غزة | صحيح أن الزيارة الخارجية للوفد البرلماني لحركة «حماس» انتهت بعودته إلى قطاع غزة أمس، بعد شهرين من بدئها، لكنها لا تزال تلقي بظلالها على سلوك السلطة الفلسطينية، ورئيسها محمود عباس، تجاه غزة، إذ أثارت غضبه ودفعته إلى حل «المجلس التشريعي». وإذا كانت جولة الوفد البرلماني أغضبت السلطة إلى هذا الحدّ، بغض النظر عن نتائجها، فكيف كان يمكن تلقي نتائج جولة لرئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية؟تجيب مصادر سياسية بأن التقييم النهائي لدى «حماس» أن إجراءات عباس الأخيرة تعود إلى خشيته من تأثير الجولة، المفترض أن تبدأ بزيارة موسكو الأسبوع المقبل، إضافة إلى عشر دول أخرى، في الوضع السياسي الخارجي للسلطة. فمثلاً، جولة الوفد الذي ترأسه القيادي في الحركة محمود الزهار واكبتها السفارات الفلسطينية بتقارير تتحدث عن أن الوفد كان يتحدث مع الجهات التي يزورها حول «فقدان عباس الأهلية العقلية والشرعية الدستورية»، وأنه «يعمل ضد مصلحة الشعب عبر تقديم مزيد من التنازلات إلى الاحتلال»، تضيف المصادر.
لذلك، رأى «أبو مازن» أن هذه الجولة «ضربة ثانية» بعد إرسال كتلة «حماس» البرلمانية رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، مفادها أنه «لا يمثل الشعب الفلسطيني» وأن «ولايته انتهت وهو يغتصب السلطة» (راجع العدد 3602 في 2018/10/30). مع ذلك، وعلى رغم إغلاق معبر رفح بسبب انسحاب موظفي رام الله منه، علمت «الأخبار»، أن «حماس» أبلغت الروس أن زيارتها في موعدها. هذه الطمأنة أتت بعد تعهدات مصرية بإعادة فتح المعبر في الأيام المقبلة حتى لو رفضت السلطة إعادة موظفيها، وذلك لأن «القاهرة لا تريد أن يتسبب عباس في ضغط جديد على غزة الآن».
أعلن العدو أسر منفذ عملية «غفعات أساف» في رام الله


وكان القيادي في «فتح» عزام الأحمد قد أعلن جملة عقوبات جديدة ستشمل منع إصدار جوازات السفر ووقف التصديق على الشهادات الجامعية للغزيين، مهدداً بإعلان القطاع «إقليماً متمرداً حتى يعود إلى حضن الوطن»، في وقت نقل الصحافي الإسرائيلي يوني بن مناحيم أن «أبو مازن طالب (الرئيس عبد الفتاح) السيسي بتضييق الحصار على حماس من أجل عودة السلطة كاملاً إلى غزة، لكن السيسي رفض وأبلغه أن العلاقة المصرية مع حماس لا تسمح بذلك وهي تخدم المصالح المصرية، كما أبلغه أنه في القريب سيفتتح معبر رفح الجديد لإدخال جميع البضائع المصرية بموافقة إسرائيل».
في غضون ذلك، من المقرر أن يجري الوفد الأمني المصري زيارة عاجلة قبل نهاية الأسبوع الجاري إلى رام الله وغزة لاحتواء الموقف الداخلي، بالإضافة إلى متابعة التفاهمات مع الاحتلال وضمان الهدوء، خصوصاً أن هناك «تخوفات إسرائيلية» من أن يؤثر التوتر في العلاقة بين «حماس» و«فتح» في منطقة «غلاف غزة»، كما قال موقع «واللا» العبري. ويتداخل ذلك مع إمهال «حماس» الوسطاء حتى نهاية الأسبوع الجاري لعودة مسار التفاهمات وإدخال الأموال القطرية (راجع عدد الأمس)، وذلك باتصالات مكثفة أجرتها مع القطريين والأمم المتحدة وقبلهم بيوم مع المصريين.

اعتقال عاصم البرغوثي
في شأن آخر، دعت فصائل المقاومة لتصعيد الاشتباك مع الاحتلال «في الميادين كافة لتأكيد أن اعتقال المجاهدين لن يفلح في وقف العمليات البطولية»، وذلك على خلفية اعتقال الأسير المحرر عاصم البرغوثي المتهم بأنه منفذ عملية «غفعات أساف» انتقاماً لأخيه الشهيد صالح، منفذ عملية «عوفرا». وقالت «حماس» في بيان أمس، إن «الاحتفاء الكبير للاحتلال باعتقال المقاوم عاصم البرغوثي يعبّر عن حاجته إلى انتصارات وهمية يسوقها على شعبها، مخفياً فشله في توفير الأمن لجنوده ومستوطنيه».
وفجر أمس تحركت قوات «اليمام» الإسرائيلية بآلياتها إلى قرية أبو شخيدم، شمال غربي رام الله (وسط)، حيث كان يحتمي المطارد عاصم في منزل رفيقه الذي قال الاحتلال إنه أحد مساعديه وهو ضياء إدريس. وأعلن العدو اعتقال البرغوثي بعد نحو شهر من ملاحقته، فيما سمح جهاز «الأمن العام الإسرائيلي» (الشاباك) بنشر تفاصيل اعتقاله، إذ نقلت مصادر عبرية أنه تم أسره قبيل وصوله إلى سلاحه وبدء اشتباك مع القوة المقتحمة.



خلاف «فتحاوي» داخلي
علمت «الأخبار» من مصدر «فتحاوي»في غزة أن «خلافات حادة» نشبت بين «الهيئة القيادية» للحركة في غزة، التي يترأسها أبو ماهر حلس، وأعضاء من «اللجنة المركزية» في الضفة المحتلة على خلفية إلغاء الهيئة مهرجان الانطلاقة خشية التصادم مع الأجهزة الأمنية في القطاع. ويتزعم «فريق الضفة» عضو «اللجنة المركزية» للحركة اللواء توفيق الطيراوي الذي طالب علانية بإقالة «الهيئة».
وتقول المصادر أن قيادة غزة هددت مرات عدة بتقديم استقالتها في حال استمرار الضغوط عليها من أعضاء «المركزية» وتدخلهم في قراراتها، إضافة إلى «المماطلة في رفع خصومات الرواتب على عناصر الحركة، ومطالبتهم بتقديم التضحيات من دون توفير الدعم لهم». وفي دعوة قد تكون «رصاصة الرحمة» على المصالحة، دعا عضو «المركزية» حسين الشيخ، إلى تشكيل حكومة وحدة فصائلية من قوى «منظمة التحرير» لما سماه «تحصين الوضع الداخلي». ولفت الشيخ إلى أنه «لا يوجد مبرر لبقاء حكومة الوفاق (الوطني) التي شكلت بهدف إنهاء الانقسام بعد منعها من القيام بمسؤولياتها في غزة».