يحدث أن تكون منسجماً في قراءة النبذة التعريفية عن وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، مي شدياق، لتكتشف، فجأة، تحت عنوان «فترة تولّي المهام» أن شدياق تتولى الوزارة منذ عام 2016 (!)، وأنت من كنت تظن أن الوزارة كانت في عهدة الوزيرة السابقة عناية عزالدين. هذه، على أي حال، ليست «سابقة»، ولا أمراً استثنائياً أن تجمع «راسين» في وزارة واحدة على المواقع الإلكترونية للوزارات التي تعيش موتاً سريرياً ممتداً منذ سنوات. تكفي جولة واحدة على تلك المواقع لتكتشف مفاجآت تفوق تلك المفاجأة. على الأقل، في «التنمية»، بذل «مدير» الموقع مجهوداً حتى… السطر الثالث، على عكس مواقع أخرى تعيش انفصاماً كلياً بين «آخر الأخبار» و«النبذة». هكذا، مثلاً، يمكن لمتصفّح موقع وزارة الزراعة أن يقرأ عن النشاطات المكثّفة للوزير الحالي حسن اللقيس، فيما صدر الصفحة الأولى لا يزال يحتفي بغازي زعيتر وزيراً.بسيطة، فقد يحدث مثل هذه الأمور، وهي ليست حكراً على موقع وزارة الزراعة. يمكن، مثلاً، زيارة موقع وزارة المهجرين لقراءة كلمة الوزارة باسم الوزير السابق طلال إرسلان، وفوقها صورة الوزير الحالي غسان عطالله، تماماً كما يجمع موقع وزارة الشؤون بين وزيريه السابق والحالي.

