يعقد رئيس بلدية صور حسن دبوق، قبل ظهر اليوم، مؤتمراً صحافياً «يشرح فيه حيثيات المشروع المقترح لتوسعة رصيف كورنيش الرئيس نبيه بري» كما جاء في بيان للبلدية أمس. ويتوقع، بحسب مصادر بلدية، أن يعلن دبوق سحب المشروع من التداول بعد الضجة الشعبية والأهلية التي أثيرت ضده. وعلمت «الأخبار» أن رئيس مجلس النواب نبيه بري اتصل، صباح أمس، برئيس البلدية المحسوبة على حركة أمل وطلب منه تجميد المشروع. التجميد يستبق وقفة إحتجاجية دعا إليها عدد من الناشطين في المدينة مساء غد «رفضاً للخطة الكارثية المتمثلة بردم شاطئ صور الجنوبي ورفضاً لتغيير معالم المدينة بهدف المنفعة الخاصة»، كما جاء في الدعوة التي ترافقت مع حملة على مواقع التواصل الإجتماعي بعنوان «لا لردم شط صور».
المديرية العامة للآثار لم تتسلم أي دراسة حول مشروع التوسعة (علي حشيشو)

الوقفة والحملة آزرهما دعم من نائب صور عن حزب الله نواف الموسوي الذي شن حملة عنيفة على المشروع بعدما علم بأمره صدفة خلال وجوده في مجلس الإنماء والإعمار. وشدّد في تصريح له على أنه «لن يُفرض على أهل صور وقضائها ما لا يرغب به أهل المدينة وقرى قضائها». فيما أشادت زميلته النائبة عن «أمل» عناية عز الدين بالمشروع الذي «يؤدي إلى تنشيط السياحة وإعادة ترتيب الكورنيش والشاطئ».
فما هو هذا المشروع الذي استدعى رفضاً شعبياً وتبايناً بين الثنائي الشريك في بلدية صور ونيابتها؟
وفق نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي، رفعت البلدية السابقة التي كان يترأسها دبوق أيضاً توصية لمجلس الإنماء والإعمار بتوسعة رصيف الكورنيش البحري بسبب ازدياد الإقبال البشري والنشاط الإستثماري في شارع المطاعم المقابل له. وأوضح أن التوصية تنص على توسعة رصيف الكورنيش الحالي في اتجاه البحر لمساحة تتراوح بين مترين وخمسة أمتار، تضاف إلى عرض الرصيف الحالي البالغ حوالي ثمانية أمتار. وسيخصص نحو مترين من المساحة المستحدثة كممر للدراجات الهوائية في إطار العمل على تحويل صور مدينة صديقة للبيئة. وأكّد صبراوي أن الكورنيش الجنوبي المستحدث على الشكل الحالي عام 2002، بات بحاجة إلى تأهيل بسبب الضغط الهائل عليه، لا سيما في موسم الصيف حين يتحول يوم السبت إلى شارع للمشاة يقصده الآلاف. علماً أن الرصيف يمتدّ نحو 700 متر على طول الشاطئ من مبنى الجامعة الإسلامية إلى حدود استراحة صور.
المشروع يقضي بقضم مساحات جديدة من شاطئ المدينة لإقامة ممر للدراجات الهوائية


دبوق الذي رفع التوصية من دون عرضها على لجان المجلس الفنية والبيئية والثقافية، يتمسك مع فريقه المحسوب على «أمل» بمنافع المشروع الذي «لن يمس بالأملاك البحرية، والأهم بأنه سيبقى حيزاً عاماً ولن يصبح مشروعاً خاصاً». علماً بأن «جادة نبيه بري» تم شقها عام 1992 على منطقة رملية ردمت بشكل دائري لاستحداث طرق وأرصفة ومرافىء. قبل ذلك، كانت الأمواج تضرب المنازل الواقعة على الواجهة البحرية. لدى استحداث الطريق، وضعت مكعبات صخرية ضخمة لصد الأمواج. وبعد عشر سنوات، اقتطع جزء من الطريق لإنشاء الرصيف. المشروع الجديد يقضي بأن تتراجع المكعبات القائمة في الأساس إلى الخلف لعدة أمتار وتُصبّ فوقها أساسات إضافية. أما في الجزء الجنوبي من الكورنيش، حيث الشاطئ الرملي الواسع، فـ«لن يقتطع منه سوى امتار قليلة لا تؤثر على المسبح الشعبي القائم».
هل يوجد بديل عن الردم؟. يقدم خبير مدني بدائل عدة لردم البحر بمكعبات الإسمنت أو الصخور، أبرزها إنشاء ممر خشبي مواز للرصيف الحالي يرتفع فوق اوتاد خشبية فوق الصخور القائمة بطريقة صديقة للبيئة.
في بيان لها، لفتت جمعية «الجنوبيون الخضر» إلى أن مشروع التوسعة «يطال اجزاءً مغمورة من صور التاريخية»، معتبرة بأن الأشغال تستوجب تقييم الأثر البيئي الذي نص عليه قانون حماية البيئة وتقييم الأثر التراثي وفق اتفاقية حماية مواقع الإرث الثقافي في صور المدرجة على قائمة التراث العالمي.
مسؤول المواقع الأثرية في صور علي بدوي قال لـ«الأخبار» إن المديرية العامة للآثار لم تتسلم أي دراسة حول مشروع التوسعة الذي لا يزال فكرة في مجلس الإنماء والإعمار. وأكد أنه لم توضع بشأنه دراسات تفصيلية ولم يدخل مرحلة التلزيم.



رأس الجمل لن يباع
قد تهدأ حملات الإعتراض على مشروع توسعة الكورنيش الجنوبي بعد إعلان تجميده، لكنها ستبقى مرتبطة بمشروع إعادة ترتيب منطقة رأس الجمل. النائب نواف الموسوي كان قد أعلن أن «شركة فرنسية ستستثمر منطقة رأس الجمل وتعمل على إعادة هيكلة شاطئها السياحي». فيما أوضح مسؤول المواقع الأثرية في صور علي بدوي لـ«الأخبار» أن هذه المنطقة «أملاك بحرية عامة مصنفة كآثار لمصلحة المديرية العامة للآثار. وعليه، لا يمكن تخصيصها أو منح أي طرف محلي او أجنبي حق استثمارها». وأضاف أن المنطقة المقابلة للمرفأ المصري الغارق في البحر «ستخضع لتأهيل مساراتها وإعادة ترتيب شكلها في إطار مشروع الإرث الثقافي بالتعاون بين المديرية ومجلس الإنماء والإعمار والبلدية». المشروع يشمل توحيد الشكل الخارجي للمقاهي الموجودة عشوائياً منذ الثمانينات باستخدام مواد صديقة للبيئة وإزالة المنشآت الإسمنتية المقامة على الصخور والشاطئ ومعالجة الصرف الصحي الناتج عن المقاهي مما يهدد بتلويث الخليج الصغير المقابل لرأس الجمل. وبحسب بدوي، يسمح الترتيب بجذب السياح وتنظيم انشطة الغطس تحت الماء لمشاهدة الآثار الغارقة. وجزم بأن مراحل المشروع لن تشمل أي ردم أو تغيير لمعالم المنطقة.