كل المؤشّرات والمعطيات السياسية، باتت تدل على أن الحكومة قد تخرج إلى النور في غضون 48 ساعة. فخلال اليومين الماضيين، ذُلِّلَت أبرز العُقد، وبات واضحاً أن الرئيس ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل تنازلا عن الوزير السُّني لمصلحة تمثيل اللقاء التشاوري، فيما تنازل الأخير بقبول أن يشارك ممثّل اللقاء في اجتماعات تكتّل «لبنان القوي»، في تكرار لـ«تجربة الطاشناق» الذي يشارك ممثله في التكتل منذ سنوات (راجع «الأخبار»، 31 كانون الاول 2018).إلّا أن الأجواء الإيجابية، عكّرتها أمس زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب مارشال بيلينغسليا، الذي حمل إلى بيروت جملة تهديدات وضغوط على القوى السياسيّة اللبنانية، وصولاً إلى وزارة الأشغال! وفيما من المنتظر أن يلتقي بيلينغسليا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم، علمت «الأخبار» أن المسؤول الأميركي أعاد، خلال لقاءاته امس، طرح ما سبقه إليه موفدون أميركيون قبله، عن «امتعاض الولايات المتحدة الأميركية من حصول حزب الله على حقائب وازنة في الحكومة، ولا سيّما وزارة الصّحة»، معبّراً عن رغبة الأميركيين في «حرمان حزب الله الظهور بمظهر القوي»، على الرغم من حرب العقوبات التي يشنّها الأميركيون على المقاومة اللبنانية. وقالت مصادر لـ«الأخبار» إن المسؤول الأميركي لم يفصح عن الخطوات التي تنوي الإدارة الأميركية اتخاذها في حال حصول حزب الله على وزارة الصحّة أو وزارات وازنة أخرى، إلّا أنه اكتفى بالقول إن «السلطات الأميركية ستسجّل على لبنان عدم تعاونه في هذا الملف». وبحسب الوكالة الوطنية، قدّم وزير العدل سليم جريصاتي، الذي حضر لقاء رئيس الجمهورية والمسؤول الاميركي، تقريراً إلى بيلينغسليا تضمن موجزاً عن «أهم الإنجازات التي حققها لبنان في مجالي مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال منذ تولي الرئيس عون مسؤولياته الدستورية»، موضحاً أن «كل حساب مصرفي يجمد في مجالي مكافحة الإرهاب أو تبييض الأموال، لا يمكن تحريكه إلا بقرار قضائي فقط».
جنبلاط: إذا أرادوا الصناعة أو التربية... فليؤلفوا حكومة من دوني(مروان طحطح)

وعلمت «الأخبار» أن بيلينغسليا التقى مسؤولين في وزارة الأشغال، بعد أن اعتذر الوزير يوسف فنيانوس عن عدم لقائه، وحذّرهم من مغبّة تزويد طائرات شركة مهان الإيرانية والطائرات السورية بالوقود والخدمات في مطار بيروت الدولي.
غير أن كلام المسؤول الأميركي بشأن الحكومة، لا يترك أثراً هنا، مع إصرار الجميع على إنتاج الحكومة خلال اليومين المقبلين. وفي ما خصّ مسألة اللقاء التشاوري، ومع أن الحلّ بات جاهزاً، وهو أن يكون الوزير من حصة رئيس الجمهورية، وأن يشارك في اجتماعات تكتل لبنان القوي ويكون ممثلاً للقاء في الحكومة ويلتزم خياراته في التصويت، إلّا أن النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد لم يحسما موافقتهما على هذا الطرح، ولا يزالان يعترضان على حضور الوزير اجتماعات تكتل لبنان القوي. وهذا الأمر كان مدار بحثٍ أمس واستكمال للجلسة التي عقدها أعضاء اللقاء التشاوري مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الحاج حسين خليل ليل أوّل من أمس، وشهدت نقاشاً طويلاً. لكن مطّلعين على المشاورات أكدّوا لـ«الأخبار» أن العقدة انتهت، ومن المتوقّع أن تحسم الوجهة اليوم أو غداً. وما لم يُحسم بعد هو اسم وزير «التشاوري». فرئيس الجمهورية يفضّل حسن عبد الرحيم مراد، فيما يضع الحريري فيتو على الأخير، مقترحاً اسم عثمان مجذوب. وقالت مصادر قريبة من الحريري إنه سيتمسّك بالفيتو، مرجّحة، في حال إصرار عون على مراد، أن يعمد رئيس الحكومة إلى منح الوزير جمال الجراح حقيبة الداخلية، ليتمكن خدماتياً من مواجهة مراد في البقاع الغربي.
الصمد وكرامي لا يزالان يرفضان حضور ممثل التشاوري اجتماعات لبنان القوي


أما على صعيد أزمة توزيع الحقائب، فأكّد أكثر من مصدر أن الحلّ المرجّح هو ما يعمل عليه الرئيس المكلّف سعد الحريري، بحصول حركة أمل على وزارة الصناعة من حصّة الحزب الاشتراكي أو وزارة الثقافة من حصّة حزب القوات اللبنانية، وإعطاء القوات بدلاً منها حقيبة وزارة الشؤون الإدارية من حصة تيار المستقبل، وحصول المستقبل على حقيبة الإعلام. وقالت مصادر عين التينة لـ«الأخبار» إن «حركة أمل لا تمانع الحصول على وزارة الثقافة، لكن حتى الآن لم يُطرَح هذا الأمر معنا رسمياً». وفيما تردد أن النائب السابق وليد جنبلاط منزعج من مسار التأليف الحكومي، قالت مصادره إن «أحداً لم يطرح معنا مسألة التخلي عن حقيبة الصناعة، لكننا نؤكّد أننا لسنا في وارد التنازل عن حقيبة الصناعة ولا التربية، وأنه في حال حرماننا إحداها، فليشكّلوا حكومة من دوننا. تنازلنا كثيراً من دون مقابل. فليحلوا مشكلتهم على حساب غيرنا».