تفيد المعلومات المسرّبة من الاجتماع الأخير لمجلس كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، أن المجلس وافق على التعاقد، ضمن محاصصة حزبية، مع نحو 90 أستاذاً لا يستوفي معظمهم للشروط الأكاديمية والقانونية، ما يفوق حاجة الكلية. في هذه «الصفقة»، أدخلت أسماء «غير مؤهلة» و«غير جديرة» للتعاقد في كلية العلوم، وجرى استبعاد أساتذة، أصحاب ملفات بارزة علمياً وبحثياً، وفق نتائج تقييم اللجان العلمية التي شكلت في عهد العميد السابق حسن زين الدين.
وفي التفاصيل أنّه بعد بلوغ زين الدين سن التقاعد، كُلِّف بسام بدران عمادة كلية العلوم في آذار ٢٠١٧. وقد ألّف العميد المكلف لجاناً علمية جديدة نسفت، بحسب الأساتذة المتضررين، المعايير التي وضعتها اللجان السابقة وجرى، خلسة، استدعاء أساتذة لم ترد أسماؤهم في نتائج اللجنة السابقة (الأسماء التي تريدها الأحزاب) على فترات زمنية متباعدة. كما تمت دراسة ملفات قدمت «غب الطلب» من دون الإعلان رسمياً عن شواغر وتقديم طلبات، واستدعي أساتذة جدد لم يكونوا موجودين في الملف السابق. الهدف من ذلك كله، بحسب الأساتذة، كان تمرير الأسماء التي طالبت بها الأحزاب السياسية ولم تفز بتقييم اللجان السابقة، لكن بإضفاء الشرعية عليها عبر مرورها باللجان الجديدة. هذه المرة، لم تعلن نتائج اللجان أو التقارير بشكل رسمي يظهر ترتيب المرشحين، لكن الأساتذة ذوي «الواسطة» كانوا قد تبلّغوا من أحزابهم بوجود أسمائهم في اللوائح المقبولة قبل ثلاثة أسابيع من طرحها في الاجتماع الأخير لمجلس الكلية في 01/11/2017.
بحسب مصادر الأساتذة المتضررين، لم يعترض أي من أعضاء مجلس الكلية على المخالفات القانونية لعملية التعاقد، من عدم الإعلان رسمياً عن الشواغر، إلى عدم الإعلان عن المعايير الأكاديمية المعتمدة في التصنيف، إلى عدم إعلان النتائج رسمياً وإخفاء تقارير اللجان العلمية.

