يرى علي في تطوّرات العدوان على الشرق، أن «مرحلة الأطماع التاريخية قد ولّت، ولن يستطيع أردوغان فعل ما فعله أجداده في لواء اسكندرون»، معتبراً أن «العدوان على منطقة الجزيرة سيكون سبباً لاهتزازات كبيرة في تركيا ومقدمة مراجعة وصحوة لمواقف بعض مكوّنات الشعب السوري، التي تورّطت مع الأميركي والتركي والقوى التي استثمرت في الإرهاب».
لكنّ ذلك لا يؤثّر على الموقف السوري، بحسب الدبلوماسي، الذي يرى أن «الموقف السياسي السوري اليوم في أفضل حالاته منذ سنوات، بعد الصمود السوري والانتصارات التي سجّلها الجيش وحلفاؤه في الميدان، وثبات محور المقاومة في كلّ الميادين على مدى السنوات الماضية، والتي تشكّل سوريا الشريك الأساس فيها من جنوب لبنان إلى غزّة». بالنسبة إلى علي، تُبدي سوريا ترحيباً بمواقف الدول العربية التي أدانت العدوان التركي، معلّقاً: «من الجيد أن نرى صحوة ضمير عند البعض، لكنّها خطوة على طريق ألف ميل، فلو سقطت سوريا لزلزلت المنطقة بكاملها، صمودها شكّل ضمانة لمنع تفكّك الدول حتى التي تآمرت على سوريا».
اهتمام السفير السوري بالوضع اللبناني كبير، وهو يتحدّث عن التطورات على الساحة اللبنانية بقلقٍ منضبط. يستغرب كيف أن سوريا استطاعت التخفيف من خسائر قطاع الكهرباء إلى الحدّ الأدنى ورفع مستوى التغذية إلى أكثر من 20 ساعة يومياً في أغلب المحافظات، بعد كل التخريب الذي لحق بهذا القطاع في سنوات الحرب، وكيف أن لبنان لم يستطع حتى الآن حل هذه الأزمة، التي باتت تشكّل خطراً على ميزانية الدولة. «سوريا عرضت تزويد لبنان بالكهرباء من ثلاثة مصادر، وبأسعار أقل من الأسعار التي يتكلفها لبنان، ومع ذلك لا نرى حلولاً جديّة للأزمة ولا محاولات للاستفادة من العرض السوري. وسمعت أن هناك عرضاً من الأردن قد يتم القبول به، يعني نستجرّ كهرباء عبر سوريا لكن ليس من سوريا. عجيب»، يقول السفير السوري.
العدوان على منطقة الجزيرة سيكون سبباً لاهتزازات كبيرة في تركيا
يحمّل السفير السوري الأميركيين والفريق المتعاون معهم في الداخل اللبناني أزمة العملة الصعبة في البلاد، لكنّه يؤكّد أنه لولا تعامل البعض مع العقوبات والضغوط الأميركية، بالترحيب، لما انعكس الأمر بهذا الحجم على الوضع الاقتصادي. ويشير إلى أن المصارف تتعامل بعقلية «ملكيّ أكثر من الملك»، وهم ينفّذون أكثر بكثير مما يطلبه الأميركيون، وتحديداً على المواطنين السوريين، الذين يُمنعون من فتح حسابات في المصارف اللبنانية، ويتم التضييق عليهم بلا مبرّر.
وبشكل واضح، ينتقد علي الحكومة اللبنانية، «التي لا تعير الاهتمام المطلوب للتعاون الاقتصادي بين البلدين، وعدم الاستفادة من التطورات الميدانية خصوصاً لناحية فتح معبر نصيب مع الأردن والبوكمال مع العراق»، واصفاً الأمر بأنه «تعامل بميوعة وعدم تقدير للضرورات الاقتصادية وخضوع لضغوط خارجية».
وعن ملفّ النازحين، يشير السفير إلى أن هناك «هروباً من مواجهة الحقائق لعلاج هذه الأزمة التي تتطلّب تنسيقاً رسمياً كاملاً مع المؤسسات السورية، خصوصاً أن سوريا لم تتأخر في تقديم التطمينات وإزالة العوائق».
وردّاً على سؤال حول ما يُحكى عن زيارة مرتقبة للرئيس ميشال عون أو الوزير جبران باسيل إلى سوريا، يقول علي: «نحن نرحّب بالأشقاء وبأي مراجعة مسؤولة، لكنّ هذا الأمر يعنيكم أنتم، نحن مشغولون باستثمار الإنجازات التي تحقّقت لاستعادة القوّة السورية بالرؤية التي يعمل عليها الرئيس بشار الأسد».
ويختم السفير السوري بتأكيد أن «قافلة عبور سوريا إلى برّ الأمان والاستقرار تسير في الطريق الصحيح، وهذا الأمر سيكون خيراً على لبنان، لأن لبنان وسوريا لا يمكن أن يستمرا إلّا بالتكامل».