200 إلى 300 مهندس وما لا يقل عن 5000 تقني ومهني، هذا ما يُتوقع أن يستوعبه قطاع البترول في لبنان في مراحله الأولى، بحسب عضو هيئة إدارة القطاع ناصر حطيط. هذا يعني أنّ الركيزة هي فئة المتخصصين من تقنيين وفنيين يعملون إلى جانب المهندسين المتخصصين.
الحاجة إلى مهارات عالية ويد عاملة متخصصة تقنياً وفنياً تشكل تحدياً صعباً بالنظر إلى أنّ قوانين البترول ألزمت المتعهد بتوظيف اليد العاملة اللبنانية وتشغيلها بنسبة 80% من مجموع العاملين، وإعطائهم الأولوية في التدريب.
الحاجة الكبيرة إلى الموارد البشرية تتطلب أيضاً، بحسب الدكتور حسين العزي، الباحث في المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، تأسيس معهد متخصص أكاديمي وبحثي بإدارة الجامعة اللبنانية وبإشراف هيئة إدارة قطاع البترول، تكون إحدى مهمّاته تقديم دورات تخصصية تأهيلية لمن يرغب في العمل في هذا الحقل ومضى على تخرجه سنوات طويلة وتتعذرعودته إلى الجامعة.
كل ذلك، لا يتحقق، برأيه، من دون خطة وطنية لإعداد الكفاءات اللازمة في الوقت المناسب كي لا يضطر لبنان إلى استيراد أيدٍ عاملة أجنبية والتسبب في حالة من الإغراق الاجتماعي.

اختصاصات الصناعة النفطية

هذا ما يؤكده د. العزي أيضاً في دراسة أعدها وزميلته في المركز زهراء برّو عن «دور قطاع التعليم في مواكبة مراحل الصناعة البترولية في لبنان».
الهدف من الدراسة، بحسب الباحثَين، إتاحة الفرصة أمام المهتمين للتعرّف إلى حاجة الصناعة البترولية بمراحلها المتعددة والأنشطة المرافقة لها لاختصاصات أكاديمية ومهنية أصيلة ورديفة تختلف باختلاف كل مرحلة من مراحل الصناعة البترولية الثلاث، وهي:
- المرحلة الأولى Upstream مرحلة المنبع وتشمل الاستكشاف والإنتاج والتطوير والتنقيب وعمليات الإنتاج.

دعوة لتأسيس معهد تدريبي متخصص بإدارة الجامعة اللبنانية

- المرحلة الثانية Midstream وتشمل نقل النفط الخام والغاز الطبيعي من مصادرهما وتجميعهما قبل المعالجة والتكرير.
- المرحلة الثالثة مرحلة المصب Downstream وتشمل المعالجة والتكرير، وهي عملية مكمّلة للعمليات الإنتاجية، وتتضمن معالجة المواد الخام وتكريرها وتهيئتها للتوزيع والتسويق وفقاً لآليات السوق العالمية، وتليها مرحلة توزيع المشتقات النفطية وتسويقها وبيعها. يعرض الباحثان خريطة للاختصاصات الاكاديمية – الفنية المطلوبة في قطاع البترول التي تؤدي دوراً رئيسياً في إعداد الموارد البشرية اللازمة من المهمات الاستشارية، مروراً بالإدارية، وصولاً إلى الأعمال في ميدان الحقل النفطي.
يجري تقسيم الاختصاصات، بحسب مراحل الصناعة البترولية، كالآتي:
ـ اختصاصات العلوم: تشكّل خلفية معرفية قوية تسمح بتكوين أساس صلب لشريحة واسعة من العاملين المتخصصين بمجال البترول. وتؤدي تلك الاختصاصات دورها بنحو بارز في مرحلة المنبع، حيث تشكل تلك العلوم أسساً معرفية في مرحلتي الاستكشاف والإنتاج، فضلاً عن دورها في بقية المراحل وخصوصاً المرحلة الوسطى حيث تجري عملية التكرير. وتضم ثلاثة اختصاصات رئيسية هي: الجيولوجيا، والجيوفيزياء، والجيوكيمياء.
- اختصاصات الهندسة: تحتل مكانة أساسية في صناعة البترول بجميع مراحلها، وعلى الرغم من تشعب مجالات قطاع البترول وصناعاته، تبقى هندسة البترول وحدها غير قادرة على إنتاج ما يكفي من الكوادر البشرية المتخصصة الضرورية، فتطوّر الصناعة البترولية حتّم دخول فروع من علم الهندسة وقد بلغ عددها 12 اختصاصاً الى جانب هندسة البترول.
- اختصاصات الإدارة: يهدف تخصص الإدارة في النفط والغاز إلى تزويد المتخصص بالمهارات اللازمة لإدارة العمليات والمراحل المتعددة في الصناعة البترولية، ولا سيما في المسائل المتعلقة بإدارة العمليات واتخاذ القرارات الإدارية الحاسمة والصحيحة للإنتاج البترولي، وتنسيق الأنشطة المتنوعة من أجل الحصول على أعلى إنتاج ممكن مع الحفاظ على جودة عالية ومخاطر محدودة بتكلفة مدروسة ومعقولة.
- الاختصاصات القانونية: لا يختلف عمل المحامي في شركات البترول عن عمل المحامين في الشركات التجارية المختلفة، حيث يتولى مهمات الدفاع عن حقوق الشركة تجاه الغير، ويمثلها أمام القضاء، ويتولى مسائل إعداد العقود وابرامها وتجديدها، ولا سيما عقود العمل والتأمينات كافة.
- الاختصاصات المهنية والفنية: تلعب دوراً بارزاً بصفتها الوسيط أو الرابطة المحورية بين معرفة المهندس والخبرة العملية المكتسبة في ميدان الصناعة، وتشكل حلقة وسطى تتكامل فيها العلوم الهندسية مع الخبرة العملية.

