يُنفّذ عدد من الأطباء وقفة احتجاجية أمام «بيت الطبيب» في بيروت، السادسة مساء اليوم، تزامناً مع انعقاد جلسة مجلس النقابة، للمُطالبة بتحسين المعاش التقاعدي والضمان الصحي للأطباء، واحتجاجاً على «الهدر والفساد واغتصاب قرار مجلس النقابة». الدعوة إلى الاعتصام جاءت في بيان أصدرته، ليل أمس، لجنة «الحراك المطلبي - معاً لقرار واحد» عقب اجتماع عقدته لمناقشة الوضع المالي للنقابة. وتضمّ اللجنة عدداً من الأطباء غير الراضين عن الأداء المالي لنقابتهم.وكانت اللجنة قد دعت قبل أيام إلى مقاطعة العشاء السنوي الذي تقيمه النقابة في 28 الجاري، «لأن الدعوة تأتي في وقت يشكو فيه نقيب الأطباء من شحّ في أموال صناديق النقابة الثلاثة (صندوق التقاعد، صندوق الإعانة والصندوق الإداري). و«الأهم لأن قرار تنظيم العشاء لم يصدر عن مجلس النقابة، بل عن المديرة العامة الإدارية المعيَّنة خلافاً للقوانين، وفي تجاوز لصلاحية مجلس النقابة»، وفق تأكيدات مصادر في «الحراك» لـ«الأخبار».
وتتركّز الاعتراضات على تعيين ن.ح. (محسوبة على التيار الوطني الحر) في منصب المدير العام الإداري من دون انتخابها من أعضاء مجلس النقابة، تخوّفاً من تكريس هذا الاستثناء كقاعدة من شأنها المسّ بصلاحية المجلس أولاً، ونظراً إلى «أن أداء المديرة العامة يثير شبهات كثيرة وُضعت في عهدة القضاء ثانياً».
ويلفت المعترضون إلى أن التقديرات تشير إلى أنّ مجموع الأموال المودعة في الصناديق الثلاثة «تبلغ نحو 190 مليار ليرة، لكن لا أحد يستطيع تحديد المبالغ المحددة لكل صندوق نتيجة الفوضى». فيما يتذرّع النقيب الدكتور ريمون الصايغ بعدم وجود أموال كافية لتحسين معيشة الطبيب، خصوصاً بعد تقاعده. إذ إن الراتب التقاعدي الذي تدفعه النقابة يقدّر بنحو 600 ألف ليرة شهرياً، فضلاً عن عدم شمول الأطباء بتقديمات صندوق الضمان الاجتماعي المتعلقة بالعناية الطبية بعد التقاعد. ولفت أحد أعضاء اللجنة إلى أن «الأطباء يُسدّدون، منذ عام 2000، اشتراكاتهم للضمان ظنّاً منهم أنهم يستطيعون الاستفادة من ضمان المتقاعدين، لكنّنا فوجئنا بأن القانون لا يسمح لنا بالاستفادة من الضمان بعد انتهاء خدمتنا».
رئيس مصلحة القضايا في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، صادق علوية، أوضح لـ «الأخبار» أنّ القانون 27/2017 نصّ بوضوح على الفئات التي يمكنها الإفادة من قانون إفادة المضمونين المتقاعدين، مُشيراً إلى أن شمول الأطباء بالقانون «يستوجب مرسوماً من مجلس الوزراء أسوة بالمرسوم الذي أضاف أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة». وتساءل علوية عن الجهة التي ستتحمّل الكلفة الإضافية في حال إقرار مرسوم كهذا: الدولة أم النقابة أم الأطباء؟
«انتفاضة الأطباء» تأتي في وقت تعاني فيه النقابة من فوضى مالية ناجمة عن هدر وفساد، وفق ما يؤكد المعترضون. وكان خمسة من أعضاء مجلس النقابة قد تقدّموا، في تموز الماضي، بإخبار أمام النيابة العامة التمييزية ضد «المديرة الإدارية للنقابة وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو متدخّلاً أو محرّضاً»، بعد اكتشاف أوامر صرف وهمية تتعلق بنفقات طائلة في غير الوجهة المخصصة لها، حصلت أيام النقيب السابق أنطوان البستاني.
الراتب التقاعدي للطبيب الذي تدفعه النقابة لا يتعدّى 600 ألف ليرة شهرياً


ووفق تقرير مالي لشركة تدقيق استعانت بها النقابة، تقاضى عاملون في النقابة نحو 139 مليون ليرة بدل ساعات عمل إضافية في النقابة عام 2015، فيما تقاضى سائق النقيب السابق وحده نحو 36 مليون ليرة لقاء ساعات عمل إضافية، أي ما يوازي 178% من راتبه. كذلك، يُظهر مستند أمر صرف بتاريخ 30/11/2015 أن نحو 13 ألف دولار اقتطعت من أموال النقابة لتغطية تكاليف إقامة البستاني في باريس لحضور مؤتمر علمي، يؤكد أعضاء «الحراك» أنه ألغي حينها!
في جعبة المعترضين «أدلة ومستندات كثيرة» تُثبت حجم الهدر في النقابة، ما أدى إلى عدم إجراء قطع حساب وامتناع الهيئة العامة عن إصدار براءات ذمة منذ عام 2015. ويقرّ هؤلاء بأن «غالبية عمليات الهدر جرت في عهد النقيب السابق»، لكنّهم يتهمون النقيب الحالي بـ«التغطية على سلفه وعدم اتخاذ إجراءات حاسمة لتدارك الوضع المالي».
الصايغ، من جهته، أكّد لـ«الأخبار» أن مجلس النقابة بصدد مناقشة مسألة براءات الذمة لتدارك أزمة النظام المالي السابق، مُكتفياً بالإشارة إلى أن النقابة «ملتزمة سقف القانون، وهي مع خيار الديمقراطية واحترام رأي الأكثرية». ولفت إلى أن قرار تنظيم العشاء السنوي «لا يحتاج إلى قرار مجلس النقابة، بل إلى قرار يصدر عن مكتب النقيب، ويحمل توقيع المديرة العامة الإدارية، وهو مناسبة لشكر الموظفين، وليس مكلفاً ولا يؤثر في أموال الصناديق».