يشجّع الأميركيون العسكر على إدماج الحركات المسلحة في الاتفاق لرفع العقوبات
وبعيداً عن الثغرات، يبدو الدور الخارجي، بحسب ما كشفت ترتيبات ما قبل «اتفاق الخرطوم»، قادراً على تبديد أي خلاف بين الطرفين، وفق ما توحي به «لقاءات سرية» جمعت القادة العسكريين وقادة الاحتجاجات «مع دبلوماسيين من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات في منزل شخصية سودانية كبيرة في الخرطوم على مدار أيام»، بحسب ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أول من أمس، عن مسؤولين غربيين حضروا اللقاءات، مشيرين إلى أن الهدف منها كان «إذابة الجليد بين الطرفين». وبحسب أحدهم، جاء ذلك بعدما أيقنت السعودية والإمارات أن الكثير من السودانيين قد انقلبوا على نائب رئيس المجلس، محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، الأمر الذي دفعهما إلى دعم مقاربة أكثر دبلوماسية للأزمة، تعبر عن تلك الغربية التي تمثلها واشنطن وعواصم أوروبا، وتدعم تشكيل سلطة مدنية بالتوافق بين طرفي النزاع، لتحقيق استقرار يحفظ مصالحها.
ولا تبدو الرغبة الأميركية في اتفاق كالذي أبرم، في الترحيب الذي خطّته معظم البيانات المعلقة على الحدث فحسب، بل في إعلان الولايات المتحدة أن «رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أصبح وشيكاً»، كما قال القائم بأعمال السفارة في الخرطوم، ستيفن كوتسيس. لكن تنبيه الأخير إلى أن هذا الأمر «يتوقف بدرجة كبيرة على إدماج الحركات المسلحة في الاتفاق»، مؤشر على ما قد تحمل الأيام المقبلة للمجلس العسكري، الذي كان قد اتخذ خطوة في هذا الاتجاه عقب «اتفاق الخرطوم»، حين أصدر البرهان عفواً شمل الإفراج عن 235 من أعضاء «حركة تحرير السودان» المسلحة، بزعامة أركو مني مناوي، الذي اعتبر أن الاتفاق «يؤسّس لإنقاذ النظام السابق».
جمعت «لقاءات سرية» العسكر وقادة الاحتجاجات مع دبلوماسيين أجانب وعرب
ويبدو اتجاه المجلس هذا، استكمالاً لما كان قد بدأه في إطار وساطة جوبا، المدعومة مصرياً، والتي تقترح إشراك الحركات المسلحة، ما يعني أن «ثنائية» الاتفاق لن تستمر طويلاً إذا ما توصل المجلس إلى اتفاقات مع هذه الحركات. وليس مستبعداً أيضاً أن يطالب لاحقاً، خلال الـ21 شهراً الأولى، بإشراك القوى السياسية التقليدية أيضاً، خصوصاً إذا رفعت الأخيرة الصوت رفضاً للاتفاق «الإقصائي» كما سبق أن اعتبرت، قبل أن يجلس «حميدتي» مع ممثليها لبحث تسوية تنهي «الثنائية» مع «الحرية والتغيير». والجدير ذكره، هنا، أن أي شراكة مع هؤلاء هذه المرة ستكون في «التشريعي» المؤجل ثلاثة أشهر، ما يهدّد الاتفاق السابق الذي حصلت فيه «الحرية والتغيير» على أغلبية الثلثين.