لم يكد قانون سلسلة الرتب والرواتب يُقَرّ في الجلسة التشريعية للمجلس النيابي، حتى خرج اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة يهوّل باتجاه «تداعيات القانون على الأقساط المدرسية وقدرة الأهل على تعليم أبنائهم والمدارس على المحافظة على المستوى التعليمي والتربوي». وقال الاتحاد إنّه يعكف على إعداد دراسة دقيقة لتحديد هذه التداعيات.
قبل ذلك، خرج من الاتحاد من يروّج للزيادة على الأقساط بنسبة 27% (وقد بات الأمر اليوم مشرّعاً بموجب القانون)، من دون الأخذ في الاعتبار حجم المدرسة وأعداد التلامذة فيها، وأرباح المدارس التي تزيد على المليار دولار سنوياً من دون وجه حق، لكونها مؤسسات لا تبغي الربح، بحسب دراسة غير منشورة أجرتها مجموعة من الباحثين وأولياء الأمور (http://www.al-akhbar.com/node/276526).
إنها السلسلة تصدر أخيراً، بعدما ضمنت السلطة السياسية إخفاء الأصوات المعارضة في هيئة التنسيق النقابية (بقياداتها السابقة) وعممت أحزابها التسويق لها والتغاضي عن الضرائب الإضافية والتبعات التي تسقط على كاهل المواطنين والمواطنات من الطبقات الفقيرة والمتوسطة.
منذ بدء الحراك المُطالب بحق السلسلة، سوّقت المدارس الخاصة، وعلى رأسها المدارس الكاثوليكية، أن إقرار القانون سيرفع الأقساط، فتحالفت مع أحزاب السلطة لعزل أي صوت معارض من حنا غريب إلى نعمه محفوض ومحمود حيدر وغيرهم. ووافقت ضمنياً على الإقرار بعدما ضمنت حقها في الفوز بزيادة أرباحها من خلال زيادة الأقساط.
الموازنة المقترحة لعام 2017 رصدت مبلغ 245 مليار ليرة للمساعدات المدرسية للسلك العسكري وموظفي القطاع العام، إلا أن وزارة المال لم تحتسب أنها في العام الدراسي السابق (2017 ــ 2016) دفعت فعلياً 371 ملياراً (253 ملياراً و518 مليون ليرة للسلك العسكري و113 ملياراً و736 ألف ليرة أعطتها تعاونية موظفي الدولة للمعلمين وموظفي الإدارة العامة)، ولم تبنِ ميزانيتها على هذا الأساس. مع احتساب المبلغ المقترح من المدارس الخاصة كزيادة أقساط (27%) سيصبح المبلغ الفعلي الذي ستدفعه الدولة في معظمه للمدارس والجامعات الخاصة كمنح تعليمية 472 ملياراً (زيادة 100 مليار) أي بفارق 227 ملياراً مما هو مخصص في الموازنة العامة.

الإشكالية تظهر
في الفارق بين مخصصات المنح والرقم الفعلي المدفوع

نعيد التذكير بخلاصة الدراسة التي نشرتها «الأخبار» عن أرباح المدارس الخاصة التي وصلت إلى تحديد الكلفة الفعلية للتلميذ/ة وقيمتها بين 40 و60% من القسط المدفوع من قبل الأهل، وطبعاً الدولة من خلال المنح التعليمية.
بمعنى آخر، سيعود إقرار السلسلة بفائدة كبيرة على المدارس الخاصة، فهو سيزيد أرباحها بنسبة 15 إلى 20%، وإذا احتسبنا القيمة الفعلية للزيادات التي ستطاول المعلمين/ات والتي في متوسطها العام ستقارب المليون ليرة للمعلم/ة. أما القسط في معدله الحالي، 6 ملايين فسيصبح 7.6 ملايين، أي بزيادة تزيد على مليون ونصف مليون عن كل تلميذ/ة، الذي يصل عددهم إلى 30 تلميذاً/ة في الشعبة الواحدة، أي ما يقارب 45 مليون ليرة يُصرف منها مليونا ليرة شهرياً لتغطية السلسلة كرواتب للمعلمين، أي ما يقل عن 25 مليوناً، ويبقى صافي أرباح إضافية تضاف إلى الأرباح السابقة للمدارس بقيمة 20 مليون ليرة عن كل شعبة في المدرسة.
الإشكالية الأخرى تظهر في الفارق بين مخصصات المنح في الموازنة (245 مليار ليرة) والرقم الفعلي المدفوع في السنة السابقة (371.5 مليار ليرة) والرقم المتوقع (472 مليار ليرة) والفارق بين المخصص والمتوقع هو 227 مليار ليرة، وهو ما يعادل 16% من المخصصات الإجمالية لتغطية تكاليف السلسلة (1400 مليار ليرة في السنة الأولى (1200 مليار + 25 % من 771 ملياراً للمتقاعدين + 70 ملياراً درجات الأساتذة). أما إذا اضفنا إليها زيادات الأقساط في المدارس الخاصة المجانية، فقد تصل الكلفة إلى 20% من مخصصات السلسلة في الموازنة، وكلها ستذهب أرباحاً إضافية للمدارس الخاصة، إضافة إلى أرباحها السابقة. ولكن من سيغطي الـ 227 مليار ليرة غير المحتسبة في الميزانية؟ من جيوب الناس أم ستضاف إلى الدين العام؟
* باحث في التربية والفنون