تزامناً مع انتهاء العام الدراسي في الجامعة اللبنانية، ودخول عطلة آب، انشغل طلاب المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية في إيجاد مخرج لما اعتُبِروه أزمة نشر مقال أكاديمي في مجلة محكّمة كشرط أساسي لمناقشة الأطروحة.
إلزامية النشر والمشاركة في النشاطات المساعدة قبل جلسة المناقشة قرار جديد في الجامعة لم يعتد الطلاب على تطبيقه سابقاً، علماً بأنّ القرار الرقم 3858 بتاريخ 16/12/2013 الخاص بتأسيس «نظام المعهد العالي للدكتوراه» ينصّ في المادة 20 المتعلقة بالنشاطات المساعدة على الآتي: «...طلّاب الدكتوراه يُلزمون بنشر مقال علمي ذي صلة بموضوعات أطروحاتهم».
أحد هؤلاء الطلاب محمود درنيقة الّذي أنهى كتابة رسالته في الأدب العربي للتو، قال إنّ القرار عرقل مساره العلمي وطوره المهني «فلو استطعتُ مناقشة رسالتي الآن لأمكنني خلال الصيف أن أتعاقد مع جامعات لأدرّس في العام المقبل بشهادة الدكتوراه». ورغم أن درنيقة قدّم لعمادة المعهد العالي «وعداً» خطياً بالنشر من إحدى المجلات المحكّمة، اختصاراً للوقت وباعتبار أن مثل هذا الوعد معمول به في جامعات العالم ولكن العميد رفض ذلك، كما قال.
برأي فرح علوش، الطالبة في السنة الثانية ـ دكتوراه أدب فرنسي، المشكلة ليست في النظام إنما في آليات تطبيقه، والالتزام بالمعايير والمهل و«هزالة» المراجع في مكتبة المعهد.
عضو لجنة دراسة المشاريع في المعهد، ريما مولود، تؤكد أننا نوضح منذ البداية للطلاب الذين ينوون متابعة دراسة الدكتوراه أنهم مطالبون بمتابعة محاضرات والمشاركة في مؤتمرات ومواكبة كل جديد في مجال البحث العلمي فضلاً عن نشر مقالة أو أكثر لتحصيل الأرصدة. وتتحدث مولود عن تقصير من بعض الطلاب، وخصوصاً أن أجندة مواعيد المحاضرات والطاولات المستديرة منشورة على الموقع الالكتروني للجامعة اللبنانية.

عميد المعهد محمد محسن يوضح أن القرار الجديد يطبق القوانين مرعية الإجراء. فالقانون يُلزم الطالب بإنجاز الأنشطة الأكاديمية المساعدة قبل مناقشة الأطروحة وحتى قبل طباعة الأطروحة وليس بعدها، والأنشطة منوعة وهي تهدف إلى اكتساب معرفة تساعد الطالب في إعداد أطروحته بطريقة منهجية، وتحافظ على مستوى الشهادة التي تمنحها الجامعة.
ويقول العميد إنّ الدكتوراه تتطلب استيفاء 180 رصيداً، تنقسم بين 140 رصيداً للأطروحة و40 رصيداً لهذه الأنشطة، وهي تتفرع إلى نشاطات إلزامية (20 رصيداً) من بينها نشر دراسة أو بحث علمي محكّم في حقل الاختصاص على أن لا يشكل جزءاً قائماً بذاته من الأطروحة. هذا النشر الذي يحقّق 10 أرصدة يتكامل مع إلزامية حضور «الأيام الدكتورالية» حيث يعرض الطالب مشروعه قبل المناقشة، ويحضر جلسات مناقشة الأطروحات في حقل الاختصاص، وندوات خاصة يحددها القسم المختص مع كتابة تقارير عنها. ولتكتمل أرصدته، يملك الطالب الخيار بين حضور مؤتمرات علمية، تقديم أوراق بحثية أو حضور ندوات عامة. هذه الأخيرة يشجع حضورها عميد المعهد لكونها تساعد على الانفتاح العلمي الإثرائي بين الاختصاصات، في مقاربة متعددة/بين التخصصات (multi/interdisciplinary).
ماذا عن الوعد بالنشر الذي يمكن أن يحصل عليه الطالب؟ يجيب محسن: «القانون لحظ ضرورة إنجاز هذا النشاط ولم يبح تأجيله. كيف أضمن النشر ولو كان الوعد جدياً؟ قد تحدث أمورٌ غير متوقعة، كإغلاق المجلة قبل النشر أو أي شيء آخر» وينسجم كلام العميد مع المادة 21 من القانون بعنوان «شروط مناقشة الأطروحة» والتي تلزم بتقديم «إفادة بإنجاز» النشاطات المساعدة من دون أن تلحظ استثناءات أو تأجيلات.
على سبيل المتابعة، طرح العميد مع رئيس الجامعة إمكانية القيام بإجراءات لمساعدة طلاب الدكتوراه في عملية النشر، وخصوصاً أنّ بعض المقالات العلمية تحمل تنويعاً وإضافات ذات قيمة عالمية يجب أن تبصر النور. ولهذا الهدف، تمّ الاتفاق على تأسيس مجلة إلكترونية ذات مواصفات عالمية تحتضن مقالات طلاب الدكتوراه في المعاهد الثلاثة التابعة للجامعة اللبنانية، إضافة إلى إباحة نشر جزء من رسالة الطالب كمقالة، وأيضاً عرض لائحة بالمجلات المحكّمة في لبنان وخارجه تسهّل على الطلاب الوصول إليها. ولتلافي ضيق الوقت في مواعيد النشر، أعلن محسن أنه سيصدر قراراً يقضي بالتذكير الدوري للطالب حول هذا النشاط الأكاديمي، مؤكداً أنّ الإجراءات ستكون نافذة اعتباراً من تشرين الأول المقبل بموجب قرار صادر عن مجلس الجامعة.
* ناشطة شبابية