لم تُحلّ عقدة التعيينات الأمنية التي تؤخر انطلاق عمل الحكومة. ما جرى أمس لم يتجاوز محاولات إيجاد الحلول. رغم ذلك، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس أمام زواره أن جلسة مجلس الوزراء ستُعقد الخميس، "وفق إيجابية من الرئيس تمام سلام والوزير جبران باسيل". لكن بري لم يحسم ما إذا كانت التعيينات الامنية ستُقرّ في جلسة الخميس أو لا. والحديث هنا لا يطال المواقع التي يشغلها ضباط ممددة ولاياتهم بصورة يراها تكتل التغيير والإصلاح مخالفة للقانون والدستور، بل المواقع الشاغرة، وتحديداً، في المجلس العسكري للجيش، أي المواقع الثلاثة التي أحيل شاغلوها على التقاعد من دون تعيين بدلاء لهم: المفتش العام (كاثوليكي)، المدير العام للإدارة (شيعي)، والعضو المتفرغ (أرثوذكسي).وإضافة إلى بري، عبّرت مصادر وزارية (من 8 آذار وأخرى من 14 آذار) عن تفاؤلها بانعقاد جلسة الخميس. وتشير المصادر إلى أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون تخطى مرحلياً مطالبته بطرح سلة كاملة للتعيينات الامنية، أي تغيير قائد الجيش ورئيس الاركان، الممدد لهما مع اللواء محمد خير، نظراً الى أن الاهتمام الحالي يتركز على تسوية تتعلق بانتخاب رئيس للجمهورية، الامر الذي يفترض معه تعيين قائد جديد للجيش. لكن عون، على ذمة المصادر، قَبِل بتسوية جزئية كمخرج لإعادة تفعيل الحكومة، وتجاوباً مع مطلب حلفائه في قوى 8 آذار، وتحديداً حزب الله الذي "عطّل مبادرة باريس" الرامية إلى الاتيان برئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية رئيساً.
جرى التداول بمعلومات
منسوبة إلى باسيل مفادها أن التسوية مع جعجع «مش ماشية»

وقالت المصادر إن التسوية تنص على أن يختار عون الاسمين المسيحيين للمجلس العسكري، فيما تحدّثت أخرى عن أن قائد الجيش العماد جان قهوجي هو من سيختار العضو المتفرّغ في المجلس العسكري، كون شاغل هذا المنصب يتولى عملياً معاونة قائد الجيش في غالبية الملفات التي يبحثها المجلس.
في المقابل، نفت مصادر في تكتل التغيير والإصلاح الوصول الى أي اتفاق، وكررت أن مشاركة التكتل في جلسة الخميس مرهونة بحل عقدة التعيينات الامنية، فيما أكّدت مصادر في 8 آذار أن الاتفاق على المبدأ لم يُنجز بعد ليجري بحث الأسماء المقترحة للتعيين.
وأكّد تكتل التغيير والإصلاح، بعد اجتماعه أمس، أن "مشاركة وزراء التيار الوطني الحر أو عدم مشاركتهم أو مشاركتهم مع الاعتراض القوي في جلسة مجلس الوزراء المقبلة أمر مرهون بمساعي ما قبل جلسة الخميس". ووجّه التكتل في بيانه انتقاداً لوزير البيئة محمد المشنوق، بسبب قراره "وقف استيراد مصانع التفكيك الحراري، بشرط موافقة الوزارة المسبقة، ولا مواصفات لديه متوافرة أو مقرّة في مجلس الوزراء، ما يعني الاستنساب، في حين يمكنه أن يعتمد المعايير الدولية، كالتي يعتمدها مثلاً الاتحاد الأوروبي لاستيراد هذا النوع من مصانع التفكيك الحراري، علماً بأنه سبق لمجلس الوزراء، برئاسة الرئيس سعد الحريري، أن اتخذ قراراً مبدئياً عام 2010 باللجوء إلى هذه التكنولوجيا المتقدمة لحل هذه المعضلة". وطالب التكتل المديرية العامة للأمن العام بوقف تقاضي رسوم تجديد جوازات السفر المستوفاة سابقاً.
رئاسياً، وفيما يجري التداول بمعلومات تشير إلى قرب انعقاد لقاء في العاصمة الفرنسية باريس بين النائبين سعد الحريري وسليمان فرنجية، يستمر الحديث عن تقدّم على مسار المباحثات بين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والجنرال ميشال عون، على أن تُتوّج بإعلان جعجع ترشح الجنرال للرئاسة. وفيما تؤكد مصادر متعددة أن جعجع لا يزال مصمّماً على إعلان ترشيح الجنرال قريباً، كان لافتاً أمس التداول بمعلومات منسوبة إلى وزير الخارجية جبران باسيل، تقول إن التفاهم مع جعجع "مش ماشي".
وفي هذا السياق، زار وزير الداخلية نهاد المشنوق جعجع في معراب أمس، وأعلن المشنوق ما يُشبه "ورقة النعي" للمبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس الحريري، من خلال القول إن "القرار الاقليمي والدولي غير ناضج حالياً لانتخاب رئيس للجمهورية رغم كل ما يقال"، علماً بأن المشنوق كان أحد أكثر المروّجين لوجود دعم إقليمي ودولي لمبادرة الحريري الرئاسية. وشدّد المشنوق على "وجوب التروّي والهدوء وإيجاد مخارج يجب أن تكون مشتركة دائماً بيننا وبين الحكيم، نظراً لتاريخنا السياسي المشترك والطويل".
ورداً على سؤال، قال وزير الداخلية: "النقاش دار حول ترشيح جعجع للنائب العماد ميشال عون. ولهذا، قلت إننا نمر في مرحلة عواصف سياسية تحتاج الى مداراة، إذ لسنا بحاجة الى مزيد من المواجهة".