لا شكّ أنها مهمّة صعبة على اللبنانيين، والواقع الكروي بين المنتخبَين يخلص إلى أن الهدف الرئيسي لدى القيّمين على المنتخب هو انتزاع تعادل أو الخروج بأقلّ الخسائر. هذا على الورق، لكن في الملعب كلّ شيء ممكن. حصل هذا السيناريو قبل ثماني سنوات ويوم واحد بالتمام والكمال، ثم حصل قبل حوالى ست سنوات، واليوم ممكن أن يحصل. هذه هي كرة القدم التي أحياناً لا تعترف بالأرقام والتحليلات والترجيحات.
هل سيعيد التاريخ نفسه؟ سؤال يتمنّى كثيرون أن تكون إجابته، نعم.
حين فاز لبنان قبل ثماني سنوات، لم يكن أحدٌ يتوقّع هذا الأمر، خصوصاً أن مباراة الذهاب انتهت بسداسيّة للكوريين. صحيح أن منتخب «الأرز» كان حينها في أفضل أيامه ودخل المباراة مع الكوريين بعد أيام قليلة من فوزه على المنتخب الكويتي (1-0) في عقر داره. لكن حينها كان المنتخب الكويتي شيئاً والمنتخب الكوري الجنوبي شيئاً مختلفاً كلياً.
كثيرون يذكرون تلك المباراة المجنونة في 15/11/2011. أكثر من 40 ألف مشجّع احتشدوا على مدرجات ملعب المدينة الرياضية. وثقوا بالمنتخب، حضروا، آزروا، شجّعوا... واحتفلوا. دقيقتان ستبقيان محفورتين في أذهان اللبنانيين. 5 و32. في الدقيقة الخامسة افتتح علي السعدي التسجيل للبنان. عادل الكوريون من ركلة جزاء في الدقيقة 22، لتأتي الدقيقة 32 التاريخية. ركلة جزاء للبنان والمنفّذ قائد فريق النجمة الأسبق عباس عطوي. يضع الكابتن عباس الكرة عند نقطة الجزاء. يبتعد بضع خطوات إلى الوراء ثم يتقدم ويسجّل إلى يمين الحارس الكوري الهدف التاريخي. احتفالٌ جنوني وهستيريا في ملعب المدينة الرياضية.
عطوي: لن أنسى في حياتي لحظة تسجيلي ركلة الجزاء
كثيرون تساءلوا عن شعور عطوي قبل تسجيل ركلة الجزاء؟ أعصابه؟ شعوره؟ بماذا فكّر؟ وهل ما زالت الذكرى حاضرة في ذهنه بعد ثماني سنوات.
«سجلتُ أهدفاً كثيرة مع النجمة ومنتخب لبنان، لكن هذه تبقى اللحظة الأهم التي لن أنساها في حياتي» يقول عطوي في حديثه إلى «الأخبار». «حينها كان المنتخب في أفضل أحواله وكنّا فائزين على الكويت قبل أيام ولا نريد أن نخسر، لكن صراحة لم نتوقّع الفوز» يضيف الكابتن عباس عن مباراة كوريا الجنوبية حينها.
وعن ركلة الجزاء التي سجلها فذكرياتها ما زالت حاضرة في بال عطوي. «حينها كان من المفترض أن يسدّد القائد رضا عنتر ركلة الجزاء. لا أذكر ما إذا كان قد طلبَ مني تسديدها أو أنني طلبت. أخذتُ الكرة ووضعتُها على نقطة الجزاء. قررتُ أن لا أفكر بأيّ شيء. أسجل أم أهدر. حتى أنني تعمّدت أن لا أرى الجمهور الموجود خلف المرمى. نظرت إلى الحارس. يبلغ طوله حوالى 190 سنتم. وبالتالي يجب التسديد في الزاوية الأرضية. اخترت الزاوية اليمنى وسدّدت. سجلت الهدف وبعدها لم أعد أشعر بشيء أو أذكر شيئاً. لا أذكر كيف احتفلت أو أين ذهبت. اليوم وبعد ثماني سنوات وحين أشاهد اللقطات وأسمع صوت المعلق جوزف أبي شاهين الذي جمّل اللحظة بكلامه عن حلم اللبنانيين وأملهم قبل تسديد ركلة الجزاء، أشعر كأنّ المباراة كانت بالأمس. لن أنسى هذا الهدف في حياتي»، يقول عطوي واصفاً اللحظة حينها بتأثّر.
الإنجاز اللبناني أمام الكوريين كاد أن يتكرّر بعد سنتين، بعد أن تأهل لبنان إلى الدور النهائي لتصفيات كأس العالم 2014 وأوقعته القرعة مجدّداً مع المنتخب الكوري الجنوبي. كان اللقاء في 04/06/2013. كان لبنان قريباً من الفوز حين تقدّم بهدف حسن معتوق. كان لبنان متقدّماً حتى الدقيقة 97 حين خطف الكوريون التعادل من كرة حرة.
اليوم يتكرّر المشهد، لكن منقوصاً بغياب الجمهور بعد قرار القوى الأمنية. لكن من الممكن أن يتكرّر الإنجاز. فعناصر اليوم لا يقلّون أهمية عن عناصر الأمس. فبرأي عباس عطوي يملك منتخب لبنان عناصر مهارية أكثر من لاعبي منتخب لبنان حينها. «هؤلاء كانوا يتمتعون بالخبرة. اليوم لاعبو المنتخبي مهاريون أكثر، لكن ينقصهم اللعب الجماعي. أتمنى أن نفوز ونكرّر الإنجاز» يختم عطوي حديثه لـ«الأخبار».