بغداد | فيما يتطلع العراقيون في الذكرى الأولى لاحتلال «داعش» لكبرى مدن البلاد سكاناً ومساحة، للساعة الصفر التي تعيد الجزء المحتل إلى سلطة الوطن، وعد اللواء الركن نجم الجبوري قائد عمليات نينوى، أبناء محافظته بـ«مفاجأة» خلال عمليات تحرير الموصل من سيطرة التنظيم، على الرغم من رفضه الاشارة إلى أي موعد لبدء تلك العمليات: «لن نعلن متى نبدأ لأن ذلك سيكون مفاجأة باذن الله».
الجبوري، الذي عينه رئيس الحكومة حيدر العبادي حديثاً ضمن سلسلة تعيينات وإقالات في إطار خطة إعادة هيكلة الجيش العراقي، أكد خلال حوار مع «الأخبار» بمناسبة الذكرى الأولى لسقوط الموصل، استمرار القوات الأمنية في استنزاف «داعش»، موضحاً أن «ضرباتنا أفقدتهم صوابهم، فكيف إذا اقترب اليوم الموعود؟». ويشدد قائلاً: «لن أدخل في أي معركة تقليدية معهم كالتي اعتادوها».
«الحشد الشعبي»
... كل الطرق تؤدي
إلى الموصل

ووعد الجبوري «داعش» بأحدث ما وصلت اليه آلة الحرب في العالم، كاشفاً عن أن طائرات الـ«F35» وطائرات الـ«F22» التي تعتبر أحدث المقاتلات في العالم ستشترك في عملية التحرير، مضيفاً أن دول «التحالف الدولي» أعدت أحدث ما لديها للاشتراك في المعركة «وقريباً ستتحرك القاصفات الاستراتيجية إلى مرابضها القريبة من العراق».
وأعلن قائد عمليات نينوى الذي يتسم منذ تعيينه بقلة الظهور والتصريح لوسائل الاعلام أو حتى اللقاء بالقيادات السياسية والعسكرية، إجراء عمليات تنسيق واستعدادات كبيرة تجريها الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومختلف الوزارات الخدمية تحسباً لأي طوارئ إنسانية قد تحدث وحصول عمليات نزوح جديدة كما هو متوقع، وقد وضعت الجهات المعنية خططاً لاحتمال نزوح الأهالي.
في موازاة ذلك، رأت هيئة «الحشد الشعبي» أنّ من المبكر الخوض في تفاصيل معركة الموصل ومشاركة «الحشد» فيها مع عدمه، وهو الأمر الذي يثير انقاسماً سياسياً مع تصاعد المواجهات في جبهتي صلاح الدين والأنبار، وبالذات الأخيرة، حيث يسيطر التنظيم على ستّ مدن فيها من أصل سبع، بينها مركز المحافظة مدينة الرمادي.
لكن المتحدث العسكري باسم «الحشد»، كريم النوري، بدا واثقاً من مشاركة «الحشد» في عمليات تحرير الموصل «لكون الجميع بات على يقين أنه لا يتم تحرير شبر من أي أرض عراقية دون أن يكون للحشد بصمة فيها على الأقل». النوري أكد في حديثه لـ«الأخبار» أنه بالرغم من عدم بدء التخطيط الفعلي لعمليات الموصل «إلا أننا نعتقد أن الجميع بات مؤمناً بمشاركة الحشد الشعبي» وأن كل العمليات العسكرية الجارية اليوم ستنتهي عند الموصل.
من جانبه، ربط المتحدث السياسي باسم «الحشد»، أحمد الأسدي، في حديث لـ«الأخبار»، مشاركة «الحشد الشعبي» بقرار سياسي وعسكري يصدر عن رئيس الحكومة حيدر العبادي الذي يحمل الصفة السياسية، لكونه رئيساً للحكومة وقائداً عاماً للقوات المسلحة كما ينص الدستور، فضلاً عن ارتباط «الحشد» رسمياً به.
ومن أبرز المعارضين لدخول «الحشد» إلى الموصل ومشاركته بعمليات التحرير، نائب رئيس الجمهورية لشؤون الأمن والدفاع أسامة النجيفي وشقيقه محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي، اللذان يصرحان في أكثر من مناسبة علانية بأنهما لا يرغبان في أن يشارك «الغرباء» في تحرير المدينة «وحتى لا نكرر أخطاء تكريت».
لكن المعارضين للنجيفيين يرون في رفضهما لأي دور لـ«الحشد» في التحرير هو ترتيب سري مع الأكراد في إقصاء «الحشد» عن المشهد الموصلي ومحاولة تسويق فيلم التحرير لـ«أشخاص مفلسين» كما يذهب لذلك عضو مجلس النواب عن نينوى عبد الرحمن اللويزي الذي انشق عن كتلة النجيفي خلال الدورة السابقة للبرلمان.
اللويزي يوضح لـ«الأخبار» أن هناك من يصر على إيكال مهمة التحرير إلى إقليم كردستان وكأنه هو صاحب الشرعية في ذلك، مضيفاً أن «مسلسل الإساءة والتنكيل بالحشد الشعبي قائم عل قدم وساق من أجل إيقافه عند حدود نينوى. لكن بالتأكيد سيكون لأهالي نينوى كلام آخر».
وتقر مواطنته النائبة عن نينوى نورة البجاري (المقربة من النجيفي) بأن هناك من زرع أفكاراً متطرفة عن «الحشد الشعبي» والمتطوعين بين أهالي نينوى والمناطق الشبيهة بنينوى، الأمر الذي ولد كما ترى البجاري تحسساً من دخول «الحشد» إلى مثل تلك المناطق، نظراً إلى تركيبتها السكانية.
البجاري دعت إلى وضع «خطة حكيمة» لتحرير الموصل تراعى فيها مختلف الجوانب، خصوصاً مع ملاحظة «أطماع بعض الجهات بنينوى» دون تسميتها، مشيرةً إلى أن مدينتها تعيش كارثة إنسانية لم تشهدها من قبل، بعد عام كامل على سقوطها بيد «داعش» مع تضييق الخناق على الأهالي يوماً بعد آخر.
ويتوقع خبراء ومراقبون أن يتكرر سيناريو الأنبار مع الموصل حيث رفض مجلس الأنبار طوال عام دخول قوات «الحشد» وبقي معارضاً لذلك بشدة، حتى اضطر في منتصف شهر أيار الماضي إلى القبول بالأمر الواقع وتصويت أعضائه بالإجماع فضلاً عن شيوخ عشائر ووجهاء المحافظة على دخول «الحشد الشعبي» عقب سيطرة «داعش» على الرمادي وتهديده لما بقي من مناطق المحافظة (البغدادي، حديثة، عامرية الفلوجة، الخالدية، الحبانية).
وكان رئيس الحكومة حيدر العبادي قد أعطى إشارات مبكرة خلال مقابلة مع القناة «العراقية» الرسمية مطلع الشهر الحالي بأنه سيأمر بمشاركة قوات «الحشد الشعبي» في عمليات الموصل، مهدداً ـ بشكل غير مباشر ـ الجهات والأطراف التي تعارض دخوله تحت مزاعم ومخاوف يرى أصحابها أنها مبررة. وأكد خلال لقائه مع قائد عمليات نينوى في وقت سابق من الأسبوع الحالي أن «معركة الموصل ستكون معركة تتوافر فيها جميع الشروط والإمكانات العسكرية، ويراعى فيها الجانب الإنساني باعتبارها مدينة مأهولة بالسكان وأن الأهداف ستكون منتخبة».