لم يكن وارداً في خاطر حيدر العبادي، وخلّانه من المعارضين لنظام الرئيس الأسبق صدام حسين، العودة إلى العراق يوماً. كان حلماً مؤرقاً، يلاحقه كملاحقة «الاستخبارات البعثية» له، كما ينقل عارفوه.ولم يكن وارداً في خاطره أيضاً الوصول إلى منصب رئاسة الوزراء العراقية، لولا التحوّل الأبرز الذي بدأ مع وقوع أزمة تشكيل الحكومة الجديدة عام 2014، ومع سقوط مدينة الموصل، وإعلان تنظيم «داعش» دولة «الخلافة».


يروي مصدر سياسي عراقي أنّ تصدير اسم العبادي كمرشح لرئاسة الوزراء «جاء من باب أنه غير صدامي، بعكس المالكي». ويشرح أنّ «العبادي لم يفارق المالكي... وكان محسوباً عليه، لكنه لم يكن بارزاً كزملائه الآخرين»، الأمر الذي ساعد في أن يكون «الدكتور محطّ أنظار الأفرقاء السياسيين ويرشحونه لرئاسة الحكومة».
ومن التعقيدات التي ساهمت في وصول العبادي، أنّ مرشح المحور السعودي القطري التركي الذي تقوده واشنطن، لرئاسة الوزراء العراقية، لم يكن إلا أياد علاوي (الصورة). وفي ظل تسليم هذا المحور بأن الإتيان برئيس وزراء من خارج «التحالف الوطني» أمر يصعب تجاوزه، استعاضوا عن علاوي بالرهان على «تجنيد» حليف لهم من داخل «التحالف الوطني» ومن داخل الحزب الحاكم فيه (حزب الدعوة)، كأسهل الخيارات لحجز نفوذ لهم في المنصب التنفيذي الأول في بلاد الرافدين.
يُقال إنه مع وصول حيدر العبادي إلى السلطة (الذي يُقال إنّه لم يستغنِ عن الجنسية البريطانية حين تولى منصبه، بعكس ما يقول) ، نحا باتجاه «رفع مستوى التنسيق مع الأميركيين وفقاً لما كانت تقتضيه الظروف في حينه»، ويُضاف إنه «ذهب بعيداً في ما بعد، وفق منطق: عزّز من حضور واشنطن في إدارتك، تثبت في بغداد أكثر».





عمل الماكينات الانتخابية ينطلق

مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات، يستعد رئيس الوزراء حيدر العبادي لخوض غمارها، تحضيراً للانتخابات النيابية. وتؤكّد المصادر أنه رغم عداوته للإعلام والإعلاميين، فإن العبادي قد «استمال عدداً منهم، وبعضاً ممن يستطيعون التأثير على الرأي العام»، بهدف إعادة رسم صورته في الشارع العراقي.
في المقابل، فإن فريق المالكي يقول إنه لم يطلق «الحملة الانتخابية إلى الآن»، بينما زياراته الأخيرة لمدن البصرة وذي قار والعمارة، والتي حاول مناهضوه التشويش عليها ببعض التظاهرات، تؤشر إلى أنه أطلق مرحلة إعادة التواصل مع الفاعلين السياسيين في محافظات جنوب ووسط العراق، فيما يضيف متابعون أن «فريقه أعاد الحياة إلى ماكيناته الانتخابية».
أحد المقرّبين من المالكي يردّ على مجمل هذه الأحاديث بالقول: «هو لا يسعى إلى استعادة منصب بقي فيه ثماني سنوات، بل إلى تكريس الزعامة».