في 2016، لم يتغيّر الواقع الإعلامي في المنطقة العربية من الاعتقالات إلى الموت، مروراً بالرقابة، وصولاً إلى أزمة الصحافة الورقية (خصوصاً في لبنان). أخيراً، أصدرت منظمة «مراسلون بلا حدود» تقريراً يؤكد مقتل 57 صحافياً في العالم عام 2016 بسبب نشاطهم المهني، ولا سيّما في الدول التي تشهد نزاعات، وفي مقدّمها سوريا حيث سقط 19 منهم.
على الضفة الأخرى، لا تزال الأزمة المالية تهدّد مستقبل الصحف اللبنانية. تجلت المعاناة بشكل أكبر في أربع صحف هي: «البلد»، «السفير»، «النهار» و«المستقبل». قبيل إصدار «السفير» عددها الأخير صباح اليوم، بدأت «النهار» تنفيذ خطّتها التي تقضي بالاستغناء عن عدد كبير من الموظفين، في غياب سبل الحل في الوقت الحالي، فيما ينتظر موظّفو جريدتي «المستقبل» و«البلد» مستحقاتهم المتأخرة منذ أشهر. في سياق منفصل، حرص «مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية» (اللاشرعي) على استدعاء الناشطين هذا العام أيضاً، إذ انشغل البلد أخيراً بتوقيف الشاب باسل الأمين تعسفياً على خلفية بوست فايسبوكي، علّق فيه على العنصرية التي طافت في إحدى حلقات برنامج «هدّي قلبك» على otv، ليتم لاحقاً إطلاق سراحه. وفي سابقة في المحاكم الدولية، غرّمت المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري رئيس تحرير «الأخبار»، إبراهيم الأمين، مبلغ 20 ألف يورو وتغريم الصحيفة اللبنانية مبلغ 6 آلاف يورو، على خلفية «تحقير المحكمة» عبر نشر أسماء وصور بعض المتعاونين مع جهودها الرامية إلى اتهام مقاومين باغتيال الحريري. خطوة شكّلت اعتداءً صارخاً على حرية الصحافة في البلاد. بعد إنزال قناتي «الميادين» و«المنار» عن قمر «عربسات» العام الماضي، أقدمت شركة «نايل سات» على خطوة مشابهة، متخذة قراراً بإنزال قناة «المقاومة» عن قمرها في نيسان (أبريل) 2016. بالقرب من لبنان، اغتيل الصحافي والكاتب الأردني المثير للجدل ناهض حتّر في 24 أيلول (سبتمبر) 2016 بثلاث رصاصات اخترقت رأسه بالقرب من قصر العدل في منطقه العبدلي في عمّان أثناء توجّهه لحضور جلسة في المحكمة.
أما في مصر، فكان اعتقال الصحافيين ومحاكمتهم السمتين البارزتين هذا العام كاعتقال إسلام بحيري (أفرج عنه بعفو رئاسي)، وصبري أنور، وحمدي الزعيم، ومحمد حسن، وأسامة البشبيشي، وحسين جمعة. عراقياً، يمكن القول إنّه عام البطالة الإعلامية واستمرار التهديدات والاغتيالات. استمر تسريح العاملين في الإعلام المرئي والمكتوب من دون تعويضات أو مكافآت (صحف «الصباح الجديد»، «طريق الشعب»، «العالم» و«المشرق») في حين تواصلت الاغتيالات والتهديدات، وخسر الوسط الإعلامي 20 صحافياً في معركة استعادة الموصل وحدها. وقبل أيّام، اختطفت قوّة مسلحة الصحافيّة أفراح شوقي من منزلها في بغداد. أما في الخليج، فالصورة قاتمة طبعاً. إذ لا تزال السلطات السعودية تعتقل وتحاكم المدونين والصحافيين، أبرزهم: زياد العمري وماجد العنزي. ولا يزال المدوّن السعودي رائف بدوي يحصد الجوائز الأوروبية، أهمها «جائزة ساخاروف» لحرية الفكر، وجائزة «دويتشه فيله» الألمانية لحرية الكلام، فيما ينتظر تنفيذ 950 جلدة من أصل 1000 حسب الحكم الصادر بحقه. وفي البحرين، أعلن القضاء بقاء الناشط نبيل رجب في السجن، بسبب تغريدات اعتبرت مسيئة للحرب السعودية على اليمن. وكانت محكمة قد قررت الأربعاء الماضي إطلاق سراح رجب الذي يواجه عقوبة السجن 15 عاماً، على أن تستكمل محاكمته في 23 كانون الثاني (يناير). الكثير من الظلم أصاب الجسم الصحافي في المملكة الصغيرة. ولا ننسى الصحافي في جريدة «الوسط» محمود الجزيري الذي يدشن سنته الأولى في السجن، مع استمرار محاكمة مواطنته نزيهة سعيد مراسلة «مونتي كارلو» منذ 12 عاماً، بتهمة العمل بدون ترخيص، فيما لا يزال المصوّران حسين حبيل وأحمد حميدان قيد الاعتقال. ومع استمرار ملاحقة قطر والكويت والإمارات للمدونين، برز خبر إغلاق صحيفة «الزمن» العمانية، وسجن رئيس التحرير إبراهيم المعمري واثنين من صحافييها بعد نشرها قضايا فساد في السلك القضائي العماني. بالنسبة إلى تونس، شكّل التقرير الذي صوّرته القناة العاشرة الإسرائيلية في صفاقس وتونس العاصمة على مقربة من وزارة الداخلية الحدث الأساسي في الإعلام لسنة 2016، إذ أثارت هذه الحادثة غير المسبوقة جدلاً كبيراً. وعلى صعيد فلسطين، برز تعاون رسمي بين الكيان العبري ومواقع التواصل الاجتماعي من أجل محاصرة الناشطين المؤيدين للقضية الفلسطينية.