استبقت وزارة التربية المهلة المعطاة للمدارس الخاصة لتسليم موازناتها، والتي تحدد على أساسها الأقساط، بفتح استدراج عروض للتدقيق فيها. أول من أمس، انتهت المهلة الممدّدة من 31 كانون الثاني (الموعد المنصوص عنه في القانون 515 /1996).
في 22 شباط الماضي، أصدر وزير التربية مروان حمادة قراراً دعا فيه خبراء المحاسبة ومكاتب تدقيق الحسابات المسجلين في نقابة خبراء المحاسبة المجازين إلى الاشتراك في استدراج عروض للتدقيق في الموازنات، على أن تفض العروض في اليوم الثامن الذي يلي صدور القرار، أي اليوم. وبدا لافتاً في دفتر الشروط الخاص بالتلزيم، الطلب من المدققين وضع تأمين مؤقت بقيمة 100 ألف ليرة لبنانية، وتأمين نهائي بنسبة 10% من قيمة الموازنات المسلّمة لكل خبير أو مدقق حسابات. وهذا يعني أن التأمين قد يلامس المليار ليرة لبنانية، بما أنّ موازنات المدارس تراوح عادة بين 5 و10 مليارات ليرة.
ما إن نشر دفتر الشروط حتى ضجت أروقة نقابة خبراء المحاسبة بما سموه «فضيحة» و«شروطاً تعجيزية». عضو النقابة أسعد أبو دبس، قال لـ«الأخبار» إن المدققين يترددون في تقديم طلباتهم قبل فهم الخلفيات من وراء شرط التأمين تحديداً، و«سنطلب للغاية موعداً من المسؤولين في الوزارة للوقوف على التفاصيل». ويرى أبو دبس أن «استعانة وزارة التربية بنا كخبراء منتسبين إلى النقابة ومحلفين لدى المحاكم لا تحتاج إلى استدراج عروض أصلاً، بل يمكن أن يحصل ذلك بموجب تكليف، وغالباً ما تستعين الدولة بنا للتدقيق في حسابات الإدارات على هذا الأساس».
بالنسبة إلى وزير التربية مروان حمادة، القضية ليست في استدراج العروض الذي هو «تفصيل» كما يقول لـ «الأخبار»، فالهدف الأساسي «هو استخدام كل الوسائل التي يتيحها القانون 515 لتحقيق الاستقرار في العام الدراسي. والتدقيق هو إحدى الوسائل التي نستخدمها للمرة الأولى، وتجيزه المادة 13 من القانون». وأكد أن دفتر الشروط «وضع بالتنسيق مع النقابة، والبنود قابلة للبحث معهم إذا كانت هناك أي ملاحظة». فيما يسأل أبو دبس في المقابل: «هل يمكن التراجع عن الشروط بعد توقيع العارض للتعهد؟».
يصر حمادة على أن «القضية ليست هنا، بل في العهد الذي قطعه رئيس الجمهورية للمدارس بدعم الدولة»، معرباً عن اعتقاده بأنّ التأخر في عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء خاصة بالتربية لطرح القانون المتعلق بجدولة الدرجات للمعلمين على ثلاث سنوات، سببه «التهرب من الاتهام بعدم الإيفاء بالعهود، ولولا هذا الواقع لما كنا سنقع اليوم في مأزق عدم توقيع لجان الأهل لجزء كبير من الموازنات».
عندما طرح اللجوء إلى التدقيق في الموازنات في خريطة الطريق التي وضعها الوزير مع بداية أزمة الأقساط هذا العام، كانت هناك نية لمحاولة معرفة مدى أحقية المدارس في استيفاء الزيادات على الأقساط المدرسية. اليوم، تشير الوزارة إلى أن التدقيق سيطال فقط الموازنات غير الموقعة والناقصة (لجهة المستندات المطلوبة).
يبدو أبو دبس ومسؤولو وزارة التربية مقتنعين بأنّ صلاحيات الوزارة والخبراء محدودة في القانون 515 الذي ألغى أحكام قوانين سابقة، وهي لا يمكن أن تتجاوز الموازنة إلى الميزانية وقطع الحساب، لكون المدارس الخاصة معفاة من الضرائب على الأرباح. وهذا ليس دقيقاً، فالمادة 19 من المرسوم الرقم 4564، الذي يحدد دقائق تطبيق بعض أحكام القانون 11/81 (المتعلق بمراقبة وزيادة الرسوم المدرسية في المدارس الخاصة غير المجانية) لا تتعارض مع القانون 515 ولا ذكر فيها لموضوع الموازنة بأي شكل، بل تحدد فقط صلاحية لجنة الأهل والهيئة المالية والوزارة والقضاء في كشف القيود والمصارفات، وهي لا تزال سارية المفعول، بحسب المادة 18 من القانون 515 التي تنص صراحة على أنه: «تبقى سارية المفعول سائر الأحكام التي لا تتعارض مع نصوص هذا القانون...».