لم يكن أمام رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بدّ من رد عملية الدهس في القدس المحتلة إلى تنظيم «داعش»، سواء أكان منفذ العملية داعشياً أم غير ذلك.
اتهام حركة «حماس» أو فصائل فلسطينية أخرى، وأيضاً اتهامات باتجاه خارج فلسطين، قد يستلزم منه رداً لا يريد تحمل تبعاته، الأمر الذي دفعه إلى اتهام «الدولة الإسلامية» كما سماها، وتظهير إسرائيل كضحية إلى جانب الدول الغربية، التي تعاني «أيضاً» جراء «الإرهاب الإسلامي»، في محاولة مستمرة لوضع أي عمل مقاوم ضمن هذا السياق.
التصريح الأول صدر عن نتنياهو، الذي سارع أمس إلى زيارة موقع تنفيذ عملية الدهس، بمعية وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، أكد فيه أن «كل المؤشرات» تشير إلى أن «منفذ الهجوم مؤيد لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)»، رابطاً العملية وأهدافها بالعمليات التي نفذت في أوروبا على يد «الإرهاب الإسلامي»، مضيفاً: «أعتقد أن هناك سلسلة من الهجمات، قد تكون هناك علاقة في ما بينها، وقعت في فرنسا وبرلين، والآن في القدس... ونحن سنحارب هذه الآفة وسنتغلب عليها».

الربط بـ«داعش» هدفه تظهير إسرائيل كضحية إلى جانب الدول الغربية

وتابع نتنياهو: «نعرف هوية المهاجم، ووفقاً لجميع المؤشرات، فإنه مؤيد للدولة الإسلامية... لقد فرضنا حصاراً على جبل المكبر، الحي الذي انطلق منه (المنفذ)، ونقوم بأنشطة أخرى. لن أدلي بتفاصيل حولها. لقد أنهيت قبل قليل نقاشاً حول ذلك مع وزير الأمن ورئيس الأركان ورئيس الشاباك وآخرين، بخصوص الرد والأنشطة المطلوب اتخاذها».
في السياق نفسه، استنسخ ليبرمان ما ورد على لسان نتنياهو، بالإشارة إلى أن الهجوم «مستوحى من داعش»، لافتاً إلى أن «سبب الهجوم هو فقط لأننا يهود ونعيش في إسرائيل، دون أي ربط بالاستيطان أو بالمفاوضات... رأينا ذلك في فرنسا وبرلين، وللأسف هنا أيضاً في القدس، ونحن سنحارب الإرهاب بكل وسيلة موجودة في حوزتنا».
إضافة إلى ردود فعل سياسيين وإعلاميين زايدوا على المؤسسة الأمنية وطالبوا بمعاقبة الفلسطينيين وبأفعال من شأنها أن تمنع تكرار العملية، التأم المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) بعد ساعات على تنفيذ عملية الدهس، وخرج بقراراته غير المفاجئة، بل في معظمها مكررة، واتخذ مثلها في عمليات مشابهة. ووفق وسائل إعلام عبرية، ناقش المجلس المصغر «سلسلة خطوات» للرد على العملية، من بينها هدم منزل المنفذ في أقرب وقت، ورفض طلبات جمع شمل عائلته من غزة أو الضفة المحتلة إلى القدس، إضافة إلى منع تسليم جثته إلى عائلته. أما الجديد، الذي لم يكن مفعّلاً في السابق، فهو «قرار الاعتقال الإداري لكل شخص ينتمي إل داعش أو يعرب عن تأييده له».
وفيما أكدت شرطة العدو عدم وجود إنذار موضعي في حوزتها حول الدهس، قالت القناة الثانية العبرية إن الجنود كانوا «سائحين» في إطار برنامج تعريفي في القدس ينظمه الجيش إلى المواقع التاريخية في المدينة. ووفق مراسل القناة، كان «الجنود في دورة تدريبية للضباط، وكل الإصابات كانت لضباط أو تلاميذ ضباط، في الجيش الإسرائيلي». كذلك كان لافتاً تطور المقاربة الإعلامية العبرية لعملية الدهس، التي تحدثت في البدء عن إصابات حرجة، ثم جاء الحديث عن ثلاثة ولاحقاً أربعة قتلى وعدد من الجرحى، ليعود المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ويؤكد أن ضابطة وثلاثة تلاميذ ضباط من الكلية العسكرية قتلوا، إضافة إلى جرح آخرين، قبل التوقف عن حديث الإصابات، وذلك بعد قرار صدر عن محكمة القدس، حُظر بموجبه نشر التفاصيل.
واللافت أكثر في موقع عملية الدهس، كما ورد في الإعلام العبري وأعقبه تعليقات للمراسلين، تأكيد أن الجنود لاذوا بالفرار وهم يحملون أسلحتهم، ممن كانوا موجودين بالقرب من عملية الدهس وفي جوارها، الأمر الذي استتبع من الجيش الإسرائيلي التوضيح للمراسلين أنه سيحقق في الأسباب التي دفعت الجنود إلى الفرار مع أسلحتهم، وخاصة أن من تصدى للمنفذ «مدني» كان يحمل سلاحاً فردياً.