كان قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، أمس، ثقيلاً حتّى على حلفائه الغربيين، إذ جاءت أولى الاعتراضات عليه من لندن وباريس، وذلك بعدما عبّرا، قبل الإعلان الرسميّ للقرار، عن قلقهما منه، إذ لا يعترف المجتمع الدولي، بشكلٍ عام، بسيادة إسرائيلية منفردة على المدينة بأكملها ويعتقد أن وضعها يجب أن تحدّده المفاوضات.
وبشكلٍ واضح، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، أنها «لا توافق» على قرار ترامب، معتبرة في بيان أن هذا القرار «لا يساعد بشيء» في التوصل إلى السلام في المنطقة. وأكّدت أن سفارة بلادها في إسرائيل ستبقى في تل أبيب، معتبرة موقف بلادها «من وضع القدس واضح وقائم منذ زمن طويل: لا بد أن يتحدد في إطار تسوية يجري التفاوض بشأنها بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ويجب أن تكون القدس في نهاية المطاف عاصمة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية». وقالت إن بريطانيا تعتبر «القدس الشرقية جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلّة».
من جهته، وصف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، قرار ترامب بـ«المؤسف»، داعياً إلى «تجنّب العنف بأي ثمن». وشدد في مؤتمر صحافي عقده في الجزائر حيث يقوم بزيارة، على «تمسك فرنسا وأوروبا بحل الدولتين، إسرائيل وفلسطين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، ضمن حدود معترف بها دولياً ومع القدس عاصمة للدولتين». وفي تغريدة على «تويتر»، أعاد ماكرون تأكيد موقفه، قائلاً إن فرنسا تدعم مبادرات مجلس الأمن والأمم المتحدة في إطار «السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين».
كذلك، أكّدت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل أن حكومتها لا تدعم قرار الرئيس الأميركي. ووفق المتحدّث باسمها، ستيفن سايبرت، فإن ميركل «لا تدعم هذا الموقف لأن وضع القدس لا يمكن التفاوض بشأنه إلا في إطار حلّ الدولتين». بدوره، أكّد رئيس الحكومة الإيطالية، باولو جنتيلوني، عبر موقع «تويتر» أن «القدس مدينة مقدسة لا مثيل لها في العالم. مستقبلها يجب أن يحدد في إطار عملية السلام القائمة على حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين».
وعلى صعيد الاتحاد الأوروبي، أعربت وزيرة خارجية الاتحاد، فيديريكا موغيريني، باسمه، عن «بالغ القلق» إزاء خطوة ترامب، موضحةً في بيانٍ أن «الاتحاد الأوروبي يدعو كل الفاعلين على الأرض وفي المنطقة، إلى التحلّي بالهدوء وضبط النفس لتجنّب أي تصعيد»، مضيفةً أن الاتحاد «يبقى مستعداً للمساهمة في عملية التفاوض» الضرورية لحل مسألة وضع القدس. وقالت المسؤولة الأوروبية أيضاً إن «الحلّ التفاوضي القائم على أساس دولتين بما يلبي تطلعات الطرفين، هو الوسيلة الوحيدة الواقعية لإقرار السلام والأمن»، لما فيه «مصلحة الإسرائيليين والفلسطينيين» على حدّ سواء. وفي المنحى نفسه، رأى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن وضع القدس لا يمكن أن يحدّد إلّا عبر «تفاوض مباشر» بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مذكراً بمواقفه السابقة التي تشدد على «رفض أي إجراء من طرف واحد».
كذلك، دعا البابا فرنسيس لاحترام «الوضع الراهن» في القدس، قائلاً إن أي توتر جديد في الشرق الأوسط سيؤجج الصراعات في العالم. يشار إلى أنه لا توجد أي سفارة لأي دولةٍ في القدس. وسبق أن كان لدولتين صغيرتين من أميركا اللاتينية، هما السلفادور وكوستاريكا، سفارتان في القدس قبل نقلهما إلى تل أبيب في 2006، قائلتين إنهما تريدان التزام المعايير الدولية.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)