القاهرة | ستكون مصر خلال الفترة المقبلة مشغولة بالانتخابات الرئاسية التي ستشهدها بين شهري نيسان وأيار المقبلين، وبمن سيترشح فعلاً، وبمن لن يصل به الأمر إلى باب اللجنة العليا للانتخابات بفعل قضية ما، أو بفعل عدم قدرته على جمع توقيعات المواطنين أو نواب البرلمان. وينشغل قطاع كبير أيضاً بمن سينتخب للرئاسة، بالرغم من كون النتيجة محسومة سلفاً، مع العلم أن الناشط الحقوقي خالد علي هو الوحيد الذي أعلن عن ترشحه حتى الآن، في وقت لم يعلن فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي ترشحه الرسمي بعد.
القطاع الأكبر الذي تثار حوله أسئلة في هذا المجال، هو من يحسب نفسه على «ثورة 25 يناير»، وهم أكثر من يحتار تقريباً في كل انتخابات رئاسية أعقبت الثورة، التي مضى عليها قرابة سبع سنوات حتى الآن. وهناك مجموعة من الشباب محسوبين بالفعل على «25 يناير»، ومن الذين لم تبتعد خياراتهم منذ العام 2011 حتى الآن عن شعارات «عيش... حرية... عدالة اجتماعية»، لكنهم لم يجدوا منذ حينه مرشحاً بعبّر عنهم بشكلِ تام، حتى عندما ترشح حمدين صباحي مرتين، إذ انقسمت الآراء حوله، في حين كان هو الأقرب لشعارات «25 يناير»، وخطته لامست تقريباً كل ما نادت به الثورة، إلا أن عدم قدرة هؤلاء على الحسم، ولكثير من العوامل الأخرى، لم يصل صباحي في المرتين إلى مقعد الرئاسة.
في انتخابات العام 2018، وفي حال تمكّن خالد علي في الترشح، سيكون ممثلاً لشعارات وأحلام «ثورة يناير»... ولكن هل سيؤيده شبابها؟
لا يبدو أن هناك من يؤيد الرئيس السيسي، بين من يحسبون أنفسهم على الثورة، والذين لا يزالون ينادون بتنفيذ أهدافها، بالرغم من الانتكاسات وخيبات الأمل التي أصيبوا بها في السنوات الماضية. كذلك، فإنّ لا مؤيدين له في أوساط اليسار المصري، ولا بين الحركات الثورية التي تعمل في الإطار نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للشباب الذين يمارسون السياسية بلا غطاء حزبي أو حركي.
وقد تكون قضية تيران وصنافير، إلى جانب أداء السلطة ولا سيما في ملف الاعتقالات والاختفاء القسري، بالإضافة إلى ملفات أخرى، هي التي أدت بكثيرين ممن كانوا يجمعون بين تأييدهم للسيسي ولـ«ثورة يناير» إلى الابتعاد كلياً خيار السيسي في الانتخابات المقبلة. على سبيل المثال، فإنّ الناشطة والصحافية إسراء عبد الفتاح التي تُهاجم من قبل إعلام محسوب على النظام المصري بسبب موقفها من قضية تيران وصنافير، لن تؤيد الرئيس في ولاية ثانية.
بدوره، أكد الناشط السياسي حازم عبد العظيم الذي قال عبر «تويتر» إن «أكبر خطيئة كانت قبولي الانضمام لحملة السيسي». وبالرغم من أنه لم يعلن تأييده لخالد علي إلا أن عبد العظيم لن يؤيد السيسي بالتأكيد. وعقب مؤتمر خالد علي كتب عبد العظيم عبر حسابه قائلًا: «أتمنى أن يحذو مرشحون آخرون حذو خالد علي، معركة الشعب المصري القادمة مع النظام الفاشل هي الحق في انتخابات نزيهة غصباً عنه وإلا ثورة قادمة».
يضاف إلى عبد الفتاح وعبد العظيم، ممدوح حمزة، أحد أكبر داعمي «الثورة»، والذي صار يعارض السيسي، ويعتبر أن الأمن «منع حفل توقيع كتابه عن الصحراء، ومنع لقاءه على إحدى القنوات، وألغى مشروعاته، وأوقف مقالاته».
في الوقت ذاته، سنجد أن حزب «الدستور»، الذي يعتبر أغلب أعضائه من مؤيدي «ثورة يناير»، بما أن مؤسسه كان نائب رئيس الجمهورية السابق محمد البرادعي، يؤيد خالد علي الذي أعلن ترشح من مقر «الدستور» نفسه.
أما أحزاب مثل «المصريين الأحرار»، و«التجمع» اليساري، و«مستقبل وطن»، و«المؤتمر»، و«حماة الوطن»، و«الوفد» فقد أعلنت جميعها تأييدها للسيسي لفترة رئاسية ثانية، وإن كانت هذه الأحزاب بلا قاعدة شعبية حقيقية، ولا يمكن أن تضمن أن من ينتمون إليها في المحافظات سيدعمون السيسي ويصوتون له.
يبقى أن المواطن المصري العادي الذي يتمنى تنفيذ شعارات «ثورة يناير»، قد تكون المقاطعة خياره، خصوصاً أنه يعتقد أن خالد علي ليس قادراً على الوصول فعلياً إلى سدة الرئاسة في هذا الوقت وفي هذا المناخ السياسي.