الجراح لا يزال وزيراً للاتصالات على موقع الوزارة! | انقر على الصورة لتكبيرها

وهذه سمة تطال معظم مواقع الوزارات، لأن أمر «التغيير» يحتاج إلى قرار «من فوق كي نبدأ بعملنا»، على ما يقول أحد الموظفين في موقع وزارة الزراعة. وهذا القرار لم يأت بعد، رغم مرور 45 يوماً على حفل التسلم والتسليم. لكنها «بسيطة»، على ما يقول الموظف نفسه، خصوصاً إذا ما ذهب البحث أبعد من النبذة والنشاطات التي هي عبارة عن نشاط الوزير واستقبالاته وتوديعاته. فمثلاً، في خانة «الدراسات»، تعود آخر دراسة منشورة إلى عام 2005، أي إلى ما قبل اللقيس وزعيتر سوياً، وهي - للمناسبة - الدراسة الوحيدة المنشورة على الموقع. أما التقارير، فأحدثها يسبق ولاية زعيتر بسنة، وفيه تحتفي الوزارة بـ«الجناح اللبناني في معرض ميلانو الدولي في إيطاليا عام 2015». وفي باب «البيانات والإحصاءات»، يتوقّف واقع الزراعة في لبنان أواخر عام 2008، أيام ولاية الراحل إيلي سكاف، أي قبل اللقيس وزعيتر وحسين الحاج حسن حتى. ثمة أمر أخير: «أطلس لبنان». من الأفضل ألا تضغطوا على الرابط لتصفّح الأطلس لأن «المحتوى غير موجود». أما الخدمات الإلكترونية، فـ«نعلمكم أنه يتم تشغيل هذا القسم عند صدور التشريعات اللازمة».
بعيداً عن الصورة والنبذة، يمكن الحديث في غالبية المواقع عن خانات أخرى، مثل خانة «آخر الأخبار» التي تتوقف في الغالب عند آخر أخبار الوزير. «ميزة» موقعٍ على آخر تكمن في عدد الأخبار التي يجري نشرها في تلك الخانة. وقد تفوّقت وزارة العمل في هذا المجال، إذ إن آخر الأخبار وأهمها لم يتغيّر منذ 45 يوماً، أي منذ «حفل التسلّم والتسليم بين الوزيرين، السابق محمد كبارة والحالي كميل بو سليمان». لا أخبار «أحمى» من ذلك في الوزارة الخدماتية، رغم أن آخر «update» للموقع حدث «قبل قليل».
في مقابل ذلك، ثمة وزارات أولت أهمية لتفعيل مواقعها، ومنها وزارة الداخلية والبلديات التي فاق عدد النشاطات والقرارات منذ بدء تولي الوزيرة ريا الحسن العشرات، حتى يكاد لا يمرّ يوم من دون أن يجد المتصفّح خبراً جديداً. لكن المفارقة أن الـ«آبديت» لم يطل فاكس الوزارة، الذي يعود إلى مركز دراسات الوحدة العربية! مع ذلك، «بسيطة». ليست تلك بالفعلة الشنيعة. الوضع هنا، على الأقل، أفضل حالاً من موقع وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية التي تساعد وزارة المهجرين وصندوق المهجرين في إدارة صفحتيهما الإلكترونية «for free»، فيما «نشرات الأسبوع» تتوقف عند النشرة 124 عندما كان نبيل دو فريج وزيراً. فيما آخر نشاط رياضي نشره موقع وزارة الشباب والرياضة كان برعاية الوزير عبد المطلب حناوي عام 2014.
ثمة مواقع وزارية ساعدها حسن الحظ، هي تلك التي لم يتغيّر وزراؤها. وحسن الحظ هنا لا علاقة له بحسن الاختيار ولا بملاءمة الحقيبة لصاحبها، وإنما بحفظ ماء وجه «مدير» الموقع الإلكتروني، كما هي الحال في موقع وزارة السياحة، إذ بقيت صورة الوزير أواديس كيدانيان هي نفسها ونشاطاته وآخر أخباره. ولا يمكن بطبيعة الحال أن «تقفر» متى حدث التعديل، إلا عند التدقيق في التواريخ، التي يعود أحدثها إلى تموز 2018، عندما «حلّ لبنان ضيف شرف في المعرض الدولي للسياحة في أثينا». أما في خانة المهرجانات، فآخرها على الموقع الافتراضي هو «مهرجان بيت الدين - 2015»! مع ذلك، لوزارة السياحة نكهة خاصة في تقديم «خبرياتها». ففي النبذة عن لبنان، تعيد تلك «المقطوعة» عن لبنان إلى الذاكرة درساً في الجغرافيا لم يعد ممكناً التحدث عنه، وهو الذي يصف جمال طبيعة لبنان وقرب سهله من جبله. ثمة أمر آخر في «الحقائق السريعة» عن لبنان في الموقع، إذ إن أول «حقيقة سريعة» هي سعر صرف الدولار بالليرة.
«السياحة» تحتفي بمهرجان بيت الدين 2015 وآخر الكوارث البيئية في «البيئة» تعود إلى 2006


وحدهما موقعا وزارتَي البيئة والاتصالات كانا الأكثر وضوحاً. في الأول «تغطس» في اللون الأخضر على اعتبار أنه لون بيئي، فيما يعود آخر خبر في خانة «الكوارث البيئية» إلى التسرب النفطي في الجية في عدوان 2006. أما الثاني فتتصدره صورة وزير الاتصالات السابق جمال الجراح، وهو يحمل سماعة الهاتف، في محاولة للتأكيد على هوية الموقع! فيما يشعر المتصفح أن في الوزارة رفضاً لتسمية محمد شقير وزيراً. إذ لا ذكر لأخبار الرجل لا من قريب ولا من بعيد!
هي عينة عن مواقع مؤسسات الدولة الإلكترونية التي يتوقف في معظمها الزمن عند ولايات عفا عليها الزمن. تشبه إلى حدٍّ ما المواقع الحقيقية لتلك الوزارات، والتي يتوقف النشاط فيها، على ما تقول إحدى الموظفات في دائرة العلاقات العامة والإعلام في وزارة المهجرين، على «همّة الوزير وأديش بيحب يحط خبار أو لا».