لم يدخّر آل سعود جهداً لكسب الولاءات في سوريا، كان أبرزها عبر العشائر والقبائل العربية التي لها صلات قديمة بالمملكة. شيوخ عشائر «بايعوا الملك»، فيما آخرون عملوا على كسب الودّ باسم عائلاتهم ليصبحوا جزءاً من المعارضة المعترف بها والمدعومة من الخارج.وزير الخارجية سعود الفيصل، مثلاً، أمل من «النظر الكريم» (الملك) مساعدة القبائل، «لأن تأثيرهم سيكون أقوى في هذه الحالة». وذلك بعد تأكيده أنّ «سياسة المملكة مبنية على أنّ النظام (السوري) سيتغيّر».

وفي برقية من الفيصل إلى رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص للملك السعودي في 26 نيسان 2012، يفيد فيها بأنّ «نائب وزير الخارجية استقبل السيد سالم عبد العزيز المسلط نجل شيخ شمل قبيلة الحبور عضو مجلس القبائل السورية، ونقل إلى سموه أن الوضع في سوريا يزداد سوءاً، وأنهم لم يصلوا إلى توافق مع المجلس الوطنى السوري، موضحاً أن الجيش السوري الحر ليس بالصورة التي تروى عنه، وقد تحاول تركيا دعم وبناء هذا الجيش لأجندتها الخاصة ...».
ويوصي الفيصل بـ«مساعدة القبائل بشرط انضمامهم إلى المجلس الوطني لأن تأثيرهم سيكون اقوى في هذه الحالة، خصوصاً أن سياسة المملكة مبنية على أن النظام سيتغيّر».
بعد توصية الفيصل، «نجح» سالم المسلط في أن يكون عضواً في «الائتلاف» المعارض عند تشكيله في تشرين الثاني من عام 2012، ثم أصبح نائب رئيس الائتلاف.
واشتهر «رئيس مجلس القبائل السورية» بإهدار دم إحدى أفراد عشيرته، نبراس المسلط، بسبب إلقائها قصيدة مديح للرئيس السوري بشار الأسد في أحد المهرجانات الانتخابية الرئاسية في دمشق. إذ قال المسلط في بيان له بأنهم «كأسرة وقبيلة يتبرؤون من المدعوة نبراس بنت عبد الرزاق فهد الشبل المسلط»، معتبراً «دم نبراس مهدوراً من تاريخ نشر البيان».
وفي برقية أخرى، تكشف زيارة مجد عبدالله المسلط السفارة في بيروت ليسلم السفير «رسالتين مرفوعتين للمقام السامي الكريم وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز مساعد سمو وزير الداخلية»، التي تفيد «بأنه مرسول من ابن عمه شيخ شمل قبائل الجبور الشيخ نواف عبد العزيز المسلط المقيم في سوريا في محافظة الحسكة... مشيراً إلى أن النظام السوري يمارس الضغوط على الشيخ نواف للظهور عبر المنابر الإعلامية لانتقاد الموقف السعودي وكذلك الترشح لمجلس الشعب... الذي مُنع من مغادرة سوريا وافراد عائلته... ويتمنى الشيخ نواف المسلط الموافقة على استضافته في المملكة برفقة اسرته وذلك عن طريق لبنان.
وعبّر «المسلط عن استيائهم من النظام السوري حيث صادر ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة إلا ان دعم المملكة خفف عنهم وانهم يقدرون ويثمنون مواقف المملكة لهم».
إلى جانب «اللعب» على الوتر العشائري، كانت السعودية مثلاً تبحث عن مصادر سلاح مختلفة للمعارضين السوريين، بعد أن «سدّت السوق السوداء للسلاح في لبنان جانباً من احتياجات الثورة».
وتكشف برقيات «ويكيليكس»، عن متابعة لأوضاع النازحين في لبنان وعن السوق اللبناني للسلاح.
فتشير برقية صادرة من السفارة في بيروت عن «معلومات ان السوق السوداء للسلاح في لبنان والتي سدّت جانباً من احتياجات الثورة السورية، بدأت في العجز عن تلبية الطلب المتوالي من الثوار السوريين، ما يحتمّ البحث عن مصادر تسليح اخرى قد لا تكون متيسرة لهم ما لم تسارع جهات عربية او اقليمية بمدّهم بالاسلحة، وتنقذ حركتهم، ولا سيما بعد اضطرار بعض الثوار الى اخفاء سلاحهم بعد نفاد الذخيرة».



ننتظر أولياء أمرنا في الرأي

في نموذج على شكل العلاقة «المطلوبة» بين بعض القبائل وآل سعود، ننشر في ما يلي رسالة من شيخ قبيلة ظنى الحيدة طلال الأمير إلى سعود الفيصل:
سيدي أنا احد حمائل قبيلة عنزه وشيخ قبيلة ظنى الحيدة من عنزه، وبحيث أن قبيلتي يتواجد معظمها في الجمهورية السورية ويوجد لديها من الكثافة السكانية والحقوق في الاراضي وتسيطر على مساحات من منطقة الجزيرة... وقد آثرنا الوقوف منذ بداية الأزمة على الحياد في ما يحدث هناك وأعيننا تترقب ومنتظرة لأولياء أمرنا في الرأي والتوجه، حيث ان قبيلتنا بايعت واتخذت من آل سعود حفظكم الله اولياء امر وملوك نعتز ونفتخر بهم، ووجبت علينا طاعتكم بما ترونه مناسباً في ظل ما يحدث في هذا البلد... لأننا يا سيدي حينما قاومنا سابقاً النظام هناك نبذنا واخذ حقنا ولم نؤتمن إلى ان أمّننا جلالة الملك فيصل رحمه الله واسكنه فسيح جناته فنرجو توجيهنا إلى ما ترغبون ونحن حاضرون والله على ما نقول شهيد ونحن على العهد باقون وإن شاء الله قادرون بالله وبكم.