بعد أيام من التغطية الإعلامية والسياسية لتحريك السلاح الثقيل بعيداً عن خطوط التماس في محيط إدلب، توّجت تركيا جهودها بإعلان رسمي لنهاية المرحلة الأولى من «اتفاق سوتشي» القاضي بإنشاء منطقة «منزوعة السلاح». وأصدرت وزارة الدفاع التركية بياناً أكد إنجاز المهمة ضمن المهلة المحددة وتحمّل أنقرة «مسؤولياتها، بصفتها دولة ضامنة» لتنفيذ الاتفاق. وتوافقت تقارير وسائل الإعلام الموالية لتركيا، على تصوير انسحاب «كامل» للسلاح الثقيل، برغم ما بقي منه - وإن بشكل غير معلن - في جبهات يتعدى امتدادها نصف خطوط التماس في محيط إدلب.القراءة الأولية للمرحلة التي انقضت أمس، تقول إن أنقرة نجحت في استغلال الفرصة التي وفّرها الجانب الروسي لتجنّب أزمة جديدة على حدودها. وتمكّنت - إلى الآن - من ضبط فتيل النزاع بين الفصائل التي ترعاها تحت مظلّة «الجبهة الوطنية للتحرير» وباقي التنظيمات العاملة داخل منطقة «خفض التصعيد»، ولا سيما «هيئة تحرير الشام». كذلك أتاح هذا الواقع إعادة ربط مسار الميدان (الهادئ) بالفريق السياسي المعارض المحسوب على تركيا، وهو «الائتلاف»، بما قد يفتح المجال لاحقاً أمام طرح «سياسي» جامع في جيب إدلب الخارج عن سيطر الدولة السورية، يحظى بتمثيل على طاولة التفاوض وربما ضمن «اللجنة الدستورية». وبدا لافتاً أن الجانب الروسي رحّب بإدارة تركيا لتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، على لسان وزير الخارجية وديبلوماسيين في الوزارة، من دون أن يخرج أي تفاصيل - حتى مساء أمس - من وزارة الدفاع في هذا الشأن. قد يصبّ هذا الغياب في خانة الانتظار إلى حين انتهاء مهلة إنشاء المنطقة «منزوعة السلاح»، في الخامس عشر من الشهر الجاري. خاصة أن الأيام المقبلة يفترض أن تشهد (وفق الاتفاق) انسحاباً للفصائل «الإرهابية» من تلك المنطقة. ولفتت وزارة الخارجية الروسية في هذا السياق إلى أن «أكثر من 1000 من المتشددين» غادروا حدود المنطقة «المنزوعة السلاح»، مع نحو 100 وحدة من الأسلحة الثقيلة. أما الوزير سيرغي لافروف، فقد قال إنه «في يوم 15 تشرين الأول تنتهي المهلة المحددة لتشكيل المنطقة المنزوعة السلاح، و(التأخر) ليوم أو يومين لن يغيّر أي شيء. فالأهم جودة هذا العمل، ونحن نؤيد بقوّة ما يقوم به الشركاء الأتراك».
وافق مجلس الشعب على النسخة المعدلة من «المرسوم رقم 16»


وعقب زيارة وفد سياسي معارض لإدلب ومحيطها، نقلت وكالة «الأناضول» عن رئيس «الائتلاف» الذي قاد الوفد أيضاً، عبد الرحمن مصطفى، قوله إن «اتفاق سوتشي يقوي المعارضة والحل السياسي». وأضاف مصطفى أن «كثيراً من الدول تبذل جهداً في سبيل إفشال الاتفاق، والجيش السوري الحر مدرك لهذا، ولا يرد على هذه المحاولات» من دون أن يسمي الدول التي يقصدها. ولفت إلى أن «الواقع الجديد الذي أنتجه اتفاق إدلب يدفعنا إلى العمل لإعداد خطة جديدة لإدارة المنطقة»، مضيفاً أنه «يجب وضع الخطة بالتنسيق مع المؤسسات التي تعمل بتماس مباشر مع الأهالي، وأن تضمن توفير الخدمات والحياة الكريمة للمدنيين بأسرع وقت ممكن، والاستفادة منها في تعزيز الإدارة المدنية وتمكينها». ويذكّر هذا التوجّه بالآليات التي طبّقتها تركيا في المناطق التي احتلتها في ريف حلب الشمالي، عقب انتهاء عملية «درع الفرات».
وبعيداً عن إدلب، تستمر المعارك ضد «داعش» في ريفي السويداء ودير الزور. فبينما يستكمل الجيش عملياته في بادية السويداء الشرقية وامتدادها نحو ريف دمشق، تتواصل عمليات «قوات سوريا الديموقراطية» في محيط بلدة هجين، من دون إحراز أي تقدم لافت. ويبدي التنظيم مقاومة شرسة في كلا الجيبين، مستغلاً وعورة التضاريس وصعوبة التقدم فيها للقيام بهجمات مضادة سريعة.
أما في دمشق، فقد أقرّ مجلس الشعب بأغلبية الثلثين، النسخة المعدلة من «المرسوم رقم 16»، التي تتضمن 26 تعديلاً أو حذفاً للمواد، وحُوِّل إلى رئاسة الجمهورية لإقراره ليصبح نافذاً، أو لاقتراح تعديلات جديدة عليه.