بلغت الأحزاب أساتذتها بورود أسمائهم في اللوائح المقبولة

لا «بل سُرِّب عن لسان أحد أعضاء مجلس الكلية بأن أحد الأعضاء طالب بعدم إجراء محضر رسمي لكي لا يكون إدانة لأداء مجلس الكلية في هذا الملف». وتفيد المصادر أن أحد الأعضاء طرح مشكلة أسماء لامعة صنفت متميزة في اللجان العلمية التي شكلها زين الدين ولا يمكن تخطيها، فاقترح أحد الأعضاء إعطاءهم «فتات» من الساعات على فصلين لـ«تطفيشهم». وأشارت الى «تمرير اللجان الحالية لبعض الملفات التي صنفتها اللجان السابقة غير مؤهلة وغير جديرة للتعاقد في كلية العلوم»، و«التعاقد مع أستاذ نال شهادة الدكتوراه من جامعة لبنانية خاصة، وهي سابقة في تاريخ كلية العلوم»، و«تمرير مجلس الكلية ثلاثة ملفات كانت قد رفضت في محاضر مجلس أحد الفروع لأنها لم تمر على لجان تصنيف، وأحد مرشحيها لم يكن ينشر رسائل علمية خلال فترة الدكتوراه». وسألت مصادر الأساتذة المتضررين: «هل صحيح أنّه جرت تصفية أوضاع الأساتذة الذين أدخلوا العام الماضي من دون المرور بلجان علمية واستمروا في التعليم خلال الفصل الثاني من العام الماضي وخلال هذا العام متخطين تعاميم رئيس الجامعة (أربعة تعاميم حول الموضوع)، وهل صحيح أنه تم قبولهم تحت عنوان الاختصاص النادر والدقيق وستصرف أتعابهم عبر احتسابها ندوات علمية؟». كما تساءلت عن موقف رابطة الأساتذة المتفرغين مما يحدث، علماً بأن رئيسها عضو في مجلس كلية العلوم وشاهد ومشارك في ما يحدث من «مجزرة» بحق أصحاب الكفاءة.
الأساتذة وضعوا هذه المعطيات والأسئلة برسم مجلس الجامعة، وطالبوا بتدخل رئيس الجامعة فؤاد أيوب فوراً لوقف هذه الصفقة، وإرغام مجلس الكلية على الكشف عن تقارير اللجنة العلمية السابقة واللجنة العلمية الحالية وعن محضر جلسة مجلس الكلية الأخير، حفاظاً على كلية العلوم وحماية حقوقهم.
عميد الكلية بسام بدران استغرب، في اتصال مع «الأخبار»، أن يطرح الأساتذة تساؤلات عن موضوع بحثه مجلس الكلية، أخيراً، وناقش الأسماء المرفوعة من المديرين ورؤساء الأقسام بعدما خضعت لتقييم اللجان العلمية ولم يعلن عنها بعد، سائلاً: «كيف ينتقد الاساتذة ملفاً لا يعرفون عنه شيئاً؟». وأوضح أنّ الملف يستكمل ملفاً آخر باشر به العميد السابق و«نحن اخترنا كل الأسماء التي فازت في اللجان العلمية السابقة، مع آخرين مرّوا أيضاً على لجان علمية». وأعرب عن اعتقاده بأن الأشخاص الذين رفضوا أن يمروا على اللجان العلمية الجديدة هم من يفتعلون المشكلة، مشدداً على إنه «ليس لدي شيء أقوله سوى أن مجلس الكلية هو الجهة الوحيدة المسؤولة عن إدارة الكلية».
يبقى السؤال المطروح عن حاجة الكلية الحقيقية إلى التعاقد مع هذا العدد من الأساتذة، علماً بأن هناك صعوبات في تأمين الأنصبة للأساتذة في الملاك والمتعاقدين بالتفرغ. كما أن المتعاقدين بالساعة والذين لم يتفرغوا بالكلية في عام 2014، خائفون من تضخيم ملف التعاقد الجديد وتأثيره على ملف التفرغ الذي أعلن عنه رئيس الجامعة.


■ للاطلاع على مرسوم أصول التعاقد انقر هنا




السياق التاريخي للملف


في كانون الأول من العام الماضي، أعلن العميد السابق لكلية العلوم حسن زين الدين (الصورة) على الصفحة الإلكترونية للكلية حاجتها إلى التعاقد مع أساتذة جدد، وجرى تأليف لجان وتحديد وإعلان المعايير التي على أساسها يتم تصنيف ملفات الأساتذة المرشحين للتعاقد. يومها، تقدم أكثر من 1200 أستاذ للتعاقد بالساعة، وتمت دراسة الملفات وتصنيفها وفق المعايير الموضوعة، ومن ثم أجريت المقابلات مع الأساتذة الذين تجاوزت ملفاتهم المرحلة الأولى من التصنيف. أما اللجان فقد كتبت تقاريرها العلمية وجرى نشر النتائج الرسمية على صفحة الكلية. النتائج المعلنة أبرزت أساتذة، أصحاب ملفات علمية وبحثية مرموقة، بشهادة العديد من أساتذة كلية العلوم. لكن النتائج لم تلبث أن سقطت في مجلس الكلية، بذريعة بعض الخروق والتجاوزات القانونية التي حصلت في عمل بعض اللجان. إلّا أن الأساتذة المتضررين لم يتأخروا ليكتشفوا بأن الأحزاب السياسية هي من نسفت عمل اللجان، لكون اللوائح لم تضم الأسماء التي اقترحتها؛ وعليه تم إلغاء نتائج اللجان بعد التصويت عليها.

* للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]