وزارة الطاقة تعمل على الإعداد لإطلاق صفقات معامل الكهرباء، لكن حتى اليوم يبدو أن الإجراءات بحاجة إلى مزيد من الوقت. الأمل الوحيد يتمثّل في معمل «دير عمار 2». ذلك المعمل يفترض أن يكون قد بُدئ العمل على إنشائه في بداية 2018، لكن ذلك لم يحصل. عوامل عديدة أسهمت في التأخير، إلا أن آخر المعلومات تشير إلى أن شركة جديدة أنشئت باسم Avax-dap2 ستكون مسؤولة عن إنشاء المعمل وإدارته، مع وعد جديد بانطلاق الأعمال في بداية العام المقبل.معمل «دير عمار 2» لإنتاج الكهرباء تحوّل إلى أسطورة. من يسأل المعنيين عن مصير هذا المعمل الذي وُضع على سكة التنفيذ في العام 2013، يسمع إجابات من نوع «الأمور ماشية» أو أن «بدء العمل لن يتأخر». لكن الإجابة الأصدق والأكثر واقعية هي أن 6 سنوات مرّت سُدىً، فلم يبدأ العمل ولا مشت الأمور، بل كانت النتيجة خسارة أموال طائلة، قدّرها وزير المالية علي حسن خليل بمليار دولار.
بعد سُبات عميق استمر لسنوات، أعقبت تجميد المشروع على خلفية الخلاف (بين وزارة المالية - حركة أمل ووزارة الطاقة - التيار الوطني الحر) على هوية من يجب أن يدفع الضربية على القيمة المضافة (50 مليون دولار)، طُرح الأمر على مجلس الوزراء في 21 أيار 2018، فقرر استبدال طبيعة العقد من EPC (عقد بناء لصالح الدولة) إلى BOT (عقد بناء وتشغيل وبيع طاقة للدولة). كانت الحجة لنقل ملكية المعمل من الدولة إلى القطاع الخاص هي التخلص من مبلغ التعويض الذي يمكن أن يحكم للشركة اليونانية AP Avax، متعهدة المشروع، من جراء الدعوى التحكيمية المقدمة بوجه الدولة، والذي قدّر حينها بـ150 مليون دولار.
بالتوازي مع الاتفاق مع الشركة، كان تسرّب اسم مجموعة من المستثمرين، وهم علاء خواجة، تيدي وريمون رحمة، وغسان غندور، بوصفهم سيكونون الأصحاب الفعليين للمعمل. كيف حصل ذلك؟ لم تكن وزارة الطاقة مهتمة. بالنسبة إليها، ظلت الشركة اليونانية هي المسؤولة أمامها عن تنفيذ العقد، ولذلك كانت تدور مفاوضات بشكل متواز بين الدولة والشركة من جهة للاتفاق على الآلية التنفيذية لتغيير العقد، وبين الشركة والمستثمرين من جهة أخرى للاتفاق على آلية انتقال الملكية. وبالفعل، فقد أسفرت المفاوضات التي تولاها مكتب المحاماة الخاص بوزير العمل الحالي كميل أبو سليمان (ترك الملف بعد توزيره) عن الاتفاق على دفع تعويض للشركة يقدّر بنحو 40 مليون دولار، مع الإبقاء على حصّة صغيرة للشركة اليونانية (6 في المئة).
علاء خواجة وآل رحمة اشتريا حصة غسان غندور... بعد رفض زيادة حصته


الوزير السابق للطاقة سيزار أبي خليل كان أعلن أن بداية 2018 ستكون موعد البدء بإنشاء المعمل، لكنه عاد وأعلن أنه نظراً إلى التأخر في توقيع العقود ستتأخر الأعمال إلى آذار 2018. مرّ آذار 2018، ومرّ آذار 2019، وآذار 2020 لم يعد بعيداً، لكنّ شيئاً لم يتغيّر. ما حصل كان العكس. توالت طيلة تلك المدة أنباء عن أن المعمل صار في خبر كان. أما الأسباب التي عرضت فعديدة، وتراوح بين عدم قدرة الشركاء على تأمين التمويل المطلوب والذي يُقدّر بنحو 580 مليون دولار، وعدم القدرة على الالتزام بالسعر الذي اتفق عليه مع وزارة الطاقة وصدّقته الحكومة (2.95 سنت للميغاواط). ثمة من يجزم أيضاً بأن مدير عملية التمويل، أي بنك عودة، كان قد طلب ضمانة سيادية للمبالغ التي ستدفع، انطلاقاً من أن التمويل سيدفع بالدولار، فيما كهرباء لبنان ستدفع ثمن الكهرباء بالليرة اللبنانية، طيلة مدة العقد المقدرة بـ20 سنة، إلا أنه لم يحصل عليها، فتجمّدت العملية لفترة من الزمن.
كل ذلك صار من الماضي، بحسب مصادر الشركة اللبنانية التي أنشئت لإدارة المشروع باسم Avax-dap2- Lebanon، إذ تؤكد هذه المصادر أن الشركة التي يرأس خواجة مجلس إدارتها، وتضم ممثلي المساهمين وتقنيين، بدأت المفاوضات النهائية مع وزارة الطاقة لإنجاز الاتفاق.
الأكيد أن غسان غندور صار خارج الشركة، بعدما اشترى خواجة وآل رحمة حصته مناصفة (17.5 في المئة). أما سبب الانسحاب، فرُبط بعدم نجاح غندور في مسعاه لزيادة أسهمه في الشركة، وتفضيله، بالتالي، بيع حصته. وعليه، تكون الشركة الجديدة مملوكة بشكل شبه كامل من قبل خواجة ورحمة (بقيت 6 في المئة من الأسهم ملك شركة AP Avax).
ماذا بشأن التمويل؟ تقول المصادر إن الحل لم يعد بعيداً، والشركة الوليدة في طور توقيع عقد مع بنك عودة لإدارة عمليات التمويل، أسوة بما حصل في مشروع «هوا عكار» لإنتاج الطاقة عبر الرياح، على أن يكون التمويل كله خارجياً.
هل يعني كل ذلك أن بدء العمل صار قريباً؟ الموعد الجديد يدور حول الربع الأول من 2020، علماً بأن صحيفة «ديلي ستار» نقلت عن أحد أعضاء فريق إدارة المشروع قوله إن «الأعمال الهندسية ستبدأ هذا الاسبوع، على أن تليها عملية إعداد الموقع وتسوية الأرض مع نهاية العام».