تجاوزت إيران، أمس، الحدّ المسموح به لها من تخزين اليورانيوم وفق ما ينص عليه الاتفاق النووي. بإعلان رسمي من طهران، وتأكيد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تخطى هذا المخزون حاجز الـ300 كلغ. تطور ليس بالمفاجئ، على الأقل منذ بداية خطوات إيران الأخيرة نحو التخفف من قيود الاتفاق النووي، كنوع من الضغوط المقابلة بوجه الحملة الأميركية ضدها، وفي الوقت عينه محاولةً لدفع الأوروبيين نحو تفعيل عوائد الاتفاق الاقتصادية والتجارية. ومنذ 27 حزيران الماضي، كان منتظراً أن يتجاوز المخزون الحدّ الأقصى في ظل العقوبات الأميركية على بيع اليورانيوم، فيما تبدو طهران تتدرّج في خطواتها في انتظار أن يخرج موقف أوروبي يلبّي مطالبها، وهو ما لم يظهر الجمعة الماضي في اجتماع فيينا بين ممثلي الدول الأطراف في الاتفاقية النووية.ما أعلن عنه أمس، وكانت طهران قد حذرت منه مسبقاً في أيار الماضي بمناسبة مرور عام على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، يعدّ أول خطوة في اتجاه خرق صريح للاتفاق، وذلك على مسافة أيام فقط (7 تموز الجاري) من انتهاء مهلة الـ60 يوماً التي منحتها إيران لشركاء الاتفاق، خصوصاً الأوروبيين، للوفاء بالتزاماتهم قبل أن تقلّص أكثر التزاماتها النووية. وما بين اجتماع فيينا ومهلة 7 تموز، تتضافر المؤشرات على صعوبة انزياح الموقف الأوروبي عن مربع الحذر من تحدّي الولايات المتحدة، على رغم تمسك الأوروبيين بالاتفاق وكثرة الأسباب الأمنية والاقتصادية لاختيارهم الحفاظ عليه. وهو ما يعني في آن واحد أن الضغوط الإيرانية ستتدحرج إلى خروج تام تنهار معه اتفاقية فيينا التاريخية. لكن المؤشر الإيجابي الوحيد، في ربع الساعة الأخير من هذا السباق، هو إعلان الاتحاد الأوروبي تفعيل الترويكا (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) آلية التبادل المالي المستحدثة للالتفاف على العقوبات الأميركية (إنستكس). إلا أن التصريحات الإيرانية تجمع على أن ما قدمه الأوروبيون عقب اجتماع فيينا ليس كافياً لجعل إيران تتراجع عن خطواتها وتمدّد مهلة الـ60 يوماً، طالما أن لا ضمانات بأن يشمل التبادل التجاري النفط، أو بفتح خط ائتمان مالي يجعل تجارة طهران في أوروبا قابلة للحياة.
هدّدت بريطانيا بالانسحاب من الاتفاق إن انتهكته إيران


وأمس، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تراقب برنامج إيران النووي بموجب الاتفاق، على لسان متحدث باسمها، أن المدير العام للوكالة التابعة للأمم المتحدة، يوكيا أمانو، أبلغ مجلس محافظي الوكالة أنها «تحققت في الأول من حزيران من تجاوز إيران الحد الأقصى المسموح به لإجمالي مخزون اليورانيوم المخصب». بدوره، أكد وزير الخارجية، محمد جواد ظريف، أن تخزين اليورانيوم تخطّى حدّ الـ300 كلغ، من دون أن يوضح، كما الوكالة الدولية، تفاصيل أكثر. وذكّر ظريف بأن بلاده ماضية في برنامجها الذي أعلنته مسبقاً في شأن الالتزامات، مشيراً إلى أن إجراءات الأوروبيين عقب اجتماع فيينا (تفعيل «إنستكس») لم تكن كافية، وهي لا تعني شيئاً إذا لم تنفذ أوروبا 11 وعداً قطعتها بعد انسحاب واشنطن، مضيفاً أنه إذا ما وفى الأوروبيون بهذه الوعود فستعود طهران عن خطواتها. وحذّر من أن الخطوة المقبلة تتعلق بتجاوز نسبة التخصيب المسموح بها، أي 3.67 %، مشدداً على أن بلاده لا تزال تعمل في إطار المنصوص عليه في الاتفاق النووي عن طريق تنفيذ البند الـ36 منه (يسمح بتعليق الالتزام نظير تخلّف ملحوظ عن الأداء)، وقال: «ينبغي على الأوروبيين، الذين يدّعون أن تنفيذ الاتفاق النووي يهمّهم، أن يهتمّوا بضمان التنفيذ المدرج في الاتفاق».
وإزاء التطورات في طهران، عبّرت المواقف الأوروبية عن «القلق» من الخطوات الإيرانية التي كانت محط تشاور بين شركاء الاتفاق الأوروبيين، فيما هددت بريطانيا بالانسحاب من الاتفاق إن انتهكته إيران. وبينما كرر البيت الأبيض موقفه بأن واشنطن ستمنع إيران من حيازة السلاح النووي، استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحدث، واعداً بالكشف «عن المزيد من الأدلة التي تثبت أن طهران خدعت الأسرة الدولية».