زحلة هي الأكثر غموضاً من بين معظم الدوائر. لكل طرف نظرته إلى التحالفات. مصادر في التيار الوطني الحر في المدينة تؤكد أن الرئيس سعد الحريري أعاد، بعد زيارة السعودية، تأكيد ثوابت تحالفه مع التيار الوطني الحر. وهو الأمر الذي لم تخالفه مصادر تيار المستقبل في البقاع، إذ أشارت إلى أن التحالف مع العونيين لا يزال قائماً، مرددة أن الأمور يمكن أن تتغير في أي لحظة، بما أن التيار لم يعلن ترشيحاته أو تحالفاته.
في المقابل، يجزم متابعون للمعركة الانتخابية في زحلة بأن المستقبل سيتحالف مع رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف في النهاية، ربطاً بالاهتمام السعودي بآل سكاف، الذي لا يبدو الحريري بعيداً عنه. كل ذلك لا يزال في إطار الفرضيات. أما الواقع بالنسبة إلى ميريام سكاف، فيختصره عنوان حملتها الانتخابية التي أطلقتها: «أنا مش لوحدي»، ويجزم هؤلاء بأن تسعين بالمئة من الحملة مبني على فرضية أنها ستخوض الانتخابات وحيدة. ويؤكدون أن سكاف لم تتواصل مع المستقبل منذ مدة، وكذلك لم يتواصل معها أحد من المستقبل منذ عودة الحريري من الرياض.

القوات للحفاظ على
تمثيلها البقاعي من دون حصر نوابها الثلاثة في زحلة


وعليه، إذا صحت المعلومات التي تشير إلى استمرار التحالف بين التيارين الأزرق والبرتقالي، فإن ذلك يعني مضي ميريام سكاف بترؤس لائحة، إلى جانب بول شربل عن المقعد الماروني وماري جان بيلازكجيان عن مقعد الأرمن الأرثوذوكس، إلا إذا نجحت مساعي الكتائب المستمرة في التحالف مع الكتلة الشعبية، فينضم عندها شارل سابا إلى اللائحة عن المقعد الأرثوذكسي، وإلا تكمل الكتائب طريقها مع أشرف ريفي ومن يسمون أنفسهم «المجتمع المدني»!
ووفق هذا السيناريو، فإن «القوات» ستشكل لائحة كاملة تسعى فيها إلى محاكاة تجربتها في تشكيل لائحة المتن الشمالي، فتضم لائحتها الزحلية وجوهاً تعطي صدى إيجابياً في المنطقة، تضاف إلى مرشحها الأول جورج عقيص عن المقعد الكاثوليكي وسيزار معلوف عن المقعد الارثوذوكسي وسمير صادر عن المقعد الماروني.
في مقابل هذه السيناريوهات، ارتفعت أمس حظوظ اتفاق ثلاثي يضم المستقبل والتيار الوطني الحر والقوات، بوصفه أفضل الخيارات التي يسعى المستقبل إليها، إذ يكون بذلك قد نزل عند الرغبة السعودية في التحالف مع القوات حيث أمكن، وفي الوقت نفسه تجنب الإحراج مع التيار الوطني الحر شريكه في التسوية السياسية ـ الرئاسية.
إذا نجحت هذه المساعي، فإن الأمر يتطلب تخلي العونيين عن أحد مرشحيهم الكاثوليك لمصلحة مرشح القوات جورج عقيص، ما يعني عملياً الاستغناء عن ميشال ضاهر لكونه من خارج زحلة كما عقيص، فيما يبقى ميشال سكاف مترئساً اللائحة. وبذلك، تكون اللائحة قد تشكلت من سكاف، عقيص، سليم عون (ماروني)، أسعد نكد (أرثوذوكسي)، عاصم عراجي (سني)، نزار دلول (شيعي)، إضافة إلى مرشح مستقبلي عن مقعد الأرمن الأرثوذوكس.
إشكالية تأليف لائحة كهذه تكمن في رفض القوات الاكتفاء بمرشح واحد، خاصة أنها تملك قاعدة ناخبة تفوق قاعدة التيار الوطني الحر، ولكن في هذه الحالة، هل تنسحب القوات إذا لم يُستجَب لمطلبها؟
في زحلة، ثمة تأكيد أن من مصلحة القوات القبول بمرشح واحد في البقاع الأوسط، لكون المستقبل سيدعم مرشحيها في البقاعين الغربي (إيلي لحود) والشمالي (طوني حبشي)، وبالتالي إن النتيجة الإجمالية ستكون تمثيل القوات بثلاثة مقاعد في مختلف دوائر البقاع، أي المحافظة على حصتها البقاعية الحالية، مع فارق أن تمثيلها لن يكون محصوراً في زحلة.
كل هذه السيناريوهات لا تنفي فرضية خوض المستقبل للمعركة منفرداً، ضامناً مكاسب التحالف مع القوات والتيار نفسها، فهو سيحصل في الحالتين على مقعدين، وفي الحالتين سيكون متحرراً من الإحراج أمام حليفيه المتناقضين في حساباتهما.