الحلم أساس كل انطلاقة فنية. أما أحلام زيد حمدان (1976)، فكثيرة أبرزها أن «تكون لدينا ساحة موسيقية حرّة لا تمارس الرقابة الذاتية. الموسيقيون عندنا يخافون، ويريدون إرضاء الجميع. لا يريدون المشاكل. في أفريقيا وأميركا مثلاً، ولد الريغي والجاز والبانك من الظلم. الفنان في العالم العربي في موضع سخيف، ليس لديه أي وحي أو ابتكار. حلمي على الصعيد الشخصي، هو كما يقول جون لينون «تخيَّل عالماً بلا دين». أريد عالماً بلا دين، أريده بأخلاق». ويضيف ضاحكاً: «طلع ديني من الدين»!
في 1997، مثّل زيد وياسمين حمدان ثنائي Soap Kills، فكانت تجربة جديدة من نوعها في لبنان. يعلّق حمدان: «تعلمنا الكثير من التجربة. هي عرّفتني على الموسيقى العربية، وأنا فتحت لها أبواب الانتاج، لكننا كنا بحاجة الى الافتراق بعد ذلك، وبدء مرحلة جديدة».
ينتمي حمدان الى المنتجين الذين لا يحبّون وضع أنفسهم في خانة معينة. تطرّق الى مختلف الأنماط من تريب هوب الى بوب الى روك وريغي وموسيقى إلكترونية. السبب أنّه يملك «الكثير من الاصدقاء أتعرّف إلى موسيقاهم. وأنا لا أؤمن بالـStyle. أؤمن بروح تعبّر بطريقة فنية».
عندما قرّر خالد مزنر إغلاق «موز ريكوردز»، شركة الانتاج المشتركة بينه وبين زيد حمدان عام 2006، قرر الأخير إنشاء موقعه الخاص. جاء Lebanese Underground الذي مثّل قاعدة إعلانية مهمة للفنانين المستقلين الراغبين في التعريف عن أعمالهم. مع السنوات، غادر الفنانون تباعاً، لأنّ الموقع التصق باسم حمدان أكثر، وارتكز على الفنانين الذين يتعامل معهم، لكنه ما زال مفتوحاً أمام الجميع.
تجربة فرقة Zeid and the Wings التي أسّسها حمدان عام 2010 مع ثلاث مغنيات تحمل ذكريات جميلة ومريرة في آونة واحدة. «شعرت بالأمان للغناء معهن. وأصبحنا أشبه بعائلة، وهذا أجمل ما في التجربة. كنت أود أن تعكس الفرقة رسالة معينة، وأن تكون أغنياتها محمّلة بمشاكلنا في لبنان، وبطريقتنا في الحب والعيش، لكنّ أغنية General Suleiman أثارت ضجة سيئة لم نكن نقصدها. أصبحتُ أشبه برمز للثورة، فيما لم يجرِ إيقافي الا لساعات. لم يكن الجنرال ميشال سليمان قد سمع الأغنية حتى، فهي لا تحتوي على أي إهانة، بل على العكس. كانت الاغنية رسالة للبلدان العربية بأنّ مؤسسة الجيش يجب ألا تتدخل بالسياسة» (الأخبار 28/7/2011). المعروف عن حمدان ميله الى التعاون مع فنانات عربيات، من ياسمين حمدان الى مريم صالح وهبة منصوري... عن هذا الموضوع يقول: «أحب كثيراً النساء اللواتي يكتبن الموسيقى. أحبّ التعامل معهن من أجل تغيير صورة الفنانة العربية».
مساء الاثنين المقبل، يجتمع حمدان مع مريم صالح وهبة منصوري و«ر ج ب» في «مترو المدينة». يقول:«فرقتي الخاصة جزء صغير من فني. أحببت فكرة أن أكون محاطاً بعائلة الفنانين، لكنني لم أشأ أن يكون العنوان Zeid and the family لأنه قد يذكر بفرقة Zeid and the wings، فكان اسم عائلة «زيزي»».
ينتج زيد حالياً ألبوم مريم صالح الجديد، حيث تؤدي أغنيات للشيخ إمام، أعاد توزيعها على طريقته. الحفلة المرتقبة ستضمّ مقتطفات من هذا التعاون. ويُفترض أيضاً أن يؤدي حمدان نصف ساعة من ألبومه الجديد «جزيرة». وسترافق فرقة «طنجرة ضغط» الجميع على المسرح. هذه المرة، يشرح حمدان «أردت اللجوء الى موسيقيين حقيقيين، لا الى الآلات على المسرح. «رج ب» من رواد الهيب هوب العربي في لبنان. ولا يملّ المرء من صوته وأفكاره». أما هبة منصوري، فاختارها لأنه يحب أن يذكّر الناس دائماً بصوتها، حتى لو لم تصدر أي جديد.
في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان، لا يستبعد زيد فكرة مغادرة البلد: «بتّ أفكر في الرحيل. بعد مرور 22 سنة، ما زلت أركض وراء لقمة العيش. لم يعد بإمكاني تقديم الحفلات في مصر، ولا سوريا. نحن كموسيقيين في لبنان نغرق ونموت. وقد يكون الوقت قد حان لأرحل وأقدّم حياة أفضل لابني. لا حلّ أمامنا».