فجأة، ومن دون سابق انذار، اعلن عميد كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور محمد الصايغ استقالته من منصبه الذي يشغله منذ عشر سنوات. وتم ابلاغ جميع العاملين معه بالقرار عبر بريد الكتروني لم يشرح الاسباب. الصايغ نفسه، الذي حاولت «الأخبار» التواصل معه للوقوف على رأيه، رفض إعطاء أي تصريح مرتبط بالموضوع.استقالة الطبيب المتخصص بطب الكلى وزرع الأعضاء ونائب رئيس الجامعة الأميركية للشؤون الطبية المحسوب على رئيس الحكومة المستقبل سعد الحريري، أثارت جدلاً واسعاً في أوساط الجامعة، خصوصاً أنها جاءت بعد سلسلة اجتماعات عقدت مؤخرا، وتناولت ملفات ادارية تتعلق بعمل قسم الطب والمستشفى. وقد جهد الصايغ في اقناع العاملين، خصوصا الجسم الطبي، بعدم التصعيد ضد ادارة الجامعة.
مصدر مطلع اكد لـ«الاخبار» ان الاستقالة جاءت في سياق التوتر الكبير الذي تتسم به علاقة الصايغ بخوري، وأن عميد كلية الطب دُفع الى الاستقالة دفعاً ضمن برنامج ضغط متواصل قاده خوري ضده منذ وقت غير قصير. علما انه سبق ان جرى الحديث عن تنافس بينهما على منصب رئاسة الجامعة، ووجود تنازع على الصلاحيات، حيث يشتهر خوري بفرديته وعدم احترامه لصلاحيات الآخرين، وسعيه الدائم الى التدخل في كل شيء. وهو ما اتضح من خلال التعديل الذي رافق قبول استقالة الصايغ، بالغاء منصب نائب الرئيس للشؤون الطبية من جهة، والفصل التام بين عمادة كلية الطب وبين ادارة المركز الطبي الجامعي (المستشفى) من جهة ثانية، ما يتيح لخوري الامساك اكثر بمفاصل القرار والادارة اليومية.
ورغم ان الصايغ كان احد المرشحين لتولي منصب رئاسة الحكومة، وهو من المرشحين لتولي منصب في الحكومة المزمع تشكيلها نظرا الى قربه من الحريري. الا ان الاستقالة لا تبدو متصلة بذلك، بقدر ما تعكس المناخات السلبية في الجامعة الاميركية نتيجة سياسات خوري التي أثّرت بقوة في مصداقية الجامعة وحياديتها كصرح اكاديمي، واحتمال انتقال هذا السلوك السيئ الى مستشفى الجامعة الذي يواجه مشكلات ادارية صعبة، وحالة احتقان من قبل الجمهور بسبب الارتفاع الكبير في مخصصات المدراء والاطباء، ما ينعكس ارتفاعا هائلا في كلفة العلاج على المرضى. علما انه لم يجر تعزيز الجسم الخدماتي من ممرضين واداريين وعاملين في المستشفى، بناء لسياسة خوري نفسه.
معلوم ان خوري يعمل من دون توقف على اقحام الجامعة في ملفات سياسية مختلفة، من بينها رغبته بتولي رعاية الحراك الشعبي، واقتراحه على السلطات في لبنان لائحة من 58 مرشحا لتولي مناصب وزارية، تضمنت بعض الشخصيات اللافتة، في مقدمها العميد مارون حتي الذي تحدث مؤخرا في مؤتمر في المنامة داعيا الى مواجهة بين الجيش والمقاومة.