النازحون السوريون يرزحون تحت الديون

النازحون السوريون يرزحون تحت الديون

  • 0
  • ض
  • ض

اكثر من 900 الف نازح سوري في لبنان يرزحون تحت عبء الديون. مدخراتهم استنفدت والمساعدات الانسانية تقلصت كثيرا. التوترات مع المجتمعات المحلية المضيفة تصاعدت وتزايدت القيود الرسمية وانخفضت فرص العمل المتاحة... كل ذلك ينذر بالاسوأ، ولا سيما ان الدول والمنظمات المانحة لم تساهم في هذا العام سوى باقل من 45% من المساعدات التي طلبها لبنان لتأمين الاحتياجات الاساسية للنازحين.

"90% من نحو مليون نازح سوري في لبنان غارقون في بحر من الديون المتراكمة"، هذا ما خلصت إليه الدراسة التقويمية، التي أجرتها أخيرا مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين واليونيسيف وبرنامج الأغذية العالمي. استندت هذه الدراسة إلى تقويم أكثر من 4000 أسرة نازحة وأكثر من 100000 زيارة عائلية حصلت في هذا العام. في النتيجة، تبيّن ان قيمة المبالغ التي يدين بها النازحون السوريون لمالكي العقارات وأصحاب المتاجر والأصدقاء والأقارب قفزت بنسبة 22% في خلال عام 2015. أما المدخرات، فقد استنفدت، والقدرة على إيجاد فرص العمل تقلصت، كما تراجعت المساعدات الإنسانية بسبب النقص في التمويل، اذ لم يموَّل سوى 45% من النداء الخاص بلبنان والبالغ 1,87 مليار دولار أميركي لعام 2015. بحسب هذه الدراسة، يبلغ معدل الدين الشهري المتراكم حاليا على كل أسرة سورية نازحة نحو 842 دولارا أميركيا، أي ما يمثل زيادة قدرها 180 دولارا أميركيا مقارنة بالعام الماضي. يضطر النازحون إلى اقتراض الأموال لتغطية تكاليف احتياجاتهم الأساسية، من إيجار مسكن ومواد غذائية ورعاية صحية، والمبالغ الصغيرة المتتالية باتت أعباء ثقيلة يصعب التخلص منها، اذ يدين نحو 40% من النازحين بالأموال لمالكي العقارات، ومعظمهم لم يسددوا إيجارهم منذ أكثر من شهرين. فيما يشير 39% من النازحين الذين شملتهم الدراسة إلى أنهم لا يحصلون على الرعاية الطبية بسبب ارتفاع تكاليف العلاج والأدوية. يتأقلم النازحون مع الوضع عن طريق خفض عدد الوجبات في اليوم وتقليص حجمها. الا أن العديدين منهم لا يزالون يضطرون إلى اقتراض المال من أصحاب المحلات أو الأصدقاء أو الأقارب لإطعام عائلاتهم. وهم نادرا ما يستهلكون اللحوم، ولا يتناولون البيض إلا مرة واحدة في الأسبوع، وذلك في أحسن الأحوال، كما يعمد العديد من البالغين إلى خفض كمية الطعام التي يتناولونها حرصا على حصول أطفالهم على الغذاء.

