«على جميع مسلحي داعش تسليم أنفسهم حقناً للدماء»، نادت مآذن المساجد في «ولاية الرقة» بعد صلاة العشاء. أعلنت ساعة الصفر، وأطلقت «جبهة النصرة» معركة «فك العاني من سجون الجاني» لتحرير الأسرى.واشتعلت جبهات القتال في مختلف مناطق محافظة الرقة بين «الدولة الإسلامية في العراق والشام» من جهة و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» من جهة أخرى فجر الأحد الماضي. شنّ مسلحون ينتمون لـ«الدولة» هجوماً على مقر «لواء العزة لله» في مدينة الطبقة (50 كلم غرب الرقة) أسفر عن مقتل شقيق قائد اللواء محمود عطية وخمسة مقاتلين، ومسلحين من «لواء التوحيد» والملازم أول المنشق خليل العلي الذي صُفّي في سيارة الإسعاف برصاصتين في الرأس، وهي الطريقة التي قضى بها معظم الجرحى في غرفة عمليات مشفى الرقة الوطني.

إذاً، انتهى الهدوء الذي خيّم على مدينة الرقة لأيام طويلة. البداية كانت في تظاهرات دعا اليها ناشطون لكسر عزلة فرضتها «داعش» على المدنيين والناشطين. حمّى مقاتلو «النصرة» و«أحرار الشام» التظاهرة المسائية التي خرجت مطالبة بالإفراج عن المعتقلين والمخطوفين. وما أن انفضّ المتظاهرون حتى بدأت الاشتباكات بين طرفي النزاع في مختلف أحياء المدينة.
وتوالت البيانات المطالبة مقاتلي «داعش» بـ «تسليم أنفسهم وكفى الله المؤمنين شر القتال»، إلا أن الأخيرة أصرّت على المواجهة والقتال في بعض المواقع فيما سلّمت في مواقع أخرى.
وأعلنت «جبهة النصرة» سيطرتها على مباني الأمن العسكري ومعسكر الطلائع وبريد الدرعية ومديرية النقل وصوامع الحبوب ومطحنة الرشيد ومؤسسة المياه، وامتدت الاشتباكات إلى كنيسة الشهداء التي سبق أن أحرقها مسلحو «داعش» وحوّلوها مكتباً دعوياً للتنظيم. واستمرت الاشتباكات، طيلة أول من أمس، عند حواجز جسري الرشيد والمنصور، مدخل المدينة الجنوبي، والمشلب، المدخل الشرقي، والسباهية، المدخل الغربي.
وأمس، انتقلت المعارك الى شارعي تل أبيض و23 شباط وسط أسواق الرقة لتشمل بذلك كل أنحاء المدينة، وأسفرت عن تحرير اثنين من نشطاء الرقة المعتقلين وعددهم عشرين، وهم، سمر صالح ومحمد العمر، إضافة الى نحو خمسين معتقلاً مدنياً لم تُفصح «الجبهة» عن اسمائهم. وحاصر مقاتلو «النصرة» و«أحرار الشام» مبنى محافظة الرقة وسط المدينة، حيث المقر الرئيس لـ«داعش». وخلّفت المعارك عشرات الجثث لمقاتلي «الدولة» في شوارع المدينة التي تشهد اشتباكات متقطعة وانتشاراً للقناصة في كافة أرجائها. وأفاد ناشطون معارضون عن انقسامات في صفوف التنظيم، بين «محلّيين انشقوا وأجانب مصممين على القتال». وأكدت مصادر في المدينة لـ«الأخبار» أن «جبهة النصرة» اعتقلت قاضي «داعش» المعروف باسم «أبو علي». كما تواردت أنباء غير مؤكدة عن مقتل «والي تنظيم الدولة» في الرقة «أبو لقمان».

النصرة: لهذا نقاتلهم

وقد أصدرت «النصرة» بياناً أكدت فيه أن حربها ضد «داعش» جاءت نتيجة «تجاوزها كل الضوابط الشرعية، وتوالي اعتداءاتها على عوام المسلمين وعلى الفصائل التي خرجت تجاهد لرد العدو النصيري الصائل...». وأضاف البيان: «بعد محاولات يائسة من الشرعيين في جبهة النصرة الذين حاولوا حقن الدماء، وإعادة أواصر الاخوة بين الفصيلين قامت جبهة النصرة بإعلان عملية عسكرية ضد داعش لردها عن بغيها، وإعادة المظالم إلى أهلها في حملة أطلق عليها اسم فك العاني من سجون الجاني، تحرير أسرى الرقة».
بدورها، أصدرت «الجبهة الإسلامية» بياناً تعهدت فيه بضمان سلامة «المجاهدين المهاجرين».
وحذّر ناشطون من إمكانية قيام التنظيم بتصفية ناشطين معتقلين لديه، وتفخيخ سيارات وتركها في بعض أحياء المدينة لتفجيرها لاحقاً بعد زهاء سبعة أشهر حكم فيها مدينة الرقة.

«داعش» تسيطر على معدان والسبخة

إلى الشمال وتحديداً في مدينة تل أبيض الواقعة على الحدود التركية، أغلقت السلطات التركية معبر تل أبيض الحدودي قبل يومين من اندلاع الاشتباكات. وأكد ناشطون لـ«الأخبار» أن «السلطات التركية كانت على علم بما سيجري في المنطقة لذا استبقت الأحداث وسارعت لضبط حدودها خوفاً من عودة مسلحي داعش إلى أراضيها». كذلك شهدت منطقة عين العروس جنوب تل أبيض، اشتباكات عنيفة بين مسلحي «أحرار الشام» و«الدولة» الذي فجر بسيارة مفخخة مبنى «الحركة» مما أدى إلى تدميره بالكامل والقضاء على كل من فيه. وفي ريف الرقة الشرقي، أعلن «داعش» سيطرته على مدينة معدان، وناحية السبخة، وفرض حظر تجوال على المدنيين.