مجلس الجامعة اللبنانية فتح، أخيراً، ملف تفرغ الأساتذة بتشكيل لجنة يرأسها رئيس الجامعة فؤاد أيوب، للتدقيق في طلبات التفرغ المرفوعة من مجالس الوحدات، ودرس مطابقتها للمعايير التي وضعها المجلس في جلسته في 24/5/2017.
وكان أيوب قد حدّد 15 تموز موعداً أقصى لرفع الأسماء المستوفين لشروط التفرغ في الجامعة إلى اللجنة، على أن تنجز الأخيرة مهمتها في مهلة أقصاها نهاية أيلول المقبل.
هل يعني تحريك الملف أن إدارة الجامعة مقتنعة بأن إدخال متفرغين جدد إلى الجامعة هو حاجة للجامعة بالنظر إلى تفريغ 1213 أستاذاً في مجلس الوزراء في عام 2014؟ يشير علي رحال، ممثل أساتذة كلية الحقوق وعضو مجلس الجامعة، إلى أن الحاجة متأتية من خروج 250 أستاذاً إلى التقاعد منذ ذلك التاريخ، فيما معدل عدد المتقاعدين سنوياً هو 100 أستاذ. لكن القرار الصادر في 24/7/2014 ينص في البند «ثالثاً» على الطلب من الجامعة اللبنانية تحديد ملاكات جميع الكليات خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدور هذا القرار، على أن يصار بعدها إلى وضع الملاكات موضع التنفيذ وربط التفرغ بالشغور في هذه الملاكات، فهل حصل ذلك فعلاً؟ وهل أعدت دراسات للحاجات؟ يجيب رحال: «تحديد الملاكات عملية مهمة لكن دقيقة جداً وتحتاج إلى وقت طويل، وهي مرتبطة بتغيير مفهوم الجامعة ومعايير التعاطي مع الحاجات، ولا يمكن تعطيل مشروع التفرغ بانتظار إنجاز مشروع الملاكات».

ليست هناك ضمانة للتعاطي بشفافية وموضوعية
مع الملف


أما اللجنة فستؤدي، بحسب رحال، دورها في تطبيق القوانين وحماية الجامعة وحقوق الأساتذة وسترفع تقريرها إلى مجلس الجامعة الذي سيتخذ القرارات المناسبة. لكن هناك من يقول إنها لجنة أحزاب أي أنّ أعضاءها يمثلون القوى السياسية الأساسية، وليست هناك أية ضمانة تثبت عدم تكرار «الخربطة» على أسس سياسية وطائفية، كما في كل القرارات السابقة، وبالتالي إعادة مواجهة تحدي دخول لوائح إلى مجلس الوزراء وخروج أخرى. فعلى سبيل المثال، رفعت الكليات في الدورة الأخيرة 914 اسماً فقط، في حين أن مجلس الوزراء وافق على تفريغ 1213 أستاذاً، أي أنّ هناك 299 استاذاً دخلوا إلى التفرغ، وهم غير مستوفين للشروط. بل أكثر تحدث البعض عن أن الأحزاب بدأت فعلاً تعد لوائحها الخاصة، وهناك دكاكين حزبية تعرض بيع الخدمات للأساتذة المرشحين للتفرغ. وفي السياق، علّق لقاء "من أجل جامعة وطنية مستقلّة ومنتجة"، على قرار لجنة التفرغ بأنه لا يتعارض في الشكل مع آلية التفرّغ، إلّا أنه يكرّس المحاصصة الحزبية والطائفية لناحية تشكيل اللجنة، كما أنّه لا يشكّل ضمانة للتعاطي مع الملف بشفافية وموضوعية. وأشار اللقاء إلى غياب دراسات إحصائية عن الحاجات الفعلية للجامعة تصدر عن مجالس الأقسام، وتُبنى عليها آلية واضحة ومعلنة للتفرّغ.
رحال ينفي تسييس اللجنة قائلاً: «ليس صحيحاً، نحن لجنة مصغرة مكونة من أعضاء مجلس الجامعة حصراً، إلا إذا كان المعترضون لا يريدون أن يكون للأستاذ الجامعي التزام سياسي». يستدرك: «لن نجبر خاطر أحد وخصوصاً أنّ قرار فتح الملف أتى مصحوباً بمجموعة خطوات إصلاحية منها تفريغ الأساتذة المستوفين للشروط، وفق خطة خمسية، أي على خمس سنوات، وإمكانية عدم التجديد، في العام الجامعي المقبل، لمتعاقدين في العام الجامعي 2016 ــــ 2017».
وما صحة الحديث عن أن المعايير التي وضعها مجلس الجامعة عامة وفضفاضة ويمكن تأويلها؟ يقول رحال إنّ الأولوية هي للأساتذة المستحقين والمستوفين للشروط، والذين سقطت أسماؤهم من قرار مجلس الوزراء في عام 2014، في حين تبين للجنة أنّه لم يبق أستاذ واحد مستحق من دفعة المتفرغين من عام 2008 ولم يتفرغ في الجامعة. وستدرس، بحسب رحال، ملفات مستوفي شروط التفرغ منذ عام 2014 (أي أن يكون الأستاذ قد أمضى سنتين في التعاقد، ولديه نصاب 200 ساعة). وستجرى، كما يوضح، مراعاة الأقدمية وإعطاء الأولوية للأكبر سناً، شارحاً أنّ مراعاة الحاجة إلى أساتذة الاختصاصات النادرة والواعدة هدفها الأخذ في الاعتبار المنافسة مع الجامعات الخاصة.