لا يمكن قراءة سيرة قادة شهداء المقاومة الإسلامية، من دون الالتفات إلى ثقة بالانتصار كانت تتكرّر على ألسنتهم منذ اليوم الأول لاتخاذ هذا الخيار، وفي عزّ الاحتلال الإسرائيلي للبنان؛ إذ لم تكن قد مرّت أشهر معدودة على الاجتياح الإسرائيلي، الذي وصل إلى بيروت، حتى صدح صوت رجل دين شاب، لم يتمّ الثلاثين من العمر، في بلدة جبشيت بالعبارة الشهيرة: إسرائيل وهم مزّقناه.
ومنذ الأيام الأولى، كانت الدعوة موجّهة إلى فلسطين. بالنسبة إلى شيخ الشهداء راغب حرب، كان يكرّر دائماً: «لا تفكروا كيف سنخرجها من لبنان، بل كيف سنخرجها من فلسطين». وبالنسبة إلى سيّد الشهداء عباس الموسوي، «الأمة كلّها مدعوة اليوم لإعادة القوة والاحترام للقضية المركزية، وهي قضية فلسطين، وساعتئذ سنفرض احترامنا على كلّ الأمم». أما عماد مغنية، فكانت فلسطين حبّه الأول الذي لم يشف منه حتى تاريخ استشهاده.
شكلت فلسطين العنوان المركزي لهذه المقاومة، التي لم تنفصل عن ناسها وفهمت مبكراً أن أيّ انتصار لا يمكن أن يتحقق من دون حاضنة شعبية له، فأقام الشهداء القادة علاقة طيّبة مع الناس، الذين كان الشيخ راغب حرب يخاطبهم بقوله: «يا كرام خلق الله»، والسيّد عباس يؤكد لهم «سنخدمكم بأشفار عيوننا»، فيما يتنقل عماد مغنية بينهم، من دون أن يعرفوه.
اليوم، في ذكرى الشهداء القادة، تبدو إعادة التذكير بالسِّير أقلّ التحايا إلى شهدائنا الذين صنعوا نصرنا.
(الأخبار)