تظاهر دروز من عرب الـ48 في غالبية قرى الجليل والكرمل، في اليومين الماضيين، تضامناً مع أهالي قرى جبل السماق الذين ارتكبت «جبهة النصرة» مجزرة في حقهم. لكن الخلفية السياسية لهذا التحرك تتصل أكثر بالوضع في محافظة السويداء، حيث يتركز النشاط الاسرائيلي ــ الاميركي على سبل إنشاء صلات وصل جغرافية وعسكرية بين دروز الجليل وأبناء المحافظة السورية الجنوبية.وخرج الآلاف في قرى يانوح وكسرى وكفر سميع ويركا وبيت جنّ وجولس والرامة ودالية الكرمل في شمال فلسطين المحتلة، داعين الى مناصرة أبناء السويداء في مواجهة المجموعات المسلحة.

وترافق التحرك مع حملة تبرعات مالية في القرى منذ أيام لجمع المال وإرساله إلى أهالي السويداء. وليلاً، قال شيخ عقل الدروز في فلسطين، موفّق طريف، للقناة الثانية الاسرائيلية إنه تمّ جمع نحو مليوني دولار أميركي، داعياً «أميركا والتحالف الدولي إلى مساعدة الدروز في السويداء»!
ويأتي كلام طريف وطلبه العون من التحالف الدولي في وقت كشفت فيه صحيفة «هآرتس» أمس أن «إسرائيل تقدّمت بطلب إلى رئيس الأركان المشتركة للجيش الأميركي، مارتن ديمبسي، أثناء زيارته لإسرائيل الأسبوع الماضي، لمساعدة الدروز في سوريا». وأكدت أن «مسؤولين إسرائيليين طالبوا ديمبسي بتقديم مساعدات لسكان جبل الدروز عن طريق الأردن»، وأن الجنرال الأميركي «لم يتعهد بشيء في هذا الخصوص، لكن التقديرات هي أنه سيتم بحث الموضوع بصورة إيجابية في واشنطن». وذكر تقرير «هآرتس» أن «ممثلين عن الطائفة الدرزية طلبوا من إسرائيل تقديم مساعدة للدروز في سوريا، وردّت إسرائيل في أعقاب مداولات أجراها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الأمن موشيه يعلون وقادة جهاز الأمن بأن إسرائيل يمكن أن تقدم مساعدات إنسانية إلى سكان بلدة حضر السورية القريبة من خط وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان، لكن لن يكون بالإمكان تقديم مساعدات لجبل الدروز في عمق الأراضي السورية، لأن ذلك سيعتبر تدخلاً مباشراً في الحرب الأهلية السورية، الأمر الذي قد يورّط إسرائيل فيها».

تظاهرات في الجليل دعماً للسويداء عسكرياً ومادياً



غير أن موقع «واللا» القريب من الاوساط الامنية كشف أن «إسرائيل بادرت إلى إقامة منطقة خاصة في الأراضي السورية، بالقرب من الحدود، يمكن أن يصل إليها لاجئون دروز لتلقّي مساعدة إنسانية». وهذا الاعتراف الإسرائيلي هو الأول من نوعه، ويؤكد مخاوف الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية من أن إسرائيل التي تدعم الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا وتوجّهها، تنوي الدفع في اتجاه تهجير قسمٍ من أهالي جبل العرب، ونقلهم إلى الجولان المحتلّ، بغية تحقيق حزام أمني على الحدود السورية مع شمال فلسطين المحتلة.
وتستغل إسرائيل الغليان الشعبي في القرى الدرزية في الكرمل والجليل لتنفيذ مخططها، وأوضح «واللا» أن «الاتصالات حول هذه المسألة (إقامة منطقة خاصة للدروز) جرت على خلفية الخشية وسط أبناء الطائفة الدرزية في إسرائيل من مذبحة محتملة تنفذها التنظيمات المتطرفة بإخوانهم ما وراء الحدود، وبشكل خاص في منطقة جبل الدروز الواقع جنوب سوريا». وأضاف الموقع أن «إسرائيل تدير اتصالات مع عدة دول في العالم، ومع جهات في الأمم المتحدة ومع الصليب الأحمر من أجل إقامة المنطقة المشار إليها».
وأكد مصدر سياسي لموقع «واللا» أن إسرائيل تتابع وضع الدروز في سوريا، مشيراً إلى «أننا لا ننوي استيعاب لاجئين دروز في إسرائيل، ولكن كشعب (يهودي) تعرض لكارثة، لا ننوي تجاهل إمكانية تعرض الأقلية الدرزية لمذبحة». وأوضح الموقع أنه «في حال ضممنا هذا الكلام إلى كلام الضابط الرفيع في هيئة الأركان العامة، خلال حديث مع مراسلين عسكريين، يصبح بالإمكان القول إن إسرائيل لن تسمح بدخول جماعي للاجئين الدروز إلى إسرائيل، ولكنها لن تقف جانباً إذا ما تعرّضوا لمذبحة».
وبحسب الموقع نفسه، رفضت رئيسة شعبة الاتصالات في الصليب الأحمر، سفين سيتروك، تأكيد أو نفي هذه التفاصيل، لكنها وافقت على القول إن «الصليب الأحمر يجري حواراً سرياً مع جهات تقدير مختلفة حول الوضع في سوريا»، مضيفةً أن «اللجنة الدولية للصليب الأحمر تجري تقديرات عن الوضع الإنساني، وحاجات السكان المدنية، الموجودين في منطقة المواجهة، وعن نوع وحجم المساعدة التي ينبغي توفيرها، على جانبي الحدود».
ويروّج الموقع لحاجة أهالي السويداء إلى الدعم العسكري من إسرائيل، مؤكّداً أن «مسؤولين رفيعي المستوى في الطائفة الدرزية في إسرائيل تحدثوا الأسبوع الماضي مع جهات أمنية حول وضع إخوانهم في جبل الدروز، وطلبوا الاهتمام بتزويدهم بالسلاح»، مضيفاً أن «من يتحدث عن فكرة استيعاب الدروز من سوريا في إسرائيل لا يفهم ماهية المشكلة. أي درزي لن يترك أرضه، ولكن من الجانب الثاني ليس لديهم أسلحة وذخيرة من أجل مواجهة التهديدات. ونحن نتوقع أن دولة إسرائيل مثل بقية دول العالم ستساعدنا في الدفاع عن أنفسنا».
ونقل «واللا» عن «مصدر في المؤسسة الأمنية قوله إنه في الأسابيع الأخيرة تدرس عدة دول غربية، بالتشاور مع جهات رفيعة في الأردن، فكرة نقل أسلحة وذخائر لرؤساء الطائفة الدرزية في سوريا من أجل الدفاع عن أنفسهم. مع ذلك، لم يتخذ حتى الآن أي قرار في هذا المجال». لكن الموقع لفت الى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية «رفضت التطرق إلى ما كتب عن هذا الموضوع بشكل رسمي».
(الأخبار)