تشير التصريحات التي خرجت عقب لقاء الرئيسين الروسي والتركي على هامش «قمة العشرين» في الأرجنتين، إلى أن القنوات الديبلوماسية والعسكرية بين أنقرة وموسكو سوف تشهد نشاطاً مكثفاً في الفترة المقبلة، لدفع تنفيذ «اتفاق سوتشي» في إدلب ومحيطها، بعد مطالبات روسية متكررة باتخاذ تدابير تعزز الهدنة هناك. ورغم التصعيد على الأرض، التزمت موسكو بلغة التعاون والشراكة مع الجانب التركي، مع الإشارة إلى ضرورة منع الهجمات التي تنطلق من ضمن المنطقة «المنزوعة السلاح»، وذلك في مقابل لهجة تصعيد تجاه الوجود العسكري الأميركي في شرقي نهر الفرات. التصريح الأوضح في هذا الشأن جاء من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أعرب عن أمله في أن تقوم وزارتا الدفاع والأجهزة الأمنية بحل «ملف إدلب» في أقرب وقت ممكن. وذهبت وزارة الخارجية الروسية إلى اعتبار الانتهاكات في منطقة «خفض التصعيد» حول إدلب محاولة لنسف «مسار أستانا»، الذي هُوجم صراحةً من الجانب الأميركي. ووفق التصريحات الروسية والتركية المتقاطعة، يتوقع أن يعقد الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان لقاءً جديداً حول الوضع في إدلب وملف «اللجنة الدستورية». وجاء مقترح القمة المفترضة بدعوة من الرئاسة التركية، فيما ترتّب وزارة الخارجية الروسية لقاءً ثلاثياً، روسياً إيرانياً تركياً، على مستوى وزراء الخارجية. وينتظر أن يركّز الاجتماع الوزاري على ملف «اللجنة الدستورية» ومحاولة إطلاق عملها قبل نهاية العام الجاري. ويأتي هذا النشاط لضامني «أستانا» بعد فشل جولة المحادثات الأخيرة في الوصول إلى توافقات حول هذه النقطة. كما يعدّ محاولة جديدة تسبق انتهاء مهام المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي وعد مجلس الأمن بتقديم إحاطة حول تشكيل «اللجنة» أو حول «الأسباب والأطراف» الذين عطّلوا هذا المسار. وبينما تضغط دول غربية لتحميل دمشق وحلفائها المسؤولية الكاملة عن هذا الفشل، يسعى الجانب الروسي إلى مواصلة التعاون مع دي ميستورا، حتى الأيام الأخيرة من مهامه. ويتقاطع الضغط الغربي في هذا الملف مع ما طالب به بيان لوزارة الخارجية الأميركية، بضرورة تحميل المجتمع الدولي الحكومةَ السوريةَ مسؤولية تعطيل مسار «التسوية السياسية». وزير الخارجية سيرغي لافروف أكد في معرض الرد على بيان الخارجية الأميركية، الذي اعتبر أيضاً أن صيغة أستانا «وصلت إلى طريق مسدود»، أن «الدول الغربية لسنوات طويلة لم تقدّم أي مقترحات بنّاءة بديلة لما عملت عليه الدول الضامنة، روسيا وتركيا وإيران، في أستانا». وركّز في تصريحات لقناة «روسيا 1» التلفزيونية على أن الإجراءات الأميركية في مناطق شرقي الفرات «تنتهك القرارات الدولية التي تشدد على وحدة الأراضي السورية»، موضحاً أن الأميركيين هناك «يلعبون لعبة خطرة خاصة بالأكراد، من دون مراعاة حساسية هذه المسألة، ليس فقط لسوريا، بل للعراق وإيران وتركيا».
لافروف: لعبة الأميركيين الخاصة بالأكراد لا تراعي حساسية المسألة لدول المنطقة

التركيز الروسي على خطورة الخطط الأميركية في الشرق السوري، يتماشى والتعاون القائم مع أنقرة، لا سيما أن الأخيرة تخوض نقاشاً طويلاً مع واشنطن حول مصير شرق الفرات والتعاون مع «وحدات حماية الشعب» الكردية. وكانت «قمة العشرين» آخر محطات تلك المحادثات، حيث التقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي دونالد ترامب، لبحث ملف منبج وإدلب وغيرهما. وعقب اللقاء، نقلت وسائل الإعلام التركية عن أردوغان تأكيده أن بلاده «لن تسمح» بتهديد أمنها من «أي كيان» في شمال سوريا. ووفق وكالة «الأناضول»، تعهّد الرئيس التركي بـ«تخليص» تلك المنطقة من «احتلال واضطهاد حزب العمال الكردستاني الإرهابي».
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قد أعلن أن الرئيس بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بحثا «بشكل مفصّل» الأوضاع في سوريا، على هامش «قمة العشرين، مضيفاً أن الجانبين أكدا استمرارية العمل من أجل تشكيل «اللجنة الدستورية» على ضوء توافقات «القمة الرباعية» التي عقدت في إسطنبول. وذكر أن بلاده «متفائلة بخصوص تشكيل اللجنة الدستورية في أقرب وقت، وأن يتفق جميع الممثلين عليها».



اعتداء أميركي جديد في محيط التنف


استهدفت القوات الأميركية المتمركزة في محيط منطقة التنف، قوات الجيش السوري في بادية حمص الشرقية، بعدد من القذائف الصاروخية، أمس. ونقلت وكالة «سانا» عن مصدر عسكري قوله إن «قوات التحالف الأميركي اعتدت حوالى الساعة الثامنة ليلاً (أمس) بعدة صواريخ على بعض مواقع تشكيلاتنا في جبل الغراب جنوب السخنة» مضيفاً إن الأضرار اقتصرت على الماديات.
وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن القوات الأميركية أطلقت أكثر من عشرة صواريخ باتجاه دورية للقوات السورية في منطقة جبل الغراب، على الحدود الشمالية الغربية لمنطقة الـ 55 كيلومتراً التي فرضها «التحالف الدولي» في محيط قاعدة التنف. وتوضح أن القصف كان تحذيرياً لمنع دخول الدورية إلى حدود «المنطقة الآمنة» بعد توقفها لمدة زمنية على خلاف مسارها الروتيني.