متابعةً لما نشرته «الأخبار» الأسبوع الماضي عن التحضيرات لوقفة احتجاجية على مقالع ومصانع الإسمنت في شكا، نفّذ أهالي الكورة وقفة احتجاجيّة حاشدة مقابل هذه المقالع والمصانع استنكاراً لاعتداءاتها على البيئة والحياة في الكورة وجوارها. وقد شارك في الوقفة عدد من الناشطين البيئيين والفعاليات الكورانية، إلى جانب عدد من مسؤولي الأحزاب ورؤساء البلديات والمخاتير.
وقد وقّع المشاركون عريضة موجّهة إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تدعوه إلى تحمل مسؤوليته التاريخية والوطنية في إيقاف الدمار البيئي والصحي والاقتصادي الذي تسببه مصانع إسمنت شكا. كذلك كانت هناك مداخلات لعدد من أهالي المنطقة، ولأهالي «شهداء وضحايا مجزرة السرطان في الكورة»، الذين عبّروا عن الغضب الكبير تجاه ما تقوم به مصانع إسمنت شكا من ارتكابات وجرائم بحق منطقتهم.
كانت لافتةً مشاركة عدد كبير من السيدات اللواتي عبّرن عن معاناتهن مما وصل إليه الوضع من تدهور خطير. وقد رُفعت لافتات طالبت بإقفال مصانع ومقالع إسمنت شكا ومحاكمة أصحابها والقيّمين عليها بموجب قانون جرائم الحرب والمادة 64 من قانون البيئة اللبناني، ولافتات أخرى طالبت برحيل «أبالسة الإرهاب البيئي».

السرطان

كذلك ردّ البيان على من يقول بأن مصانع الإسمنت لا تسبب مرض السرطان، بأن الطريقة التي تعمل بها مصانع إسمنت شكا هي مسبب أساسي وناشر رئيسي للسرطان، ليس فقط في الكورة، بل في جميع المناطق اللبنانية، معتبرين أن إحراق الفحم البترولي (البتروكوك) المشبع بالكبريت بين البيوت السكنية وفوق المياه الجوفية «جريمة العصر السرطانية الموصوفة».

المصانع تنقل التلوث إلى
كل بيت بوضعها أتربتها وغبارها ورمادها داخل الإسمنت

كذلك إن «نشر المعادن الثقيلة كالكروم والنيكل والكادميوم بكميات مخيفة في الهواء والتربة مسبب خطير للسرطان». بالإضافة إلى أنّ «وضع رماد الفحم البترولي وغبار أتربة الإسمنت مع ما تحتويه من معادن ثقيلة داخل الإسمنت، مسبب أساسي للسرطان لأهل القرى المجاورة ولكل من يستعمل هذا الإسمنت».

أحزمة خضراء لجهنم!

ووصف البيان الأحزمة الخضراء التي تزرعها الشركات على عيون الوزراء الذين يزورون المنطقة ما هي إلا «أشجار لمداخل جهنم»!
وحول موضوع الفيلتر الذي رُكِّب، فقد عُدَّ بمثابة «التسويق لمشروع زيادة الاستثمار لإنشاء أبنية ومصانع وأفران جديدة، والنتيجة هي أن هذا الفيلتر كسابقه، لم تنقضِ أيام حتى انطلق الغبار والدخان والغازات من مداخن هذه الشركات في الأيام الماضية بشكل لم يسبق له مثيل قبل تركيب هذا الفيلتر».
واتهم البيان الشركات بالجملة «في غفلة من الزمن وفي تغافل من بعض الوزارات المعنية وبعض السياسيين وبعض المرجعيات الدينية وبعض الأحزاب وبعض الجمعيات والبلديات الذين أغروهم وأسكتوهم ببعض المقاولات والمحاصصات والرّشى».

مطالبة بتحرير الأسواق

وطالب البيان بخفض سعر طن الإسمنت إلى 40$ عبر خفض الرسوم الموضوعة على استيراد الإسمنت لحماية مافيا الإسمنت وإلزامها بإرجاع أموال الشعب اللبناني التي سلبتها بعد بيعها طن الإسمنت بأضعاف سعره العالمي وبعشرة أضعاف كلفته من أجل أن توزع الرشّى على شركائها في الجريمة، مشيرين إلى أن الوقفة الاحتجاجية هي أيضاً ضد زيادة الاستثمار، ولإسقاط الخطط بإنشاء أفران جديدة، وفي زيادة إنتاجها.

ردّ على وزير البيئة

بعد الاعتصام وجّه عدد من أهالي الكورة رسائل شديدة اللهجة إلى المسؤولين المعنيين، خاصة وزارة البيئة، وسألوا وزير البيئة تحديداً عمّا يعنيه بتصريحه حول ضرورة بناء هنغار للبتروكوك، مشيرين إلى أنه كان الأجدر به أن يطلب «إيقاف استعمال البتروكوك الذي يُحرق بكميات هائلة فوق المياه الجوفية وعلى الشاطئ وبين البيوت السكنية، وهذا محرّم بيئياً ودولياً»، رغم أنه يعرف أن قانون البيئة الدولي ينص على أن استعمال الوقود النفطي الثقيل يجب أن يكون بعيداً عن البيوت السكنية 120 كيلومتراً على الأقل.
كذلك حذّروا وزارة البيئة من أنّ «خريطة طريق» التي يتحدثون عنها، يجب أن تعرض على الشعب اللبناني بأدق تفاصيلها قبل طرحها أو مجرد الحديث عنها.