ارتفعت نسبة الأسر النازحة التي تشتري المواد الغذائية بالدين إلى أكثر من 75%
ارتفعت نسبة الأسر النازحة التي تشتري المواد الغذائية بالدين إلى أكثر من 75%، بعدما كانت 30% عام 2014 و19% عام 2013. ويعود السبب إلى خفض المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي. ففي العام الماضي، كان ثلاثة أرباع النازحين يتلقون مساعدات غذائية بقيمة 30 دولارا أميركيا للشخص في الشهر. أما اليوم، فنسبة النازحين الذين يتلقون مساعدات غذائية تكاد لا تتعدى النصف، كما أن المبلغ الذي يتلقونه قد انخفض، إذ بات يبلغ 21,60 دولارا أميركيا للشخص في الشهر. بشكل عام، تشير التقديرات إلى أن 70% من النازحين في لبنان يعيشون حاليا تحت خط الفقر، أي بأقل من 3,84 دولارات أميركية للفرد في اليوم. وهم يضطرون إلى الاختيار بين عدة احتياجات وإن كانت كلها حيوية، فضلا عن الحد من السعرات الحرارية والعناصر الغذائية في وجبات الطعام وتجاهل الأمراض، يتزايد عدد النازحين الذين يخرجون أطفالهم من المدارس ويرسلونهم في غالبية الأحيان للعمل بشكل غير رسمي حيث يصبحون عرضة للاستغلال. يواجهون خطر الطرد من منازلهم؛ فمع تراجع قدرتهم على سداد الديون، سيفقدون على الأرجح ثقة المقرضين، ما يؤدي إلى تدهور العلاقات مع المجتمع المضيف. تفاقمت جوانب الضعف لدى النازحين السوريين في لبنان جراء الاحتياجات الإضافية التي باتت مطلوبة منذ شهر كانون الثاني في ما يتعلق بإقامتهم في لبنان. يجب تجديد الإقامة كل ستة أشهر، وللقيام بذلك، يجب على النازحين المسجلين، الذين هم في سن العمل، توقيع تعهد بعدم العمل لدى كاتب العدل. إن معظم العمال من النازحين السوريين يعملون بشكل غير رسمي، من خلال إيجاد فرص عمل في الزراعة أو البناء لبضعة أيام كل شهر، ولا يكسبون عادة أكثر من 15 دولارا أميركيا في اليوم (12 ساعة عمل). أما النساء والأطفال، فيكسبون أقل من 4 دولارات أميركية في اليوم مقابل العمل في الزراعة. توصي الدراسة بالإعفاء من شرط التعهد بعدم العمل، أو على الأقل، إعادة صياغته بحيث يتمكن النازحون من العمل في قطاعات معينة، مثل الزراعة أو البناء، بما يتوافق مع القانون اللبناني وحيث يكثر الطلب، اي في القطاعات التي هي في الأصل قطاعات تقليدية لأنشطة العمال السوريين في لبنان. كما توصي بالاستثمار في المشاريع والشركات اللبنانية حيثما يكون ذلك ممكنا لدعم الأعمال المحلية، وبشكل غير مباشر، خلق فرص عمل للسكان اللبنانيين الذين يحتاجون إلى المساعدة وللنازحين، مثل قطاعات المنسوجات والمأكولات والخدمات البيئية والزراعة والبناء. الا الدراسة تعلن في المقابل "الافلاس" اذ تختم بالقول انه "لا يمكن للمنظمات الإنسانية تعزيز المساعدات التي تقدمها في حال عدم تحسن التمويل الذي تتلقاه. وذلك من شأنه مفاقمة الديون المتراكمة على الغالبية العظمى من النازحين في البلاد". ما يعني انها تحذّر من ان الاسوأ آت. في الواقع، يشير التقرير الشهري الذي تصدره مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين الى مخاطر الشتاء على الأسر النازحة الأكثر ضعفا في لبنان. وقد اطلقت المفوضية برنامجا للتبرع عبر الإنترنت (http://leben.unhcr.org) بهدف تقديم مساعدة مالية على مدى 4 اشهر لنحو 161000 أسرة (800000 شخص) في لبنان، لتمكينها من شراء الوقود للتدفئة.، إضافة إلى ذلك، تتعاون الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الشريكة في توزيع المساعدات على 100000 أسرة لبنانية وسورية (500000 شخص)، بما في ذلك مجموعات مستلزمات لتجهيز المساكن لمقاومة العوامل المناخية ومواد عازلة ومواقد وبطانيات وملابس شتوية ووقود للمدارس، وذلك لمساعدتهم على مواجهة فصل الشتاء". يتحدث التقرير عن أن "التوترات بين المجتمعات اللبنانية والسورية، على الرغم من محاولات جادة لاحتوائها، زادت خلال العام الماضي، وذلك بسبب المخاوف الأمنية والقضايا الصحية والتنافس على فرص العمل الشحيحة. فعلى سبيل المثال، أعربت عائلات لبنانية في منطقة جبل لبنان عن شعورها بالقلق على سلامة الأطفال وصحتهم في ضوء ارتفاع عدد النازحين