«ليس منطقياً أن يستورد لبنان بقيمة 19 مليار دولار سنوياً، وأن لا يستطيع أن يُصدِّر إلا بقيمة 3 مليارات دولار». تُلخّص عبارة وزير الصناعة حسين الحاج حسن هذه، الهاجس الذي سيطر على جلسة «الصناعة الوطنية» في مؤتمر «الطاقة الوطنية اللبنانية» الذي افتُتح مساء الجمعة الماضي في قاعة البيال في بيروت. ذلك أن المُداخلات التي شهدتها الجلسة، على تنوعها واختلاف مقاربتها، صبّت ضمن التوصية بالسعي إلى رفع نسبة الصادرات الصناعية.
يُجمع المؤتمرون على جودة الصناعة الوطنية. بحسب الحاج حسن، إنّ «الصناعة الوطنية من حيث الجودة هي من أفضل الصناعات العالمية، والدليل أن مشكلة التصدير لا تتعلّق بجودة المنتجات»، فيما يلفت رئيس جمعية الصناعيين في لبنان، فادي الجميِّل، إلى الطاقات الوطنية التي أثبتت نجاحها في الخارج والتي يجب الالتفات إليها في الداخل من أجل تعزيز الصناعة «سعياً إلى رفع نسبة الصادرات». وفق الحاج حسن، إنّ مُشكلة الصناعة الأساسية تتعلّق بكلفة الإنتاج المرتفعة والتي «لا يتحمّل مسؤوليتها الصناعيون اللبنانيون بالتأكيد.

فهم ليسوا المسؤولين عن الاتفاقيات الاقتصادية التي فتحت الأسواق، ولا عن عدم التزام الشركاء التجارين بنود الاتفاق (..)». يُفنِّد الوزير هذه الكلفة بين أكلاف الطاقة وأكلاف الأراضي المرتفعة نتيجة السياسات العقارية وأكلاف اليد العاملة في الضمان الاجتماعي وغيرها، ليُشير إلى أن هذه الكلفة هي وليدة السياسات الحكومية التي أدّت إلى خسارة المنتج اللبناني القُدرة التنافسية، وبالتالي ترتبط مُشكلة الصناعة اللبنانية بالنظام الاقتصادي القائم. يخلص الحاج حسن إلى القول إن الصناعيين هم ضحايا كلفة الإنتاج، لافتاً إلى ضرورة تفعيل عمل اللجنة الاقتصادية لإيجاد حلول عملية تساهم في رفع الصادرات الصناعية، وبالتالي في تحقيق النمو الاقتصادي.
من هنا، كان التركيز في المداخلات على ضرورة تعزيز الصناعة الوطنية بوصفها أحد أبرز القطاعات القادرة على تفعيل الاقتصاد. مثلاً، بحسب رئيس مجموعة كلاسي، جاك كلاسي، إنّ سوق صناعة الحليب ومُشتقاته مُقدّر بنحو مليار ونصف دولار، وهو يُشغّل نحو 100 ألف عامل، «وبالتالي يستحق هذا القطاع الالتفات من قبل الدولة». كيف؟ عبر معالجة التحديات التي تعترضه. فبالإضافة إلى مشاكل الكلفة والقدرة التنافسية وغيرها، فإنّ قطاع الحليب ومشتقاته «يتطلّب كميات هائلة من المياه، ما يستوجب البحث في كيفية تأمينها بشكل مُستدام». ينطلق كلاسي من هذه النقطة ليُعلن دعمه لسياسات السدود المائية التي «يرعاها» وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل.
من جهته، يلفت الجميِّل إلى أن «كل وظيفة في قطاع الصناعة من شأنها أن تخلق 2.2 وظيفة في الاقتصاد اللبناني»، في إشارة إلى ضرورة الالتفات إلى القطاع بوصفه محركاً للاقتصاد.