يسأل البروفسور مرتضى: «هل كلفة 11.3 سنتاً للكيلواط إنتاج فقط، من غير النقل والتوزيع على مدى عشرين سنة؟ وبرأيه إن هذه الكلفة ليست منخفضة كما يوحي التقرير مقارنة بأقل من 5 سنت في أغلب بلدان العالم. مذكراً بأنه في عام 2006 عرض سيزار نحاس (أحد المستثمرين في قطاع الكهرباء) إنتاج كهرباء من الريح في عكار بكلفة الكيلواط/ ساعة بـ 7 سنت، على الوزير محمد فنيش (الذي ما زال وزيراً)، ويومها قال الوزير فنيش إن السعر لا يزال عالياً، ويمكن أن ينخفض بعد. وأشار إلى تقرير إيرينا، الذي يذكر أن سعر إنتاج الكيلواط/ ساعة كهرباء من الهواء هو 7 سنت في 2015 وأقل من 5 سنت في 2025. وأضاف: «حالياً لا تعطى أي حصرية لإنتاج الكهرباء من الهواء في أوروبا، وسعر الشراء تحدده المنافسة. في فرنسا عقود شراء الكهرباء من الهواء من المنتجين الصغار هو 8.3 سنت لعشر سنوات و2.3 سنت من 10 إلى عشرين سنة.
من حقنا أن نعرف كيف حددت هذه الأسعار المرتفعة جداً وهذه الحصرية التي سترفع سعر الكهرباء وتزيد الدين العام والعجز؟».
إلا أن مصدراً آخر أكد أن السعر العالمي يراوح بين 7 و12 سنتاً، وتنخفض الأسعار عندما تقدم الدول نفسها الأرض، أو تكون الاستثمارات في المشاعات والأملاك العامة.

أهلية الشبكة

وبالنسبة إلى سؤال البروفسور مرتضى عن مدى تأهيل شبكة النقل الذكية لكي تتكيف مع الطاقة المتجددة، أكدت مصادر وزارة الطاقة أنها تلقت كتاباً من مؤسسة كهرباء لبنان أكدت فيه قدرة الشبكة وجاهزيتها لربط طاقة الرياح عليها، وخصوصاً أن لجنة متخصصة بمواكبة خبيرين، أجنبي ومحلي، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان، أنجزت كود الرياح للربط على الشبكة، وأن اللجنة الوطنية التي أقرها مجلس الوزراء تضم مندوبين عن مؤسسة كهرباء لبنان.

إدارة المناقصات؟

ويسأل مرتضى عن إلغاء أي دور لإدارة المناقصات في تقويم العروض الفنية والمالية، تماماً كما حصل في ملف البواخر. وإن موضوع إنتاج الكهرباء هو من صلاحية مؤسسة كهرباء لبنان، وما حصل هو تهميش لهذه المؤسسة والحد من دورها، إذ تشتري مؤسسة كهرباء لبنان الطاقة الكهربائية المنتجة من الطاقة المائية من مؤسسة مياه الليطاني وغيرها بـ 2.86 سنت للكيلواط/ ساعة، مقارنة بالسعر المطروح حالياً 11.3 سنتاً للكيلواط/ ساعة. وهذا يمثل فارق سعر يزيد على 100 مليون دولار في السنة لنفس كمية الطاقة المنتجة من المياه.

