لم تهدأ المعارك في ريف حماة الشمالي أمس، بعد الهجوم الأخير الذي أطلقته الفصائل على محور مهم يشرف على طريق محردة ـــ السقيلبية. وشهدت ساعات فجر أمس حراكاً معاكساً من جانب الجيش لاستعادة زمام المبادرة، والعمل على استرجاع السيطرة على النقاط التي انسحب منها خلال ساعات الهجوم الأولى. الخيارات الميدانية للجيش كانت الانسحاب من نقاطه في الجبين وتل ملح وأطراف كفرهود، إلى حين استيعاب زخم الموجة الأعنف، وتفعيل المساندة من سلاحَي الجو والمدفعية. وبعد نحو 7 ساعات من المعارك، بدأت محاولة استعادة تلك النقاط، وكان محيط كفرهود أوّلها، حيث تمكنت وحدات الجيش، مدعومة بتعزيزات وصلت إلى المنطقة تباعاً، من التقدم عبره نحو تل ملح. وتحت غطاء مدفعي كثيف، أُجبرت الفصائل على الانسحاب منه، على رغم تفجير «تحرير الشام» سيارة مفخخة يقودها انتحاري على الطريق بين تل ملح والجلمة في محاولة للتقدم نحو الأخيرة، على طول الخط الواصل بين محردة والسقيلبية.وحتى وقت متأخر من ليل أمس، كان الجيش يسيطر نارياً على تل ملح، من دون أن يثبّت نقاطه هناك، فيما تواصلت الاشتباكات في محيطه الشرقي والشمالي، وصولاً إلى الجبين. وخلال ظهر أمس، حاولت الفصائل المسلحة إشغال قوات الجيش وفتح محاور قتال جديدة، مراهنة على احتمال تحقيق خرق ميداني لافت. وتركّز الهجوم على محور الحماميات باتجاه كرناز، ولكنه لم يتمكن من كسر دفاعات الجيش السوري، على رغم المعارك العنيفة. ونشّطت الفصائل خطوط التماس في محيط القصابية وكفرنبودة، وذلك في موازاة إعلانها إطلاق مرحلة ثانية من الهجوم، تحت اسم «الفتح المبين». وكان لافتاً في المعارك الأخيرة، الحضور الوازن لعناصر «هيئة تحرير الشام»، وانتشار تسجيلات تظهر بعضهم يستخدم راية «جبهة النصرة» القديمة، المطابقة لراية «داعش» في العمليات.
استهدفت الفصائل المسلحة أحياء مدينة حماة بخمسة صواريخ مساء أمس


وإلى جانب الاشتباكات المباشرة على خطوط التماس، أطلقت الفصائل المسلحة عدداً كبيراً من القذائف الصاروخية على بلدات ريفَي حماة واللاذقية، وكان لمدينة حماة نصيب من تلك الصواريخ، إذ سقط فيها مساء أمس خمسة منها، فيما استهدف سلاحا الجو والمدفعية خطوط إمداد المسلحين ومواقع انتشارهم في محيط المحاور المشتعلة. وترافقت مجريات المعارك مع ما نقلته أوساط معارضة عن دخول تعزيزات تركية عسكرية إلى نقطة المراقبة في محيط مورك، القريبة من خطوط الاشتباك في ريف حماة الشمالي، وذلك بعد يوم واحد على دخول رتل تركي إلى النقطة المتمركزة في جبل شحشبو، على حدّ ما تناقلته تلك الأوساط. وإلى جانب التحرك التركي في ريف حماة الشمالي، بدا لافتاً أمس استهداف الفصائل الموالية لأنقرة في ريف حماة الشمالي بعض المواقع في ناحية تل رفعت بِسِتّ قذائف صاروخية، من دون أن يتطور التصعيد هناك إلى اشتباك مفتوح. وبالتوازي، أعلنت «قوات تحرير عفرين» أنها تمكنت خلال الأيام القليلة الماضية من قتل 9 من عسكريّي الجيش التركي وعناصر الفصائل التي تقاتل لحساب أنقرة في ريف حلب الشمالي، وجرح خمسة آخرين، إلى جانب تدمير عربة عسكرية.
جولة المعارك المستمرة في ريف حماة لم تترافق مع أي تصريحات دولية وازنة، ولا سيما من قِبَل روسيا وتركيا، الدولتين الضامنتين لتنفيذ «اتفاق سوتشي»، إلى جانب الغياب شبه الكامل لأي تصريحات من الجانب الإيراني، شريكهما الثالث في صيغة «أستانا». وقد يكون لحضور «تحرير الشام» الميداني الوازن من جهة، وعدم إعلان مشاركة قوات محسوبة على إيران إلى جانب الجيش السوري من جهة أخرى، دورٌ في انخفاض وتيرة التصريحات الدولية في شأن تطورات إدلب ومحيطها. وهو ما لمّحت إليه «تغريدة» الرئيس دونالد ترامب الأخيرة حول إدلب، التي ذكرت بنحو لافت «الدور الإيراني الأقلّ حضوراً» في العمليات العسكرية هناك. وعلى رغم ما يبدو أنه جولة تفاوض بالنار بين الجانبين الروسي والتركي، تؤكد التطورات «الإيجابية» في الملفات المشتركة الثنائية بين البلدين عدم وجود خلافات «جوهرية» من شأنها هدم ما بُني في «أستانا» و«سوتشي» إلى آخره.



دمشق تنفي عودة العلاقات مع حماس
نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية، «سانا»، عن «مصدر إعلامي» نفيه ما نُشر عن عودة العلاقات بين دمشق وحماس، وقوله إن «كل ما يتم تداوله من أنباء لم ولن يغير موقف سوريا من هؤلاء الذين لفظهم الشعب السوري منذ بداية الحرب ولا يزال». وأضاف المصدر أن «موقف سوريا من هذا الموضوع موقف مبدئي بُني في السابق على أن حماس حركة مقاومة ضد إسرائيل، إلا أنه تبين لاحقاً أن الدم الإخواني هو الغالب لدى هذه الحركة عندما دعمت الإرهابيين في سوريا، وسارت في المخطط نفسه الذى أرادته إسرائيل». من جهتها، أعادت الحسابات الرسمية للرئاسة السورية نشر تصريح للرئيس بشار الأسد في العام 2016، ينتقد فيه موقف «حماس»، ويشدد على أن دعم دمشق لها كان «لأنها مقاومة».
وكانت «الأخبار» كشفت، في عددها الصادر الإثنين الماضي، عن لقاءات جرت أخيراً بين ممثلين عن «حماس» ومسؤولين سوريين، بوساطة من إيران وحزب الله، أفضت إلى نوع من التهدئة، من دون أن تسفر عن نتائج مباشرة على مستوى عودة العلاقات.
(الأخبار)