هذا الإعلان الذي طرح أكثر من علامة استفهام حول التوافق على اسم كانَ حتى أول من أمس مستبعداً، وخياراً عصيّاً باعتراف الجميع، لم يتأخر حتى زادت الشكوك من حوله. فقد لحقت به مجموعة من التصريحات والتصريحات المُضادة لتخرُج أول شرارة مُنبئة بسقوط الاتفاق. صباحاً، بدأت مصادر الحريري تسّرب خبراً عن أن «تيار المُستقبل لن يشارك في الحكومة العتيدة إن لم تكن حكومة تكنوقراط، واسم الوزير السابق محمد الصفدي كان من ضمن مجموعة من الأسماء جرى طرحها، منها تمام سلام لكنه رفض». وأضافت أن «لا موعد لاستشارات نيابية ملزمة، والأمور تحتاج إلى المزيد من التشاور رغم الكلام الذي تردد عن خرق معين». هذا الجو استفزّ حزب الله وحركة أمل إلى حدّ الذهاب، لأول مرة، الى إصدار توضيح عبر «مصادر الخليلين»، جاء فيه «لقد أصررنا على أن يتولى رئاسة الحكومة الحريري نفسه، ولا مانع عندنا من أن يكون ثلثا الحكومة تكنوقراط، غير أن الحريري أصرّ على تكليف غيره، وبعدما أكد أن الرئيس تمام سلام يرفض ترؤس الحكومة بادر إلى القول بأن رؤساء الحكومة السابقين، مجتمعين، وافقوا على الصفدي، وتعهد بأن يتمثل المستقبل وأن يسمي الوزراء فيها. وتعاطينا مع هذا الأمر بإيجابية طالما حصل على إجماع المعنيين»، قبلَ أن يوضح «بيت الوسط» عبر مصادر بأن «ما جاء في بيان الخليلين غير دقيق لأن الحريري لم يقدّم أي تعهدات».
ما تقصّد الحريري تسريبه عبر مصادر استفزّ حزب الله وحركة أمل
لكن الغريب كان في «الموافقة» التي نقلها الحريري عن رؤساء الحكومة السابقين بأنهم لا يمانعون تسمية الصفدي، علماً بأن وقائع اجتماع الحريري بهم كانت عكس ذلك كلياً. وبحسب معلومات «الأخبار»، توجه الحريري الى كل من الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام بالقول «إذا كنتما ترفضان تكليفكما فأنا سأذهب الى خيار الصفدي كرئيس للحكومة». فأجاب ميقاتي: «إنت عم تتشاطر وأنت تعلم بأنه غير مناسب، ما تفعله هو كسب للوقت». رد الحريري «هل ستوافق عليه؟»، فقال ميقاتي «سأذهب الى الاستشارات وأسمّي سعد الحريري». وبعدَ البلبلة التي حصلت، جرى اتصال بين الرؤساء الثلاثة (سلام وميقاتي وفؤاد السنيورة) يومَ أمس وتم الاتفاق على اصدار بيان عنهم أكدوا فيه «أنه منذ بداية الأزمة السياسية شددنا على موقفنا الأساسي بإعادة تسمية رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لتشكيل الحكومة الجديدة».
بدا واضحاً أمس استياء القوى الأساسية في 8 آذار من هذا الجو، إذ اعتبرت بأن «الحريري يستمر في المراوغة»، مرجحة أن «يسقط الاتفاق على الصفدي في الساعات المقبلة». وتقول المصادر إن «يوم الاثنين سيكون حاسماً، ويجب انتظار الموقف النهائي للصفدي الذي يُمكن أن يكون قد تغيّر بسبب ما أثاره من ردود سلبية في الشارع، ولا سيما في مدينته طرابلس، وموقف كل من ميقاتي وسلام والسنيورة». وحتى لو ثبتَ على موقفه، لا يُلغي ذلك بأن «عملية التشكيل ستكون صعبة، بسبب شروط الأفرقاء على تمثيلهم وما سيتضمنه البيان الوزاري، أضِف الى ذلك احتمال تفاقم التظاهرات رداً على تسميته، إذ يراه الشارع رمزاً من رموز الفساد ومتعدّياً على الأملاك البحرية». لماذا إذاً وافقوا عليه، وتحديداً حزب الله وحركة وأمل، وهم يرون فيه اسماً مستفزاً إذاً؟ تقول المصادر إن «من يعرِف عقل الثنائي يدرك تماماً خوفهما من استخدام الشارع ومذهبة الأزمة». وتشير المصادر إلى أن تمسّك الثنائي «بشخص الحريري مردّه أنهما يفضلان التعامل مع الأصيل بدلاً من الوكيل»، وأن «إصرارهما على أن يكون أي رئيس مكلف غير الحريري محظياً بغطاء الأخير، نتيجة الحذر من أن يستخدم رئيس الحكومة المستقيل الشارع لتأليب بيئته ضده وضد فريق 8 آذار».