الشهادات المتخصصة المعتمدة

تقول الدراسة إنّ الشهادات المعتمدة في قطاع النفط والغاز هي نظام تصممه وتنفذه مجموعة من الخبراء الأكاديميين المتخصصين والاستشاريين والخبراء المهنيين العاملين في مجال ما، بهدف التعرف إلى الاختصاص من الناحية العملية وضمان التأكد من أن الحاصل على هذه الشهادة يملك المستوى الضروري من المهارات والعلوم المعرفية والخبرات التدريبية الوظيفية الضرورية للعمل بكفاءة في تلك المجالات. وقد باتت الشركات العالمية تشترط أن يحصّلها الموظفون في استحقاقهم الترقية أو تعيينهم في مناصب مهمة وحساسة. تُعد هذه الشهادة بمثابة إثبات لاستيفاء شروط التأهيل الميداني وامتلاك الخبرة العملية في أي حقل من الحقول.

البطالة والبترول

الإحصاءات تشير إلى أنّ معدلات البطالة ترتفع تدريجاً مع ارتفاع المستوى التعليمي للعاملين، وهذا يعود إلى طبيعة الاختصاصات التعليمية وعدم تطابقها مع احتياجات سوق العمل، حيث تتركز أعداد المتخرجين وطلاب الجامعات في اختصاصات جامعية ومهنية محددة وتقليدية ومتوافرة بنحو فائض عن الطلب، بينما تنحصر نسبتها في اختصاصات أخرى على الرغم من أهميتها وحاجة سوق العمل اليها، فهناك نحو ثلث الطلاب في الجامعات الخاصة اللبنانية يدرسون إدارة الاعمال، وفق وزارة التربية.

ماذا فعلت الجامعات؟

استحدثت بعض الجامعات في لبنان اختصاصات جديدة مرتبطة بالطاقة والبترول والكيمياء، ومتعلقة بشكل مباشر وغير مباشر بالنفط: جيولوجيا نفطية، هندسة كيميائية، هندسة بترولية، ماجستير في الغاز والبترول.
ويختلف اختصاص النفط بين جامعة وأخرى، انطلاقاً من شروط الانتساب وامتحان الدخول وعدد الطلاب المحدد لكل سنة دراسية، وعدد سنوات الدراسة ونوعيّة الشهادة التي يحصل عليها المتخصص، فإمّا أن تكون شهادة هندسة أو دبلوم ماجستير.
- في عام 2015، استحدثت الجامعة اللبنانية في كليتي العلوم والهندسة في الفرع الأول، إجازة في «الجيولوجيا البترولية»، على أن تستتبع بالماجستير.
- أطلقت الجامعة الأميركية في بيروت برنامج «الهندسة البترولية» الذي يختلف عن اختصاص «الدراسات النفطية»، فالأول معنيّ بالمرحلة الاستكشافية لحقول النفط والغاز، فيما يرتكز الثاني على وضع الأسس العملية لمعالجة النفط الخام للمنتجات، والاهتمام بتخزين هذه المنتجات بنحو يحافظ على جودتها، فضلاً عن الدور العملي إلى جانب المهندسين الإلكترونيين والميكانيكيين.
- المعهد العالي للعلوم التطبيقية والاقتصادية Cnam، افتتح اختصاص الهندسة الذي يمنح شهادة Génie" des Procédés"، ما يخوّل حاملها القيام بدور بارز في وضع استراتيجية التنقيب عن النفط ومراقبته، فضلاً عن دوره في وضع استراتيجية تصنيع المنتجات ومراقبة التصنيع في أي شركة صناعية.
ويحق لكل طالب أتمّ سنتين جامعيتين في البيوكيمياء والكيمياء أو البيولوجيا الانتساب إلى Cnam لاستكمال ثلاث سنوات دراسية بعدها يحصل على شهادة الهندسة.
- استحدثت جامعة بيروت العربية في كلية الهندسة اختصاص «هندسة البترول»، وتمتد فترة الدراسة إلى خمس سنوات، وهي تخوّل المهندس القيام بهندسة الحفر والتنقيب لاستخراج النفط والغاز وإنتاجهما.
- أطلقت جامعة القديس يوسف ماجستير استكشاف النفط والغاز وإنتاجهما وإدارتهما، ويتضمّن هذا الاختصاص المواد العلمية الأساسية وتقنيات الاستكشاف والمسح الزلزالي، وتقنيات تطوير الآبار والحقول النفطية، وتقنيات إدارة القطاع من الناحية الاقتصادية والمالية والتسويقية والبيئية.
- في جامعة البلمند هناك اختصاص الهندسة الكيميائية وشهادة البترول، فيما تدرّس في جامعة روح القدس - الكسليك هندسة الكيمياء.
- اعتماد الامتياز الفني في اختصاص تكنولوجيا وتقنيات النفط والغاز ابتداءً من العام الدراسي المقبل 2017 - 2018 في معاهد التعليم المهني والتقني، بقرار من المدير العام أحمد دياب.

* للمشاركة في صفحة «تعليم» التواصل عبر البريد الإلكتروني: [email protected]