ديرالزور | يجهّز جنود مطار دير الزور العسكري عتادهم العسكري ويتأكدون من جاهزيته للانطلاق نحو مهمة جديدة. لا وقت للراحة مطلقاً، فالمعركة مستمرة ضد «داعش» على أكثر من محور. قادة الجبهات يشحذون همم جنودهم، ويؤكدون أن معركة دير الزور سوف تكون «أم المعارك»، وسوف تنهي وجود «داعش» في البلاد.
المدينة التي وصلتها دفعتان من التعزيزات العسكرية، من ضمنها 300 عسكري روسي، تشهد مرحلة تحضير لدمج القوات الوافدة مع تلك الموجودة داخلها، لإطلاق معركة واسعة، بدأت ملامحها تظهر مع التقدم الأخير للجيش في أكثر من محور.
التحرك السريع لكل من قوات الجيش و«قوات سوريا الديموقراطية» طرح تساؤلات كثيرة، تركزت حول عبور الطرف الأول لنهر الفرات. هذه الخطوة التي صُوّرت على أنها ممنوعة على الجيش وحلفائه، أصبحت واقعاً أمس، مع تثبيت الجيش وحلفائه نقاطاً على الضفة الشمالية مقابل مناطق سيطرتهم في محيط الجفرة. التأكيد على عبور النهر جاء أمس عن طريق موسكو، فقد أشارت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زخاروفا، إلى أن «طلائع الوحدات العسكرية نجحت في عبور الفرات، وتتخذ الآن مواقع على الضفة الشرقية».
وعلى الرغم من أهمية الخطوة الميدانية في وقت تتنافس فيه دمشق وواشنطن على السيطرة في ريف دير الزور، لم يخرج أي إعلان رسمي من جانب الجيش السوري وحلفائه عنها. ومن الممكن قراءة هذا التوجه كمحاولة لضبط أي توتر محتمل مع «قسد»، ولا سيما أن خيار العبور بدا محسوماً حتى لدى الجانب الروسي، الذي نقلت قواته معدات خاصة، من بينها جسور عائمة.
وكان لافتاً أمس في موازاة التحرك عبر الفرات، حديث قائد «مجلس دير الزور العسكري» أحمد أبو خولة، لوكالة «رويترز»، والذي أوضح فيه أن قواته أبلغت القوات الروسية والحكومية أنها تتقدم نحو ضفة الفرات الشمالية، مضيفاً القول: «هم يرون قواتنا تتقدم... لا نسمح للنظام ولا لميليشياته بالعبور إلى الضفة الشرقية». وعاد ليشرح: «الآن يوجد بيننا وبين الضفة الشرقية ثلاثة كيلومترات. بعد وصول قواتنا إلى تلك المنطقة؛ أيّ طلقة باتجاه هذا المكان سوف نعتبر (ذلك) استهدافاً لمجلس دير الزور العسكري»، موضحاً أن «كل قرية تابعة للضفة الشرقية لنهر الفرات، وصولاً إلى الحدود العراقية السورية، هدف لقواتنا... نأمل في وقت قريب أن يتم تحرير الضفة الشرقية بالكامل».

«قسد»: جميع
قرى الضفة
الشرقية هدف لعملياتنا العسكرية

اللهجة التصعيدية في حديث أبو خولة، لا تتناسب مع تطمينات «التحالف» المتكررة عن حصر مهمته في محاربة «داعش» وتأكيده أن هدف قنوات التنسيق مع الجانب الروسي هو منع أي تصادم بين «قسد» والجيش السوري. وفي موازاة ذلك، تستبعد مصادر ميدانية سورية حصول أي تصادم مع «قسد»، مرجحة أن «توافقاً أميركياً – روسياً قد تم بخصوص دير الزور، لتجنب حصول أي تصادم والإسراع في القضاء على (داعش)، في آخر معاقله ضمن سوريا».
وعلى جبهات المدينة الأخرى، نجح الجيش وحلفاؤه في تعزيز نقاطه غربي البغيلية، والتقدم للسيطرة على بلدة عياش. وتكمن أهمية السيطرة على البلدتين في كونهما مدخل المدينة الغربي، وأكبر تجمعين سكنيين قريبين من المدينة. وعلى المحور الشرقي، نجح الجيش في التقدم شرقي المطار العسكري وتلة كرّوم، وأصبح على بعد أقل من 10 كيلومترات عن بلدة موحسن، أولى بلدات الريف الشرقي. وسيطر أمس ضمن هذا المحور على منطقة البحوث الزراعية في المريعية، إلى جانب حويجة المريعية. وسوف يتيح هذا التقدم إمكانية عودة النشاط إلى المطار العسكري. وهو ما أكّده مصدر داخل المطار في تصريح إلى «الأخبار»، بقوله إن «مدرج المطار أصبح جاهزاً. وننتظر تطهير المناطق المحيطة لإعادة حركة الطائرات الحربية والمروحية؛ وطائرات الشحن العسكري، إلى وضعها المعتاد».
بدوره؛ كشف مصدر عسكري لـ«الأخبار» أن «الجيش سيركز في عملياته على الريف، مع العمل على تطويق المدينة وقضم الأحياء بالتدريج، لتجنب الدخول في معارك المدن التي تستغرق وقتاً زمنياً أكبر من معارك الريف». وأضاف المصدر أن «تطويق المدينة يقطع الإمداد عنها، ويعطي للريف أولوية عسكرية فرضها تحشد التنظيم ونقل جنوده إليه، بهدف إضعافه وإنهاء وجوده في كامل جغرافية دير الزور».
ويرجح أن يتحرك الجيش بشكل منسق للإطباق على التنظيم في عدة جبهات مستفيداً من تمركزه على أكثر من محور. وهو ما سيعطيه الأفضلية في الريفين الغربي والشرقي. وبعد عبور قوات الجيش الفرات، سيعمل على تثبيت جسر بري يقطع الطريق النهري الواصل إلى المدينة، ويتيح له التحرك نحو الطريق شمال النهر. وبالتوازي، سيستكمل العمل في الريف الغربي من محورَي عياش ومعدان، بهدف تسريع عملية السيطرة على كامل الريف الغربي بعد تطويقه. كما سيتيح التقدم على طريق دير الزور ــ الميادين (جنوب النهر) التقدم باتجاه معاقل التنظيم في موحسن ومن بعدها كامل قرى الريف الشرقي، بالتوازي مع تقدّم من محور حميمة، في أقصى جنوب ريف المحافظة، لتضيق الخناق على التنظيم وتشتيت قوته الدفاعية.