكرية بمعيار التنوع الجغرافي وعدم التكافؤ التسليحي والعامل الزمني.
خلال أسبوع فقط، تمكّنت قوات الجيش واللجان من حسم جبهة نهم بالكامل، على رغم وجود جيوب مقاومة ضعيفة في أطرافها، لتقضي بذلك على كلّ مكاسب قوات هادي الموالية للتحالف السعودي والمسنودة بميليشيات «الإصلاح». وبعد تحرير فرضة نهم وما بعدها، حاولت تلك القوات خلال اليومين الماضيين استعادة ولو جزء يسير من مكاسبها التي فقدتها أخيراً في جبال ملح وفي محيط هيلان، لكنها فشلت، لتكون المفاجأة الصادمة لها سقوط مديرية مجزر في مأرب بكاملها، واقتراب قوات صنعاء من مدينة مأرب، وفقاً لمصادر عسكرية. مصدر محلي أكد، لـ«الأخبار»، أن مديرية مجزر الواقعة الى الشمال الغربي من محافظة مأرب، والبالغة مساحتها 10.477 كلم، تحرّرت بالكامل في عملية عسكرية نفذتها قوات الجيش واللجان استغرقت خمسة أيام. وأشار إلى أن «قوات هادي المشكّلة من ثلاث مناطق عسكرية، هي السابعة والسادسة والثالثة، والمسنودة بعشرات الغارات من طيران تحالف العدوان وقعت تحت كمّاشة الأسر»، مضيفاً إنه «بعد تحرير مجزر، انتقلت قوات الجيش واللجان لاستكمال ما تبقى من صرواح».
القوات المشتركة تمكّنت مساء أمس من السيطرة على مدينة براقش التاريخية


في الأثناء، كشفت مصادر عسكرية في القوات التابعة للتحالف السعودي عن قيام طيران الـ«أباتشي»، أمس، باستهداف مركبات عسكرية تقلّ جنوداً كانوا يستعدّون لخوض مواجهات مع مقاتلي صنعاء على تخوم محافظة مأرب. ووفقاً للمصادر، فإن الاستهداف حدث بالقرب من نطاق المواجهات التي تدور في تبة المطار في مديرية صرواح، وأدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 60 جندياً من عناصر تلك القوات. وفي الوقت الذي تفيد فيه أنباء بسقوط معسكرَي الماس وكوفل في صرواح غربي مأرب، أكدت مصادر عسكرية في محافظة الجوف، التي تشهد مواجهات عنيفة منذ أكثر من خمسة أيام بين الطرفين، اتساع نطاق المواجهات من شمال مجمع المتون الحكومي حتى منطقة معيمرة الواقعة في حدود مديرية المصلوب. ووفقاً لمصادر قبلية، فقد استمرّ هجوم قوات صنعاء حتى تمكّنت من السيطرة على المجمع الحكومي في مديرية المتون، وأيضاً على منطقتَي معيمرة والجرعوب، وصولاً إلى الخطّ الاسفلتي، ونصبت نقاطاً أمنية على الخط العام. وأمس، تمكّنت من بسط سيطرتها الكاملة على مديرية المتون، لتنتقل المعارك إلى جبهة خب والشعف وأجزاء من مديرية مدغل. وتقول المصادر إن قوات صنعاء تقدّمت إلى مناطق قريبة من مديرية حزم الجوف، مركز المحافظة. كذلك، علمت «الأخبار» أن القوات المشتركة تمكّنت، مساء أمس، من السيطرة على مدينة براقش التاريخية التي تتبع إدارياً لمديرية حزم الجوف، بعد معارك هي الأعنف منذ 2016. في الوقت نفسه، دارت معارك عنيفة في منطقة العقبة الواقعة بين محافظتَي الجوف ومأرب، حيث يعمل الجيش و«اللجان» على السيطرة على هذه المنطقة، بعد يوم واحد من تأمين سيطرتهما على المثلث الرابط بين محافظات الجوف ومأرب وصنعاء ــــ مفرق الجوف.
وتتويجاً لتلك الإنجازات المتسارعة في محافظتَي الجوف ومأرب، أظهرت مشاهد بثّها ناشطون سيطرة قوات الجيش واللجان الشعبية على معسكر قيادة المنطقة العسكرية السابعة المعروف باسم «لواء النصر» الموالي لهادي، في محافظة الجوف. المشاهد أظهرت قيام مسلّحي الجيش بانتزاع صور الرئيس المنتهية ولايته من بوابة «معسكر النصر»، فيما كان طيران «التحالف» قد شنّ أكثر من 12 غارة جوية على المنطقة عقب سقوط المعسكر، وفق ما أفادت به مصادر محلية، في محاولة منه لإسناد قوات المنطقة العسكرية السابعة التي انسحبت بالكامل.
أصبحت المواجهات على مشارف مدينتَي مأرب والجوف، وسط تقدّم كبير لقوات صنعاء التي تمكّنت من قطع خطوط الإمداد كافة بين مأرب ونهم وبين مأرب والجوف من الاتجاهات كافة. ومنذ أن تمكّنت من السيطرة على أكثر من 3 آلاف كلم في نهم ومأرب والجوف، والنطاق الجغرافي أمام هذه القوات يتّسع يوماً بعد آخر، على حساب القوات الموالية لـ«التحالف» والتي تتفاقم خسائرها المادية وكذلك البشرية. ووفقاً لمصادر عسكرية، فإن البيان المرتقب للمتحدث باسم القوات اليمنية، العميد يحيى سريع، سيحمل هذه المرّة أكثر من مفاجأة.