تنخفض أسعار الاستثمار في طاقة الرياح إذا قدمت الدولة الأرض


وإن سعر الشراء 11.3 سنتاً بعد إضافة كلفة النقل والتوزيع والجباية يصل إلى 18 سنتاً للكيلواط/ ساعة. علماً أن سعر المبيع الوسطي للكيلواط/ ساعة للمواطن هو 9 سنت، ما يعني أن هذا المشروع سيرتب على الخزينة وعلى مؤسسة كهرباء لبنان خسارة 9 سنت لكل كيلواط/ ساعة منتج. أي 108 ملايين دولار في السنة على مدى عشرين سنة. وسيلزم مؤسسة كهرباء لبنان بزيادة سعر الكيلواط/ ساعة للمواطن إلى 14 سنتاً وما فوق. في الوقت الذي يُمكن فيه إنتاج الكهرباء بأقل كلفة من الطاقة المتجددة وغيرها.
ويستنتج: «يمكن أن يكون الغرض من اقتراح شراء الكهرباء المنتجة من الطاقة الهوائية بهذا السعر المرتفع محاولة إظهار أن عقد البواخر هو بسعر مقبول يقارب سعر شراء الكهرباء من طاقة الرياح... وفي الوقت الذي تضع فيه وزارة الطاقة كل ثقلها لاسترداد الامتيازات من شركة كهرباء زحلة وشركة كهرباء جبيل وبحمدون وعاليه، بحجة أنها تشتري الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان بسعر منخفض، ما يزيد عجز هذه المؤسسة، تُعطي تراخيص حصرية لثلاث شركات مع حوافز تفوق بكثير تلك الممنوحة بالامتيازات».

الحصرية وسوق الإنتاج

وسأل أيضاً: «لماذا لا تمنح تراخيص لإنتاج الكهرباء لشركتي زحلة وجبيل وغيرها التي لا تشكل أي أعباء على الخزينة في مقابل إلزام شركة الكهرباء بشراء الطاقة المنتجة من طاقة الرياح بأسعار تفوق الأسعار العالمية وتستنزف الخزينة على مدى عشرين سنة؟».
ويرى مرتضى أن هذه الحصرية ستُقفل سوق إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة الهوائية أمام المنتجين الكبار والصغار، وستقضي على المنافسة في هذا المجال دون أن نعرف ما هي المصلحة الوطنية وراء هذا».
وأضاف: «إذا كان بالإمكان، حسب مصادر وزارة الطاقة، إنتاج الكهرباء بواسطة الغاز الطبيعي بكلفة أقل بكثير من كلفة الإنتاج من الطاقة الهوائية الخيالية، فلماذا هذا القرار الملزم على مدى عشرين سنة؟ كذلك لم يحدد قرار مجلس الوزراء قدرة الإنتاج المرخص بها لكل من الثلاث شركات... مستنداً (قرار مجلس الوزراء) بالشق الفني إلى العقود المعمول بها في مصر بهذا المجال، دون ذكر أن عقود الشراء هذه بأسعار أقل من 11.3 سنتاً للكيلواط/ ساعة.
مصادر أخرى أكدت أن اللجنة الوطنية كانت قد شُكِّلَت منذ أكثر من سنتين، وهي تضم الأطراف كافة، وأن الاستثمار في الطاقة المتجددة هو لأهداف تشجيعية بداية، كما يحصل في كل بلدان العالم.

استراتيجية للطاقة المستدامة

وإذ ذكّر مرتضى بالتقرير الذي أعده عام 2010، تعليقاً على ورقة سياسات الطاقة للوزير جبران باسيل التي صدّق عليها مجلس الوزراء آنذاك وبيّن فيها نقاط الضعف في هذه الخطة التي وعدت بتأمين الكهرباء 24/24 ساعة في أواخر عام 2014... توقع، في حال السير بالخطط الحالية، أن يزيد حجم الدين العام المترتب عن قطاع الكهرباء إلى 23 مليار دولار في عام 2020، مؤكداً أنه لا توجد أي استراتيجية واضحة لقطاع الطاقة في لبنان، وأن استراتيجية قطاع الكهرباء هي عبارة عن مجموعة خطط غير متكاملة في ما بينها وغير مستدامة وتفتقر في أغلبها إلى الشفافية وفق ما نُشر أخيراً في الإعلام.
وإذ أكد أن الطاقة تستخدم في جميع القطاعات من صناعة ومبانٍ ونقل وزراعة وغيرها... وأن الكثير من الوزارات والمؤسسات والجامعات معنية بوضع استراتيجية طاقة للبنان بحلول 2020 و2030 وما بعد... اقترح تشكيل لجنة من مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية من القطاعين العام والخاص لوضع استراتيجية طاقة مستدامة للبنان وفق الأصول والمعايير العالمية تمنع الارتجال وزيادة الأعباء على الدولة والمواطن وقطاعات الإنتاج.