غزة | بالتزامن مع انشغال المقاومة الفلسطينية، في قطاع غزة، بالتجهيز للمشاركة في أي معركة قد يخوضها محور المقاومة ضد العدو الإسرائيلي، عاد تنظيم «داعش» ليضرب مجدداً داخل القطاع، في عمليتين انتحاريتين ضد عناصر من الشرطة الفلسطينية، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة عناصر منها وإصابة آخرين. تزامنت الانفجارات، وفق مصدر أمني تحدث إلى «الأخبار»، مع تغييرات واسعة أجرتها وزارة الداخلية في غزة على صعيد قيادة الأجهزة الأمنية، إذ تسلم صباح أول من أمس قادة جدد مفاصل العمل الأمني.في تفاصيل الحادث الأول، وصل انتحاري يدعى ع. ح. بدراجة نارية إلى المكان وفجّر نفسه في حاجز للشرطة. ووفق معلومات أمنية «الانتحاري كان معتقلاً قبل أشهر لدى جهاز الأمن الداخلي على خلفية محاولته الإخلال بالأمن، والانتماء إلى فكر تكفيري، ثم أطلق سراحه منذ مدة». وأدى هذا الانفجار، وفق وزارة الصحة، إلى استشهاد الشرطيين سلامة ماجد النديم (32 عاماً) وعلاء زياد الغرابلي (32 عاماً)، فيما أعلنت «الداخلية» أنها تتابع خلفية الانفجار، في وقت نفى فيه جيش العدو تنفيذه أي هجوم في القطاع، كما نقلت القناة الـ 12 العبرية.
بعد وقت قصير، استهدف انفجار آخر حاجزاً للشرطة في شارع الرشيد الساحلي في منطقة الشيخ عجلين، غرب مدينة غزة، أدى إلى استشهاد عنصر ثالث من الشرطة هو وائل موسى خليفة (من سكان البريج). وأشار المصدر إلى أن الانتحاري الثاني أيضاً، م. س.، كان معتقلاً لدى «الأمن الداخلي» قبل أشهر على خلفية تصنيع مواد متفجرة، وقد أعلن بعد اعتقاله توبته عن «الفكر الداعشي»، لكنه خرج ونفذ عملية ضد الشرطة.
اللذان نفّذا التفجيرين كانا معتقلين قبل أشهر لدى «الأمن الداخلي»


التحقيقات الأولية، كما ينقل المصدر نفسه، تشير إلى «مجموعة ممن يحملون فكر داعش تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي»، مشيراً إلى أن «التحقيقات تنصبّ حول تمويلهم وتوقيت العملية وعلاقة مخابرات معادية في توجيههم باسم داعش». وشنّت الأجهزة الأمنية بعد ساعات من العمليتين حملة كبيرة، ما أفضى إلى «اعتقال شخصين على علاقة بالحادثة، إضافة إلى مطاردة شخصين آخرين يعتقد أن لهم ضلعاً في التخطيط للتفجيرين». كما أعلنت «الداخلية» حالة الاستنفار لدى الأجهزة الأمنية والشرطية كافة.
وهذه ليست الحادثة الأولى التي تستغل فيها أجهزة أمنية أفراداً يحملون فكراً متطرفاً لضرب الأمن أو «حماس» في غزة، إذ إن «التحقيقات السابقة كشفت تورط خلية جندتها مخابرات السلطة لتنفيذ محاولة اغتيال لرئيس الوزراء السابق رامي الحمدالله قبل عامين، وأنه تم تجنيد الخلية عبر أحد المنتديات الجهادية على الإنترنت»، وفق المصدر. وهو ما لمح إليه المتحدث باسم الحركة فوزي برهوم، في تغريدة على «تويتر» أمس، قال فيها: «لا نريد أن نستبق نتائج التحقيقات، لكن كل محاولات إثارة الفوضى في غزة كان يقف وراءها جهاز مخابرات السلطة التابع لماجد فرج لمصلحة الشاباك الصهيوني والاحتلال، كما حدث في اغتيال القائد مازن فقهاء ومحاولة اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم وتفجير موكب الحمدالله».
رداً على ذلك، قال رئيس «المكتب الإعلامي» في «مفوضية التعبئة والتنظيم لفتح»، منير الجاغوب، في بيان رسمي، إن «اتهام حماس... يمثل إفلاساً سياسياً وهرباً من تسمية المنفذ الحقيقي». أياً يكن، أثارت العمليتان سخطاً كبيراً داخل الساحة الفلسطينية، ونعت الفصائل شهداء الشرطة، داعية إلى «مواجهة الإرهاب والتطرف». وبينما قال عضو المكتب السياسي لـ«حماس» خليل الحية إننا «سننتظر نتائج التحقيقات لتقول لنا من هي الجهة المجرمة التي استأجرت المغفلين المتطرفين اللذين باعا وطنهم لأجهزة الأمن في العالم كله»، قال عضو المكتب السياسي لـ«الجهاد الإسلامي» خالد البطش، إن «جهاتٍ بيننا أخذوا المهمة من يد الاحتلال ليستهدفوا عنوان الأمن والاستقرار، وهو جهاز الشرطة والأمن، بهدف خلق فوضى».