السوريين في المنطقة، كما أفاد بعض المشاركين في البقاع عن حوادث من العنف اللفظي بين السوريين واللبنانيين في الشوارع أو في المدارس". تجدر الاشارة إلى ان منظمة إنقاذ الطفولة (اليونيسف) والمفوضية اكدتا وجود 21 إصابة بالتيفوئيد في المخيم العشوائي في العامرية. وكانت المفوضية، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمات الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية محلية ودولية، قد انجزت عمليات التقويم التشاركي هذا الشهر، وهي عبارة عن حوارات منظمة تجرى مع اللاجئين والنازحين من رجال ونساء وفتيان وفتيات، من خلفيات متنوعة، فضلا عن عائلات لبنانية مضيفة من المجتمعات المحلية. ومن ابرز نتائج عمليات التقويم هذه لدى الأطفال والمراهقين السوريين انهم يعانون محدودية إمكانية الوصول إلى المدرسة والزواج المبكر وعمالة الأطفال. أعربت الفتيات عن قلقهن إزاء العنف القائم على نوع الجنس والتحرش اللفظي. كما أفاد المراهقون في البقاع وجبل لبنان عن عدم تمكنهم من ارتياد المدرسة لأسباب اقتصادية وتعرضهم للاستغلال من قبل أصحاب العمل. ومن التحديات الأخرى التي يواجهها المراهقون صعوبة تجديد المستندات القانونية وحظر التجول في محافظات جبل لبنان والبقاع والجنوب. اما الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما فأفادوا بمعاناتهم جراء الأزمات النفسية التي يعيشونها في لبنان. فالعديد من الشباب الذكور والإناث يشعرون بالإحباط حيال عدم قدرتهم على دخول الجامعات بسبب افتقارهم للشهادات المطلوبة والتكاليف الباهظة. وفي ما يتصل بالأشخاص البالغين الذين تراوح أعمارهم بين 25 و50 عاما فان النساء والرجال البالغين لفتوا إلى أن أبرز مخاوفهم تتمحور حول تعليم أبنائهم وتوفير الرعاية الصحية لهم. العديدون منهم يجهلون ما هي الخدمات المتاحة. كما أفاد العاطلون من العمل منهم أنهم يعتمدون على أبنائهم، وخاصة الذكور منهم، لتغطية نفقات معيشتهم. كما أفاد الأشخاص ذوو الإعاقة بشعورهم بالعزلة وبتعرضهم للوصم من قبل مجتمعاتهم. كذلك أشاروا إلى عجزهم عن الوصول إلى الرعاية الطبية المناسبة. اما الأشخاص المسنون، فاشاروا إلى خوفهم الدائم من التعرض للاحتجاز بسبب عدم قانونية وضعهم في البلاد. وهم غالبا ما يعجزون عن الحصول على الخدمات الصحية بسبب تكلفة النقل إلى المرافق الصحية. الحرمان من التعليم جرى تسجيل 155000 طفل في المدارس الرسمية في لبنان حتى هذا التاريخ، 62500 في الدوام الاول (قبل الظهر) و92500 في دوام بعد الظهر. وعلى الرغم من الزيادة الملحوظة بنسبة 50% في معدلات التسجيل مقارنة بالعام الماضي، تواصل وزارة التربية والتعليم العالي والمنظمات الشريكة العمل لتحقيق الهدف المحدد لهذا العام، وهو التحاق 200 الف طفل بالمدارس. أما التحديات التي لوحظت في المجتمعات، وافاد بها الأهالي، فلا تزال عديدة، كما أشارت وزارة التربية والتعليم العالي إلى أن حوالى 13500 طفل من أولئك المسجلين لا يحضرون الصفوف فعليا، بحيث يشكل قرب المدرسة الرسمية من محل إقامة النازحين عاملا مهما، إذ يشعر العديد من الأهالي بالقلق حيال إرسال أطفالهم في رحلات طويلة للوصول إلى المدرسة. ومن أصل 285 الف طفل تراوح أعمارهم بين 6 أعوام و14 عاما، يعيش نحو 50 الف على بعد أكثر من كيلومترين ونصف كيلومتر عن أقرب مدرسة رسمية. وفي عدد من المناطق، أدى امتلاء بعض المدارس التي تعتمد دواما ثانيا إلى اضطرار الأطفال إلى القيام برحلات طويلة للوصول إلى أقرب مدرسة متاحة لهم. غير أن أسباب التغيب عن المدرسة تتخطى مسألة المسافة والنقل وتختلف مع اختلاف الفئات العمرية. ونظرا إلى أن 70% من النازحين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر، تضطر بعض الأسر إلى إخراج أطفالها من المدرسة لإرسالهم للعمل وتحسين دخل الأسرة.

  • يعمد العديد من البالغين إلى خفض كمية الطعام التي يتناولونها حرصا على حصول أطفالهم على الغذاء

    يعمد العديد من البالغين إلى خفض كمية الطعام التي يتناولونها حرصا على حصول أطفالهم على الغذاء (هيثم الموسوي)

0 تعليق

التعليقات